التأهيل قبل التزويج


حسن ما تقوم به الصناديق الخيرية والجمعيات المجتمعية من تبني مشاريع الزواج الجماعي، ومن دون شك فان للقائمين على هذه المشاريع الاجر الكبير عند الله عز وجل، وهو ما ورد في الكثير من الاحاديث النبوية الشريفة والروايات عن المعصومين عليهم السلام.
‘,’فقد ورد في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله):
(من عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع بينهما، زوجه الله ألف امرأة من الحور العين كل امرأة في قصر من در ياقوت وكان له بكل خطوة خطاها وبكل كلمة تكلم بها في ذلك عمل سنة قيام ليلها صيام نهارها).
وعن علي عليه السلام انه قال: (أفضل الشفا عات أن تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع الله بينهما).
وعن الصادق عليه السلام: (من زوج اعزبا كان ممن ينظر الله إليه يوم القيامة).
وعن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: (ثلاثة يستظلون بظل عرش الله يوم القيامة يوم لاظل الاظله رجل زوج أخاه المسلم أو خدمه أو حفظ له سرا).
ومن دون شك ايضا فان هذا العمل يساهم بشكل كبير في صيانة المجتمع من الانحرافات التي تؤدي الى ضعفه وانهياره، ولابد من الاشادة بكل من ساهم بالمال او بالتنظيم والاعداد والعمل الميداني لتهيئة اقامة البرامج المتصلة باحتفاليات الزواج الجماعي، مهما كبر او صغر عدد المتزوجين.

غير أن التزويج بهذه الطريقة من دون بذل نفس المستوى من المال والجهود لتأهيل المقبلين على الزواج،قد يجعل كل هذه الجهود تذهب ادراج الرياح على الاقل بالنسبة لواقعنا الحياتي المعاش،اما الاجر والثواب الأخروي فهو وعد من الله عز وجل ولن يضيع،كما ان الجهود التي تبذل في التأهيل لها من الاجر ما للتزويج نفسه،من باب ثواب الاحياء \”ومن احياها فكأنما احي الناس جميعا\”.

ان المستويات المتقدمة في معدلات الطلاق في مملكتنا الغالية تشير الى ان هناك نقصا حادا في التأهيل للمقبلين على الزواج، حيث ان النسبة تشير الى تجاوز 34% وهذا يعني ان كل 34% من الجهود والأموال التي تبذل في الزواج الجماعي تهدر بعد فترة قليلة، حيث ان حالات الطلاق تتركز في الفئة العمرية 18-35 الامر الذي يتطلب دراسة وتخطيطا وجهودا مجتمعية لايقاف هذا الهدر، سيما ان خطورة هذه النسبة من الهدر على المجمتع اكبر من العائد المستثمر من وراء تزويج النسبة المتبقية، رغم ان نسبة الناجحين في زيجاتهم اكبر، ذلك لان حالات الطلاق مثلها كمثل المرض المعدي الذي ينتشر بسرعة النار في الهشيم، والمراجع للمعدل السنوي في ارتفاع نسبة الطلاق يجد انها تؤيد ذلك، حيث انها في حالة ازدياد سنوي بمعدل 1.5%، ولن تتراجع هذه النسبة الا بعمل جاد لمواجهتها.

لنا عظة من التجربة الماليزية التي ارتفعت عندها معدلات الطلاق بشكل مقلق، وبدأت ولاية ببرامج تأهيلية للمقبلين على الزواج، وقد تراجعت نسبة الطلاق في هذه الولاية بشكل واضح، مما دفع البرلمان لتبني مشروع قانون يفرض على المقبلين على الزواج المرور ببرامج تأهيلية كشرط لاتمام الزواج تماما مثل الفحص الطبي.

وفي تقديري ان الصناديق الخيرية والجمعيات التي تتبنى مشاريع الزواج الجماعي يمكن لها ان تضع شروطا لتقديم التسهيلات في التزويج، تتمثل في المرور ببرامج تأهيلية عن الحياة الزوجية، وليس في ذلك اي منة على المقبلين على الزواج لان التفكير في استمرار الحياة الزوجية اهم من التزويج ذاته.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *