الحكومة الإلكترونية..البحرين مثالا


المحتويات:
المقدمة
المفهوم والتعريف
مراحل الحكومة الإلكترونية
الطريق إلى الحكومة الإلكترونية
الحكومة الإلكترونية في البحرين
إشكالية الجاهزية
التصويت الإلكتروني
ما قبل التصويت الإلكتروني
الخلاصة
المصادر
‘,’


المقدمة
أن العالم بأسره قد دخل مرحلة متطورة ضمن آفاق عصر المعلومات بهدف الاستفادة من التقنيات المتاحة في مجال نظم وتقنية المعلومات والاتصالات، الذي أصبح المعيار الأساسي الذي تقاس به درجة تقدم الأمم في القرن الحادي والعشرين.
وقد أحدث هذا التطور انقلابا في مفاهيم وأساليب كانت حتى يوم قريب من المسلمات، فهذا التطور السريع غير المفاهيم السائدة، في أساليب التعامل على مستوى الدول والمنظمات والأفراد بحيث أصبح العالم قرية صغيرة مترابطة، وسمح بتجاوز البعد الزمني والمكاني ، ليشكل جزءا حيويا فاعلا ومؤثرا في تنفيذ هذه المعاملات.
لذا تقوم الدول بتطوير سياساتها العامة بما يتوافق ومتطلبات العصر الجديد، وبتطوير الآليات والوسائل التقنية المستخدمة لمتابعتها تنفيذا لتلك السياسات، وللإشراف على سير العمل في الإدارات الحكومة، بما يكفل القيام بمسؤولياتها وتحقيق أعلى كفاءة ممكنة لأداء العمل الحكومي لديها، ولتهيئة المناخ العام ليتوافق ويتلاءم مع التطورات العالمية المتجددة، ولينعم الوطن بمزيد من التقدم والرفاهية والمكانة الدولية.
تعود أهمية تطبيق استخدام التكنولوجيا في الأعمال الحكومية، أو ما أصبح يسمى (الحكومة الإلكترونية)، إلى ما يصحب ذلك من تطوير في كافة النشاطات والإجراءات والمعاملات الحكومية الحالية وتبسيطها ونقلها نوعيا من الأطر اليدوية أو التقنية الإلكترونية النمطية الحالية إلى الأطر التقنية الإلكترونية المتقدمة، بالاستخدام الأمثل و الاستغلال الجيد لأحدث عناصر التكنولوجيا ونظم شبكات الاتصال والربط الإلكتروني الرقمي الحديث وصولا إلى تطبيق تقنية الإنترنت، تحقيقا للتميز والارتقاء بكفاءة العمل الإداري وارتفاع مستوى جودة الأداء الحكومي عن طريق إنجاز المعاملات إلكترونيا وتوفير الوقت والجهد والمال على المستوى الوطني.
ونظرا لأن حجم القطاع الحكومي يشكل نسبة كبيرة من إجمالي القطاعات الاقتصادية في أغلب دول العالم، وكون التعامل مع القطاع الحكومي لا يقتصر على فئة دون غيرها بل يعم على كل المواطنين والمقيمين والمؤسسات وغيرها، وكون هذا التعامل متعدد في نوعيته ووسائله وكيفيته ونماذجه باختلاف إجراءاته و خطوات تنفيذه وأماكنها بين أروقة الدوائر الحكومية، جاء مفهوم الحكومة الإلكترونية كوسيلة مثلى للحكومات تمكنها من رعاية مصالح الجمهور من أفراد ومؤسسات إلكترونيا باستخدام التكنولوجيا المتطورة دون حاجة طالب الخدمة إلى التنقل بين إدارات الحكومة.

المفهوم والتعريف
ُعُرّفت الحكومة الإلكترونية بأنها قدرة القطاعات الحكومية المختلفة على تقديم الخدمات والمعلومات الحكومية التقليدية للمواطنين بوسائل إلكترونية وبسرعة وقدرة متناهيتين وبتكاليف ومجهود أقل وفي أي وقت ومن خلال موقع واحد على شبكة الإنترنت.
وقد ظهرت هناك تعريفات عديدة للحكومة الالكترونية منها:
*هي مجموعة الوحدات التي تستخدم التكنولوجيا في تقديم الخدمات والمعلومات الحكومية للأفراد وقطاع العمال بصورة أسرع ومستوى أفضل وتكلفة اقل.
*هي استخدام الانترنت والشبكة الالكترونية العالمية في تقديم المعلومات والخدمات الحكومية للمواطنين.
*هي استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تطوير الجهاز الحكومي كي يصبح أكثر كفاءة وفاعلية، وتسهيل الخدمات والمعلومات الحكومية للجمهور، وزيادة ثقة المواطنين في الحكومة.
والهدف من إنشاء الحكومة الإلكترونية هو استخدام الإمكانيات الهائلة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في زيادة قدرة الحكومة على توفير المعلومات والخدمات بسهولة ويسر كذلك التقليل من التزاحم وعدد مرات التردد على الأجهزة الحكومية وتحقيق مبادئ العدالة والشفافية الكاملة للحصول على الخدمات.وقد اتجه الفكر العالمي ممثلاً في الحكومات والمنظمات والتجمعات الدولية إلى تحقيق ذلك بما يسمى بالحكومة الإلكترونية بدءاً بتوفير المعلومات وانتهاء بإمكانية تقديم الخدمات من خلال شبكات الاتصال الإلكترونية المختلفة, وقد نتج عن تلك الرؤية عدة مشاريع تستخدم شبكات الهاتف وشبكات الحاسب الآلية, وتركز هذه المشروعات على تنفيذ عدد من مستويات تقديم الخدمة بدءاً من مجرد نشر المعلومات عن الخدمة وحتى مستوى تقديم الخدمة بكاملها بصورة إلكترونية.
كما عرفت التعاملات الإلكترونية الحكومية بأنها \”الاستخدام التكاملي الفعال لجميع تقنيات المعلومات والاتصالات، لتسهيل وتسريع التعاملات بدقة عالية داخل الجهات الحكومية (حكومة- حكومة \”G-G\”) وبينها وبين تلك التي تربطها بالأفراد (حكومة-فرد G”-“C)، وقطاعات الأعمال (حكومة-أعمال G”-“B). وتنقسم تطبيقات تقنية المعلومات والاتصالات في الجهات الحكومية إلى ثلاثة أقسام رئيسة، هي:

  1. تطبيقات منتشرة في جميع الجهات الحكومية (التطبيقات النمطية)، مثل: أنظمة شؤون الموظفين، والأنظمة المالية، وأنظمة حفظ الملفات، وغيرها.
  2. تطبيقات مشتركة بين عدد من الجهات الحكومية، كنظام طلبات الاستقدام.
  3. تطبيقات خاصة بالجهة الحكومية.
    من هذا نستخلص أن المفهوم العام للحكومة الإلكترونية يقتضي المزج الكامل بين استراتيجية تنفيذ المهام والمسؤوليات القائمة على الحكومة واستراتيجية تكنولوجيا المعلومات واتجاهاتها العالمية الحالية والمستقبلية عند وضع السياسات العامة للدولة، واتخاذ الأساليب الإلكترونية منهجا رئيسيا لآليات تنفيذ تلك السياسات والإشراف عليها، وبهذا تتكون البنية الأساسية التي تتيح للمجتمع فرصة الانتقال إلى مزيد من التقدم والمشاركة الحقيقة في حضارة القرن الواحد والعشرين التي تعتمد على الوسائل الرقمية الإلكترونية.
    [إلى الأعلى]

مراحل الحكومة الالكترونية
تختلف المرحلة التي تمر بها الحكومات الالكترونية من دولة إلى أخرى بناء على المرحلة التي تمر بها، وهناك خمس مراحل للحكومة الالكترونية:
1/مرحلة الحكومة الناشئة:
وتتصف هذه المرحلة بتواجد رسمي محدود للدولة على شبكة الانترنت، تمد الجمهور بمعلومات ثابتة لا تتجدد في فترات قصيرة، وغالبا ما تتضمن هذه المعلومات أرقام تليفونات وعناوين بعض الجهات الرسمية ومعظم الدول التي تمر بهذه المرحلة من الدول الأقل نموا من الناحية المعلوماتية.
2/مرحلة الحكومة المحسنة:
وتتصف هذه المرحلة بتزايد التواجد الرسمي للدولة على شبكة الانترنت خلال فترات قصيرة، وذلك من خلال زيادة عدد المواقع الالكترونية التي تمثلها، يضاف إلى ذلك أن محتويات المواقع الالكترونية تكون أكثر ديناميكية، ويتم تحديثها في فترات متقاربة، والمعلومات المعروضة تكون أكثر تخصصا.
3/مرحلة الحكومة التفاعلية:
يمكن للجمهور في هذه المرحلة أن يتفاعل مع المعلومات المتاحة، كما يمكن له أن يرسل الشكاوى والمقترحات إلى الجهات الحكومية، ويمكن للحكومة أن تطرح موضوعات للمناقشة وتطلب من الجمهور التصويت عليها.حتى تأخذ الحكومة بوجهات الجمهور في المشاريع المختلفة.
4/مرحلة الحكومة التعاملية:
وهي المرحلة التي تمكن الجمهور من إجراء معاملات رسمية، وشراء خدمات عبر الانترنت والدفع مقابلها، أو الحصول عليها بدون دفع في حالة كونها مجانية.
5/مرحلة الحكومة المتكاملة:
حيث يوجد في هذه المرحلة تكامل تام بين أقسام ومؤسسات الحكومة في تقديم الخدمات للجمهور الكترونيا، من اقل مستوى حكومي إلى أعلى مستوى، ولذا إذا كانت هناك خدمة تحتاج إلى موافقة أكثر من جهة حكومية تتم بطريقة الكترونية بالتعاون فيما بينها دون حاجة لمرور الفرد عليها جميع.

الطريق إلى الحكومة الالكترونية
أجمع خبراء عرب ودوليون في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على أهمية إسراع الدول العربية في انجاز مشاريع التطوير الإداري لتحقيق أهداف الحكومة الالكترونية وتعزيز الموارد البشرية في دعم خطوات الحكومة الالكترونية.

وان التطور الشامل في تطبيق الحكومة الالكترونية مرتبط بالتركيبة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وان برامج التطوير هي تلك البرامج التي تضع أولويات التطوير لتعكس القدرات البشرية وتوقعات المستفيد.

أن وسائل وإجراءات الحكومة الالكترونية وسائل متممة للوسائل التقليدية في التعامل مع الحكومة وليست بديلاً مطلقاً عنها كما يحلو لعدد كبير من المتحمسين للتكنولوجيا أن يصرحوا\”.

وذكر أن الحكومة الالكترونية هي وسيلة لإعادة اختراع العمل الحكومي أو إعادة هندسته بشكل جذري من خلال وسائل جديدة لتكامل المعلومات وتوفيرها عبر الانترنت, سواء كان ذلك لأغراض المشتريات الحكومية أو تقديم الخدمات.

ومعظم دول المنطقة التي لم تعر جوانب الإصلاح الإداري والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية ما يكفي من اهتمام, لم تسجل حتى الآن نجاحات متكاملة على مستويات وطنية للحكومة الالكترونية.
إذن هناك ثمة متطلبات عديدة لبناء الحكومة الالكترونية، تقنية وتنظيمية وإدارية وقانونية وبشرية، وهنا أهم ثلاث متطلبات أشار إليها الكثير من الخبراء في هذا الحقل، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
1 – حل المشكلات القائمة في الواقع الحقيقي قبل الانتقال إلى البيئة الالكترونية، وللتمثيل على أهمية هذا المتطلب نضرب المثال بشان محتوى الحكومة الالكترونية، إذ يجب على الحكومات أن تقوم بتوفير المعلومات اللازمة بمواطنيها عبر الانترنت. حيث يجب أن تتواجد سياسية يتم بموجبها تحديد جميع الوثائق والمعلومات والنماذج الحكومية مباشرة عبر الانترنت. وباختصار كلما ظهر وثيقة حكومية جديدة أو معلومات جديدة يجب وضعها مباشرة على الانترنت. وفي هذا الإطار فان اكبر مشكلة تواجهنا هي مشاكل التوثيق القائمة في الحياة الواقعية، إذ ليس ثمة نظام توثيق فاعل يضع كافة وثائق العمل الحكومي في موضعها الصحيح بالوقت المطلوب، فإذا ما كان هذا واقع العمل الحقيقي فان من الخطورة الاتجاه لبناء الحكومة الالكترونية قبل إنهاء المشكلة القائمة في الواقع غير الالكتروني .
2 – حل مشكلات قانونية التبادلات التجارية commerce وتوفير وسائلها التقنية والتنظيمية، ذلك أن جميع المبادلات التي تتعامل بالنقود يجب وضعها على الانترنت مثل إمكانية دفع الفواتير والرسوم الحكومية المختلفة مباشرة عبر الانترنت ، وجعل هذه العملية بينية بمعنى أنها تردد لتشمل كل من يقوم لأداء التعاملات التجارية مع المؤسسات الحكومية.
3 – توفير البنى والاستراتيجيات المناسبة الكفيلة ببناء المجتمعات، فبناء المجتمعات يتطلب إنشاء وسيط تفاعلي على الانترنت يقوم بتفعيل التواصل بين المؤسسات الحكومية وبينها وبين المواطنين وبينها وبين مزويدها. بحيث يتم توفير المعلومات بشكل مباشر عن حالة أية عملية تجارية تم تأديتها في وقت سابق إضافة إلى استخدام مؤتمرات الفيديو لتسهيل الاتصال بين المواطن والموظف الحكومي.
وللوصول إلى تطبيق ناجح للحكومة الإلكترونية ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار الجوانب التشريعية والإدارية والفنية والإنسانية وان هنالك بعض العقبات التي تواجه تطبيق الحكومة الإلكترونية من أبرزها الأمية الإلكترونية والحاجز الرقمي وضعف البنية التحتية للاتصالات والمعلومات وعدم مواكبة التشريعات والنظم الإدارية للمستجدات وضعف الوعي العام بأهمية ومزايا تطبيقات الحكومة الإلكترونية.
لذلك يجب وضع رؤية واستراتيجية واقعية للحكومة الإلكترونية على مستوى الدولة وخطة عمل يقوم بأعدادها فريق عمل متوازن من جميع التخصصات. يتم من خلالها تحديد الأولويات وتوفير الموارد المالية اللازمة والحصول على دعم الإدارة العليا وتوفير بنية تحتية للاتصالات والمعلومات تضمن حق كافة فئات المجتمع في استخدامها وتوفر الحد الأدنى من الخدمات لجميع المناطق وإعادة النظر في أسعار تلك الخدمات بحيث تكون في متناول الجميع وإعادة هيكلة البناء التنظيمي للأجهزة الحكومية ومراجعة التشريعات القانونية والأنظمة واللوائح وتبسيط الإجراءات وتوفيرها للمستفيدين بما يتلاءم مع تطبيق الحكومة الإلكترونية.
ويشير البعض إلى أبعاد أربعة تحكم نجاح الحكومة الإلكترونية العربية وهي: البعد المجتمعي، القانوني والتشريعي، الهيكلي والتنظيمي، التقني. ويقول عن البعد القانوني إن العديد من مديري التكنولوجيا يبدؤون بتصميم الخدمة الحكومية الإلكترونية بناءً على ما هو حلال تقنياً والذي قد يكون في حالات كثيرة حراما قانونياً.

كما أن هنالك تأكيدا على ضرورة وجود حماية أمنية للحكومة الالكترونية، فبعد أن يتم بناء الهيكل الإلكترو-حكومي سوف يصبح من الضروري حمايته من المتطفلين وجماعات التخريب، والحفاظ على خصوصية المواطن، ومن الضروري جعل مفهوم \”حدود البلاد الالكترونية\” والتي يجب المحافظة عليها تماماً مثلما يتم الآن المحافظة على حدود البلاد الجغرافية.ويجب عدم الاستهانة بمسؤولية الأمن المعلوماتي في الدولة وأجهزتها الحكومية واعتبار أنها مسؤولية جزئية من مسؤوليات إحدى الإدارات العامة، وإنما ينبغي دراسة إمكانية تطوير تشكيلات جديدة داخل الحكومة مثل وحدة الأمن المعلوماتي والرقابة الأمنية المعلوماتية من أجل السهر على أمن البلاد الإلكتروني.

الحكومة الالكترونية في البحرين
دشنت البحرين موقع «باب البحرين الإلكتروني» الذي يأتي كخطوة هامة ورئيسية في تطبيق الحكومة الإلكترونية في مرحلتها الثانية، بعد أن كانت البحرين قد بدأت المرحلة الأولى في عام 2004، ومن المنتظر أن تستمر هذه المرحلة ثلاث سنوات.
وستمكن الخطوة التقنية البحرينية التي تم اتخاذها المواطنين والمقيمين والمستثمرين والسياح من إنجاز ما يحتاجونه من معاملات من خلال باب البحرين الإلكتروني تماما، وستختص المرحلة الثانية التي بدأت للتو وستنتهي خلال فترة ثلاث سنوات، بنشر المعلومات عن مواقع الإنترنت إلى مرحلة التفاعل وإدخال جميع البيانات على الشبكة من قبل المواطنين لتبدأ المرحلة الثالثة وهي مرحلة التفاعل الفعلي وإنجاز المعاملات التي تقدمها الحكومة عن طريق الإنترنت أو الهاتف أو المكاتب المعلوماتية ومن ثم يتم الانتقال إلى المرحلة الرابعة والنهائية التي سيتم فيها استكمال المشروع وتكامل الخدمة الإلكترونية وتبادلها من خلال الربط بين جميع الوزارات وجعلها في متناول المواطنين
من اللافت أن مشاريع الحكومات الالكترونية مرّت في المنطقة العربية من دون إثارة نقاش داخلي كبير فيها. وبهذا المعنى، تشكّل البحرين نوعاً من الاستثناء، إذ أدى إعلان العزم على التحوّل إلى الحكومة الالكترونية إلى إثارة نقاش محتدم.
وترابطت ثلاثة أمور معاً لتشكل الهيكل العام لمُخطّط إنشاء حكومة إلكترونية في البحرين.
وفي المقابل، ظهرت ثلاثة أمور أُخرى شكلت انتقادات أساسية لذلك المُخطّط! وأدى هذا التضارب إلى إثارة جدل في البحرين حول الحكومة الالكترونية.

وزاد النقاش احتداماً، مع إعلان الحكومة إنشاء موقع رسمي لإنجاز المعاملات بصورة رقمية، أي من دون حاجة للاتصال المباشر مع الموظفين، ولا لاستعمال الأوراق.
ظهرت أول بادرة ساهمت في بلورة الحكومة الرقمية، حين اقترحت البحرين على «مجلس التعاون الخليجي» إصدار بطاقة ذكية لمواطنيها، بمعنى البطاقة الالكترونية التي تحتوي معلومات أساسية عن كل مواطن.

وسرعان ما بدأت البحرين في إصدار تلك البطاقات بصورة تجريبية. وراج تصوّر مفاده إن البطاقة تمثّل بديلاً للوثائق الفردية المتعددة مثل بطاقات السجل السكاني ووثائق الهجرة والجوازات التي تسمح بالتنقل بين دول الخليج، ورخص قيادة السيارات والحافلات وغيرها. وذُكِر أيضاً أنها تشكل بطاقة ائتمان، وكذلك تحتوي على معلومات أخرى مثل فصيلة الدم، ما يجعلها صالحة للاستعمال في مواقع عدة. وساد اعتقاد بأن استخدام البطاقة الذكية يختصر قدراً هائلاً من الوقت والجهد. و أن تلك البطاقة هي بمثابة جسر إلكتروني يربط البحرين ببقية دول مجلس التعاون، كمثل ارتباطها مع تلك الدول بجسور فعلية معها.
أعلن في 27/3/2005م أن مشروع إصدار بطاقات ذكية لمواطني البحرين سيكتمل في نهاية العام. وأن الدفعة الأولى من هذه البطاقات صدرت في يناير من نفس العام، وأن كل دفعة ستضم ثلاثين ألف بطاقة.. وسيتم الانتهاء من إصدار البطاقات لجميع المواطنين والمقيمين بنهاية العام 2005م. وأن كلفة إصدار هذه البطاقات بلغت 2.4 مليون دينار (حوالي ستة ملايين دولار). وكانت البحرين أعلنت في 2003 عزمها على إصدار بطاقات ذكية لمواطنيها وللمقيمين تعتمد البصمة الوراثية وتجمع كل بطاقات الهوية وجواز السفر والبطاقات المدنية ورخص السياقة والسجل الصحي والسجل المدني في بطاقة واحدة. ويمكن استخدام هذه البطاقة أيضا كبطاقة ائتمانية. لكن هذا المشروع الذي يعتبر الركيزة الأولى في مشروع الحكومة الالكترونية،لا يزال في.

ومثّل تزايد انتشار مراحله الأولى، وهو ما يؤكد يراجع خطوات الحكومة الالكترونية في البحرين التجارة الإلكترونية، على رغم محدوديتها في البحرين، عنصراً آخر في رفع الحماسة لتبني مشروع الحكومة الالكترونية. فالحال أن التجارة الالكترونية، بحد ذاتها، تتيح المجال أمام حركة واسعة من التبادلات التجارية، وخصوصاً بين الشركات والمؤسسات التجارية والحكومية وغيرهما.
وفي البحرين، ينتشر الدفع الآلي للمصارف، إضافة إلى التسديد المؤتمت لفواتير شركات الاتصالات. على أن البلاد لا تزال بعيدة من النقطة التي بلغتها التجارة الإلكترونية في الدول الأكثر تقدماً. ففي تلك الدول، يشتري المستهلك قدراً هائلاً وأساسياً من احتياجاته عبر مطالعة مواقع التسوق الإلكتروني واقتنائها من دون الحاجة لزيارة المحال نفسها. وينطبق الوصف عينه على شراء الكومبيوترات، والأدوات الكهربائية وحتى السيارات. بل إن أسواق الأغذية نفسها باتت توفر الكثير من الخدمات للمستهلك من دون احتياجه للذهاب إلى المحال نفسها وغيرها.

وفي المقابل المحلي، فلا يزال البحريني ميّالاً للذهاب إلى مواقع البيع للمعاينة شخصياً، وإن كانت بعض الشركات البحرينية للسيارات باتت تطلب من زبائنها معاينة مواقعها الإلكترونية لتحديد اختياراتهم قبل قدومهم إلى معارض البيع الأصلية.
وفي اتجاه آخر، يميل بعض الخبراء البحرانيون إلى القول أن هذه الميول المحلية لا يجب أن تحجب اتساع نطاق التجارة الإلكترونية كنشاط اقتصادي مُعاصر.
وجاء المحفّز الأهم لمشروع الحكومة الالكترونية مع إعلان الشيخ أحمد آل خليفة، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، عن خطة لإنجاز المعاملات الرسمية عبر نظام الحكومة الإلكترونية.و قد تم حصر الخدمات المقدمة من الحكومة ليصل عددها إلى 2700 خدمة، يمكن توفير 50% منها إلكترونيا. كما تم حصر جميع الخدمات التي يستفيد منها المواطنون والمقيمون وسيتم توفير 20 خدمة منها قبل نهاية العام الجاري، وذلك من خلال ‘’بوابة الحكومة الإلكترونية’’ التي سيتم ربط جميع شبكات الوزارات والمؤسسات الحكومية بها. ويضيف عطية الله أن طريقة الدفع في الموقع تتم الآن من خلال بطاقات الائتمان، كما وأنه من خلال استخدام بطاقة الهوية الذكية سيتم فيها إنشاء محفظة إلكترونية تحمل رصيدا من المال يمكن للمواطن من خلاله دفع الرسوم كافة.

إشكالية الجاهزية
برزت انتقادات متنوعة لمخطط الحكومة الالكترونية في مملكة البحرين. وتركزت حول أمور ثلاثة. فبرزت أولاً انتقادات ذات طابع تقني حول الموقع الذي أنشأته الحكومة نفسها لكي تقدم خدماتها عبر الوسيط الرقمي.

وأهم تلك الملاحظات هو الشعور بأن الموقع لا يتسم بالسهولة في الاستعمال ولا بالوضوح اللازم، وخصوصاً عند مقارنته بمواقع خليجية مشابهة، مثل الموقع القطري الذي يتسم بيسر في العرض وإعطاء المستخدم الفرصة للوصول إلى احتياجه بسرعة. وظهرت ملاحظة أخرى تتصل بالضوابط المُتّخذة لضمان أمن المستخدم. ولاحظ البعض أيضاً أن كل نقرة على رابط في الموقع يعقبها سؤال عما إذا كان المستخدم يود الانتقال إلى ذلك الرابط، ما يضفي شيئاً من البطء غير المُبرّر.
وثمة من انتقد أيضاً مدى جاهزية البحرين إلكترونياً. فقد بيّن موقع «معلومات الشرق الأوسط التجارية» نقلاً عن «دائرة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية» في الأمم المتحدة، أن دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الـ 42 في العالم من ناحية جاهزيتها للحكومة الإلكترونية. كما تحتل المركز الأول بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تقدمت 18 مركزاً عن عام 2004 إذ كانت في المرتبة 60 وتقدّمت الكويت من المركز100 عام 2004 إلى المركز 75 في العام 2005 وقطر من المركز 82 إلى المركز 62، وتقدمت المملكة العربية السعودية من المركز الـ 90 إلى المركز الـ 80 على مستوى العالم. وفي المقابل، تراجعت البحرين من المركز الـ 46 عام 2004 إلى المركز الـ 53 عام 2005!
وبحسب تقرير لمجموعة «المدار» المتخصصة عام 2002، تفوقت البحرين والإمارات على سائر دول مجلس التعاون بنسبتي انتشار الحاسوب ومستخدمي الإنترنت.
وحينها، بلغ عدد أجهزة الكومبيوتر المستخدمة 107 آلاف جهاز في البحرين مقابل 450 ألفاً في الإمارات، بينما اقتنى الإماراتيون 900 ألف جهاز مقابل 150 ألفاً للبحرينيين. وعلى الرغم أن البحرين لم تكن أول دولة عربية في استخدام الإنترنت، إلا أنها كانت من أوائل الدول التي أدخلت الاستخدام التجاري للإنترنت (1995) وكانت الثانية بعد الكويت التي تبنت الاستخدام التجاري عام 1994.
وشعر بعض البحرينيين بأنهم لم يتمكنوا من المحافظة على هذه الوتيرة من التقدم، وتشكل تلك العوامل مع عوامل أخرى مجتمعة أسس الحكم لمدى جاهزية أي بلد للدخول في عالم الحوسبة ولإقامة الحكومة الإلكترونية.
وأيّد البعض انتقاداتهم لمشروع الحكومة الالكترونية بإثارة سؤال عن مدى تقدّم المملكة على مستوى استخدام الكومبيوتر، خصوصاً إنها اقتصرت في خدماتها على سكانها المقيمين ولم تدخل القوة العاملة الوافدة في الحسبان.
ويبلغ عدد العمالة الوافدة تقريباً 400 ألف وافد. وتتضاعف أهميتهم في مجال تطبيق استخدامات الحكومة الإلكترونية حين النظر في كونهم قطاعاً منتجاً يعتمد عليه الاقتصاد، ولا يمكن تصوّر أن يتطور قطاع الأعمال في ظل عدم كفاءة هذا الجزء من السكان. إن استخدامات هؤلاء للحكومة الإلكترونية تبدأ قبل وصولهم إلى البحرين، أي مع إجراءات استخراج فيزا للقدوم للمملكة، وتستمر مع استمرار إجراءات التجديد، ومع اندماجهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البحرين. ويشكلون سوقاً هائلاً لمنتجات وخدمات لا تحصى مثل استخدام هواتف، استهلاك إلكترونيات، خدمات مالية داخل البحرين ومع بلدهم الأم وغيرها. وترتبط مدى كفاءة التعامل مع هذا الطلب بمقدار محو الأمية الكومبيوترية لتلك الآلاف من اليد العاملة، وثانياً (وهو الأهم) بوجود اتصال من بيوتهم مع شبكات الإنترنت، وثالثاً مع امتلاكهم أجهزة تكون أسعارها في متناول مداخيلهم المحدودة.
ويدلل المشككون في جاهزية الحكومة الالكترونية في البحرين بتراجع تصريحات مسئولين رسميين فقد نشرت الجرائد المحلية بتاريخ 23-6-2001 بأن مشروع الحكومة الإلكترونية والمشاريع المصاحبة له ستنتهي في العام 2004
وقد أعلن المصدر نفسه خلال شهر يونيو حزيران2006 أن هذا المشروع سينتهي بعد 36 شهرا من تاريخه أي بعد ثلاثة أعوام تقريبا، ولكنه في هذه المرة رفض أن يحدد تاريخا معينا لتدشين المشروع.

التصويت الالكتروني
أعلنت حكومة البحرين، وضمن برنامجها للحكومة الالكترونية، أنها ستنفذ مشروع التصويت الالكتروني في الانتخابات القادمة، التي يفترض إجراؤها قبيل نهاية عام 2006م، الأمر الذي أثار جدلا في الساحة السياسية والتقنية والاقتصادية في مملكة البحرين حول فرص النجاح لهذه التجربة، إضافة إلى تخوفات كبيرة من أن التصويت الالكتروني قد يؤدي إلى أخطاء في نتائج الانتخابات فيثر حالات من التشكيك في النتائج.
يذهب المؤيدون إلى إجراء التصويت الالكتروني إلى أن تسليم جون كيري بهزيمته أمام جورج بوش الثاني من دون اللجوء إلى الطعن أو مجرد التفكير بإعادة جرد الأصوات الانتخابية، يعني إضفاء مزيد من الثقة والأمان على نظم التصويت الالكتروني، التي اعتمدتها الولايات المتحدة الأميركية في شكل واسع أخيراً، قبل أن يدل على مدى صدقية العملية الانتخابية وإجراءاتها المرعية.
وبذلك، فرضت تكنولوجيا الاتصال الحديثة وجودها في الساحة السياسية الدولية من طريق صناديق الاقتراع بعد عملية مخاض فاز فيها أنصار توسيع رقعة استعمال التقنية الحديثة لتشمل كل مناحي الحياة اليومية.

إن تسجيل أصوات الاقتراع باستخدام شبكات المعلومات والكومبيوترات فكرة مطروقة من قبل. ويتم ذلك من خلال الانترنت والبريد الالكتروني والرسائل القصيرة SMS والتلفزيون الرقمي أو عبر آلات الكترونية خاصة تعتمد على البطاقات المثقبة أو وحدات المسح البصري أو التسجيل الالكتروني المباشر.
وعلى رغم أن الولايات المتحدة استخدمت آلات تصويت الكترونية في الانتخابات الرئاسية عام 1978 على نطاق محدود، فإن نظام التسجيل من خلال تقنية لمس الشاشة،استخدم في كسب أصوات غالبية المقترعين في الانتخابات الأخيرة، وخصوصاً في ولاية نيفادا التي فشلت فيها بعض الآلات في فرز الأصوات، لكن لم تحدث ضجة تذكر مقارنة بولاية فلوريدا في انتخابات عام 2000 عندما فشلت تقنية البطاقات المثقبة في معرفة خيار الناخبين.
وسبق لمدن أوروبية عدة استعمال الانترنت في التصويت الالكتروني لمواضيع محلية مثل الانتخابات البلدية. ولهولندا الريادة في هذا المجال، إذ استحوذ التصويت الالكتروني على80 في المئة من عمليات الاقتراع.
وشجعت انتخابات دويلات سويسرا مثل جنيف ونيوشاتل وزوريخ وأنيير الناخبين، وفي شكل خاص الشباب وكبار السن منهم، على اختيار هذه الطريقة في التصويت لرفع نسبة المقترعين. ودفعت النتائج المتفائلة بالمعنيين إلى اعتماد التصويت الالكتروني في شكل رسمي. وبين استطلاع للرأي شمل ألف سويسري أن 72 في المئة منهم يرغبون في التصويت عبر الانترنت.
ويسّر استعمال الشبكة الدولية للكومبيوتر في التصويت السبل للمغتربين في المشاركة في أي انتخابات تجرى في بلدهم الأم لتعزيز حقوقهم السياسية.
وعلى الأرجح أن صنّاع تكنولوجيا المعلومات والشركات المتخصصة في صدد دراسة ما أفرزته التجربة الأميركية الأخيرة، والتي أثبتت نجاحها، بعدما أبدت الولايات المتحدة عزمها على استعمال البطاقات الالكترونية لجذب 75 في المئة من الناخبين بحلول عام 2010، ما يعني ايلاء أهمية خاصة لهذا القطاع في السنوات المقبلة، وبخاصة للبرامج والوحدات الطرفية التي تفرضها مراحل عملية التصويت لدى استخدام أحدث صيحات التكنولوجيا كما في تقنية لمس الشاشة.
وقد تحسم دول أخرى هذا التوجه بركوبها قطار التصويت الالكتروني. وها هي البرازيل بناخبيها الـ115 مليوناً تنوي خوض التجربة عندما أعلنت عن حاجتها إلى اقتناء عدد كبير من آلات لمس الشاشة لقيادة عملية الاقتراع. وربما تدخل الدول النامية على الخط إذا ما توافرت الاعتمادات اللازمة التكنولوجيا المطلوبة.
والمشكل الرئيس في ترجيح خيار التصويت الالكتروني في الانتخابات مستقبلاً، هو افتقار الكثير من الدول النامية إلى الإرادة السياسية التي تنظر إلى آراء ناخبيها وتوجهاتهم نظرة محترمة، إضافة إلى الأمية المعلوماتية وتدني شعبية شبكة الانترنت، الوسيلة السهلة والمتوافرة لاستعمالها في عملية التصويت لاستقطاب فئات المقترعين على اختلافها وتنوعها.

يعتقد أن استعمال تقنيات التصويت الإلكترونية، سواء عن طريق المواقع على الإنترنت الآمنة أو حتى عن طريق الرسائل النصية SMS،يعني زيادة في الإقبال أكثر من الوسائل الأخرى العادية. فعلى الأقل لن يتكبد الناخب عناء الانتقال إلى مراكز الاقتراع من أجل التصويت.
في العديد من الدوائر الانتخابية يمكن أن تسبب هذه التقنية فرقاً بين الفوز والخسران. ففي غرب كاردف في انجلترا، وهي الدائرة الانتخابية الأكثر ارتباطاً في المملكة المتحدة من ناحية الناخبين المتصلين بالإنترنت المنزلي الواسع النطاق، كان الإقبال فقط 57 بالمائة. ولربما كان جزئياً بسبب أن يكون مقعد حزب عمل آمن جداً ولكن مع العديد من الناخبين اللا مبالين على الإنترنت هناك مجال حقيقي لزيادة الإقبال في عموم البلاد. وربما أن الديموقراطيين الليبراليين المؤيدين والمحافظين لم يعتقدوا بأن الأمر يستحق الانتقال إلى المركز الانتخابي أو حتى إلى صندوق البريد ولكنّهم قاموا بالاتصال من منازلهم.
ويقترح أحد البحوث التي صدرت مؤخراً حول هذا الموضوع أن استعمال التقنيات الجديدة سيزيد من الإقبال على الانتخابات، حيث أدلى ربع الناخبين (25 بالمائة) بأنهم سيصوّتون على الأرجح إذا أمكنهم القيام بذلك من خلال رسائل الجوال SMS. كما أن ثلثهم تقريباً يفضل التصويت عن طريق شبكة الإنترنت (32%) أو عن طريق الرسائل البريدية الإلكترونية (30%). وحتى إذا كان تأثير التصويت الإلكتروني غير كافٍ لذبذبة النتيجة تذكّر أن هناك مناطق سيقوم المؤيدون فيها من كلّ الأطراف بالتصويت على الإنترنت بأعداد متساوية تقريباً.. لكن بالنظر إلى أسوأ الاحتمالات
غير أن ورقة علمية متخصصة أكدت أن أسباب نجاح التصويت الالكتروني في البحرين تكاد أن تكون معدومة مستدلة بما انتهى إليه فريق متخصص تم تكليفه بتقييم تجربة التصويت الالكتروني في الولايات المتحدة الأمريكية.
واستندت إلى دراسة متخصصة قام بها معهد المهندسين الكهربائيين والالكترونيينIEEE في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية عام 2001م في مجال التصويت الالكتروني وذلك إثر الجدل الذي حصل حول نتيجة الانتخابات الرئاسية بين كلا من الرئيس جورج بوش ومنافسه آل جور، وذلك لرفع النتائج والتوصيات حول مدى إمكانية اعتماد التصويت الالكتروني في الانتخابات المستقبلية.
فبعد انتهاء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2000م أثيرت الكثير من الإشكالات حول مدى صحة النتائج النهائية من خلال استخدام التصويت الالكتروني، وقد وجهت اتهامات من عدة أطراف إلى الإدارة الأمريكية مفادها أن النتائج لم تكن تعكس رغبة الناخبين ولا الاستطلاعات التي أجريت قبل الانتخابات بفترة قصيرة مما يشير إلى إمكانية وجود عملية تزوير أو تلاعب في النتائج خصوصا وأن تلك الانتخابات كانت هي الأولى التي يستخدم فيها نظام التصويت الالكتروني بشكله الواسع في الولايات المتحدة الأمريكية.
إن العمل في المحور التقني لهذه الدراسة استمر قرابة الأربعة أشهر وتركز على عشرة جوانب فنية وهي نوع الأجهزة المستخدمة ومصدرها، والبرامج المستخدمة وطرق معالجة المعلومات فيها، والفريق المسئول عن تشغيل الأجهزة والبرامج، والفريق المسئول عن الصيانة، والأجهزة الأساسية في الشبكة المستخدمة، وعناصر الأمان، والاحتياطيات والبدائل، وصحة المعلومات المستخدمة، وكيفية تدقيق وتوثيق المعلومات والنتائج ومن هي الجهة التي قامت بهذا العمل.
وقد خلصت الدراسة إلى نتائج مهمة يمكن تلخيصها في أن استخدام تكنولوجيا المعلومات واستغلال الشبكة العنكبوتية سهل وسرع إنجاز العملية الانتخابية، وأن التقدم الحاصل في وتكنولوجيا المعلومات ولا سيما البرمجة من المفترض أن يقلل من نسبة الأخطاء الناتجة عن استخدام الأساليب اليدوية، إلا أن استخدام التصويت الالكتروني لم يساعد على زيادة إعداد الناخبين بل على العكس من ذلك، وأنه حتى مع افتراض صحة المعلومات التي اعتمد عليها التصويت، فأنه لا يمكن الجزم بصحة النتائج المحصلة من خلال استخدام الشبكة المفتوحة (الانترنت) نظرا لكثرة المخاطر فيها وانعدام عنصر الأمان بنسبة لا تقل عن 60%، وان الأجهزة المستخدمة في العملية الانتخابية لم تخضع لتجربة فعلية من قبل مما يجعل احتمال وجود أخطاء أو عيوب في نتائجها أمر وارد، وأن الأجهزة وقاعدة البيانات المستخدمة تم شرائها وبرمجتها تحت إشراف جهة حكومية هي داعمة لطرف في العملية الانتخابية مما يثير مستوى من الشك والريبة.
كما خلصت الدراسة إلى أن التدقيق التتابعي (Audit Trail ) لم يكن متوفرا أو لم يفعل في أجزاء عدة من البرامج المستخدمة، وأنه لم يستطع الفريق من التأكد من عدم وجود نسخة أو نسخ أخرى من قاعدة البيانات الرئيسية قد تم استخدامها للتلاعب في النتائج، ووجد اكثر من حالة عدم تتطابق بين عدد الأصوات المطبوعة وبين التي أعلنت بعد انتهاء العملية الانتخابية مباشرة.
وقد أوصت بأنه لا يمكن اعتماد نتائج التصويت من خلال الشبكة العنكبوتية (الانترنت) نظرا لفقدان عامل الطمأنينة بالنسبة لعنصر الأمان على الشبكة، و بضرورة العمل على نشر الوعي الخاص باستخدام التصويت الالكتروني بين المواطنين قبل العملية الانتخابية بوقت كاف، وضرورة توفير المعلومات الخاصة بالعملية الانتخابية للجميع وان تكون معلنة قبل البدء بالعملية الانتخابية بفترة كافية، وأنه لابد من مراعاة المستوى الثقافي والاجتماعي لمن يفترض فيهم استخدام التصويت الالكتروني حيث قد يكون الإقبال مختلف من منطقة إلى أخرى.
كما أوصت الدراسة أيضا بضرورة أن يتم اختيار الجهة القائمة على العملية الانتخابية من قبل فريق مشترك يمثل كل القوى السياسية المتنافسة في الانتخابات، وأنه يجب التأكد من توفر وتفعيل عنصر التدقيق التتابعي (Audit Trail ) في كل البرامج المستخدمة في العملية الانتخابية وتحت الإشراف الكامل للفريق القائم على إدارة الانتخابات، وأنه لا يحق لأي طرف من الأطراف المتنافسة أن يحصل على أدوات الوصول إلى هذه البرامج عن بعد.
وأوصت الدراسة كذلك بضرورة طباعة نسخة من بطاقة التصويت لكل شخص (ناخب) يستلمها بيده ويضعها في صندوق الاقتراع بعد التأكد أنها مطابقة لما اختار على الشاشة، وبضرورة أن تكون كل الأجهزة التي ستستخدم لمعالجة البيانات (الأصوات) قد تم توصيلها وبرمجتها تحت إشراف الجهة القائمة على الانتخابات.
إذا كانت التوصيات بالنسبة لعملية تمت في أمريكا ورغم وجود البنية التحتية وعناصر الأمان المتقدمة هي سلبية إلى درجة أن يصدر قرار (Resolution ) ينصح بعدم التسرع في تطبيق هذا النوع من التصويت، فكيف هو الحال بالنسبة لدولة مثل البحرين التي تعاني من فقدان أهم العناصر الأساسية لنجاح مثل هذه المشاريع وهو عنصر الثقة بين مختلف الأطراف المعنيــة، إضافة إلى ضعف البنية التحتية الخاصة بالتقنية في البحرين فرغم كل الجهود والمحاولات المستمرة لوضع البحرين في مقدمة الدول المستخدمة للتقنية و رغم الانفتاح الحاصل في سوق الاتصالات في البحرين إلا أن الواقع يقول إن خدمة الانترنت لازالت محتكرة بنسبة 92% من قبل شركة بتلكو الخاضعة لسلطة الدولة.
ومع أن البحرين أعلنت الدخول في عصر الحكومة الالكترونية، إلا أن موقع الدولة الخاص بذلك لا يعمل بنسبة كبيرة لغاية الآن والمعلومات الموجودة فيه ليس لها علاقة بالحكومة الالكترونية على الغالب، كما أن هناك حديث بأن الانتخابات ستجري في شهر نوفمبر و لكن لحد الآن لا يعرف أحد الأجهزة التي ستستخدم ولا البرامج ولا الكيفية التي سيتم من خلالها تطبيق التصويت الالكتروني بالإضافة إلى أن المواقع الرئيسية لثلاث من وزارات المملكة كانت معطلة لفترات طويلة خلال الفترة الماضية بسبب أعطال تتعلق بالأمن!!
وهناك شواهد على اختراقات حصلت لعمليات تصويت على أجهزة تعتبر الأحدث من نوعها على مستوى العالم في تجارب ميدانية حيث أثبت أحد مناهضي التصويت الالكتروني إمكانية تغيير النتائج عن بعد خلال عرض أمام عدد من موظفي الشركة التي أنتجت الجهاز، وخناك أوراق علمية منشورة تثبت وجود 120 عيب لأجهزة تصويت تم استخدامها في الانتخابات الأمريكية الأخيرة!
أضف إلى ذلك وجود عمليات قرصنة تعرض لها عدد من البنوك المحلية فضلا عن العالمية وأن عددا منها يخشى الإفصاح عنها لأسباب تتعلق بالسمعة، فضلا عن أن هذه البنوك تصرف مبالغ خيالية للعمل على حمايتها من القرصنة ولكنها لا تفلح كلها في ذلك!
ثم إن الكتلة الانتخابية في البحرين لم تتعد 243 ألف ويمكن عد الأصوات وإعلان النتائج بعد ساعات بكل سهولة، وتجربة الكويت الأخيرة أثبتت الانتهاء من عد الأصوات وإعلان النتائج لكتلة انتخابية مقدارها 340 ألف بكل سهولة بعد وقت قصير وهذا يثبت عدم الحاجة الملحة لتقليص الوقت.
أن هناك حاجة ملحة لدراسة كافة مشروع التصويت الالكتروني من دراسة للجدوى والمواصفات وعمليات وتفاصيل فنية معقدة وعنصر الأمن واحدا بواحد قد لا تتوفر مع ضيق الوقت لإجراء الانتخابات.
و أن استعانة الجهاز المركزي للمعلومات بلفظة فضفاضة في قانون مباشرة الحقوق السياسية (وبالوسائل الالكترونية) ليس لها مصداق فني قانوني، فهناك تفاصيل كثيرة سيعجز القاضي رئيس اللجنة الانتخابية عن التعامل معها من حيث بطلان أصوات الكترونية وتحديد أصحابها، كما أن قانون المعاملات الالكترونية لا علاقة له بالانتخابات

ارجع البعض شكه في نجاح التصويت الالكتروني وذلك لعدم وجود غطاء قانوني مناسب وحقيقي إلى جانب اعتماد الحكومة على فريق لا يملك المصداقية ولا الثقة ولم ينفذ أي مشروع تقني ناجح سابق خلال تاريخه. هذا إلى جانب عدم وضوح الرؤية لدى الحكومة في كيفية تنفيذ آلية التصويت الإلكتروني.

إضافة إلى أن من المسلمات لدى كافة المتخصصين في تقنية المعلومات والمبرمجين أن كل أجهزة الحاسوب وبرمجياتها قابلة للاختراق، وإذا اتصلت هذه الأجهزة بشبكة الإنترنت أو أية شبكة حاسوبية عمومية أو داخلية فان إمكانية اختراقها تتزايد.

ما قبل التصويت الإلكتروني
لاشك أن للتصويت الإلكتروني ايجابيات عديدة، فهو دليل تقدم الدول والمجتمعات وأخذها بأسباب التقدم التقني، واستخدام التقنية في التصويت وجعله إلكترونيا يوفر الكثير من الوقت والجهد أثناء عملية التصويت وفي فرز الأصوات وإظهار النتائج وقد يغني الناخب عن التوجه إلى مراكز الاقتراع في حالة تطبيق التصويت الإلكتروني على الإنترنت.

وقد طبقت بعض الدول (القليلة جدا جدا) التصويت الإلكتروني في انتخاباتها العامة وطبقته دول أخرى في بعض جوانب العملية الانتخابية وبعض ولاياتها، ولكن لا يجب أن ننسى أن تلك الدول قد أعدت العدة الجيدة للتصويت الإلكتروني قبل سنوات من تطبيقه من حيث إصدار القوانين المنظمة للتصويت الإلكتروني ومن حيث توعية وتثقيف الناخبين والإعداد الجيد للقضاة المشرفين على الانتخابات والأخذ في الاعتبار كل الملحوظات التي أبدتها الأطياف السياسية والتقنية، ومن حيث ايجاد الضمانات البديلة في حال فشل الأجهزة وبرمجيات التصويت الإلكتروني عن أداء مهامها لسبب أو لآخر، ولم تنس تلك الدول أن تتميز بالشفافية التامة مع وجود جهات محايدة لها مصداقيتها تراقب العملية الانتخابات برمتها.
فهل اتخذت حكومة البحرين أيا من هذه الإجراءات قبل الإصرار على تطبيق التصويت الإلكتروني؟؟
أما السلبيات فتكمن في عدم وجود الثقة لدى الناخب في العملية لأن الأصوات غير مرئية ولا يمكن عدها كما هي الطريقة التقليدية، إلى جانب إمكانية اختراق وتجيير الأصوات، وإمكانية التلاعب بالأصوات وشرائها على حد سواء.

وفي حال تطبيق هذا لنظام كيف يتم التأكد من أن غالبية المصوتين هم من البحرينيين، خصوصا أن التصويت سوف يعطي الفرصة لمن هم خارج البلاد للمشاركة في هذه الانتخابات ؟ وما الآلية المتبعة للتأكد في ذلك؟

في هذه الأحوال يتم إصدار شهادات إلكترونية رقمية لكل ناخب في الخارج ويتم إرسال هذه الشهادة له عبر البريد المسجل بضمان الوصول الشخصي وهي بمثابة توقيع إلكتروني خاص لا يتكرر لكل ناخب، فإن كان التصويت يتم في السفارات أو مراكز معينة في تلك الدول فالضمان الوحيد هو عبر إثبات الهوية بالبصمة أو عبر التدخل الإنساني، وان كان عبر الإنترنت من المنزل فلا سبيل إلى التثبت من أن نفس الناخب قد استخدم توقيع الإلكتروني في الإدلاء بصوته.

لا يمكن الوثوق بمشروع التصويت الإلكتروني الذي ينفذه فريق غير مؤهل وغير مقتدر فنيا على ضمان الحماية والأمن الإلكتروني لأجهزة ومواقع حكومة البحرين عبر شبكة الإنترنت، فخلال الأشهر الثلاثة الماضية تم تسجيل أكثر من 10 اختراقات لمواقع حكومية في البحرين.

الخلاصة
لم تعد الحكومة الالكترونية مجرد حلم تتطلع إليه الحكومات في البلدان العربية، بل أصبح ضرورة تجعلها بصف الدول المعاصرة،وما لم تسع هذه الحكومات لبناء حكومات الكترونية تتسم بالرقي في كافة أبعادها،فان التخلف لن ينعكس على الأداء الحكومي فقط بل سينعكس على كافة الصعد لدى الدول العربية،مما يشعرهم بأنهم خارج التاريخ المعاصر.
غير أن بناء الحكومة الالكترونية له متطلبات خاصة كما رأينا في سياق هذه الدراسة، ومن هذه المتطلبات إعادة بناء الثقة بين الجمهور والحكومات، وهو ما يتطلب مزيدا من الشفافية، وتحويل الحالة الديمقراطية إلى ممارسة في شتى المجالات، وغير ذلك فان الجمهور قد لا يتفاعل مع مشاريع الحكومة الالكترونية، كما في مثال التصويت الالكتروني في البحرين، أضف إلى أن بناء الحكومة الالكترونية دون إعادة هندسة للبنية التحتية للوضع العام في الحكومات والخروج من الحالة الكلاسيكية في الأداء الوظيفي الحكومي قد يؤدي إلى تراجع في معدلات بناء الحكومة الالكترونية وانتقالها من مرحلة إلى أخرى.
وفي تقديري أن تراجع البحرين في مستوى بناء الحكومة الالكترونية، راجع إلى عدم حل ما ينبغي أن يرافق هذا البناء من تطوير للبنية التحتية للحكومة الالكترونية، فحتى الساعة لا توجد إلا شركة واحدة تقدم خدمات الانترنت في البحرين، كما أن أسعار هذه الخدمة مرتفعة قياسا لأسعارها في بلدان أخرى، وأصبح من المتعسر على المواطن العادي أن يوصل هذه الخدمة إلى منزله، إضافة إلى أن أوليات الخدمات التي تدفع عبر ألنت في البلدان الأخرى كفواتير الكهرباء والماء وخدمات البنك، ليس من المتيسر استخدامها من المنازل، وهذا أمر كنت أنا شخصيا أقوم به قبل أكثر من خمسة أعوام حين كنت اسكن بلدا غربيا وهو الدنمرك، الذي تطورت فيه خدمات الحكومة الالكترونية اليوم بشكل كبير، بينما البحرين التي كانت متقدمة على الدنمرك في بعض مراحل الحكومة الالكترونية هي اليوم متأخرة حتى عن البلدان العربية المجاورة، كقطر مثلا.
وهذا يعني أن بناء الحكومة الالكترونية بحاجة إلى نظرة استراتيجية ابعد من تقديم الخدمات الحكومية، بل تتعمق إلى علاقة الثقة بين الجمهور وحكومته.والبنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

المصادر
1/العشماوي،د.شكري،الحكومة الالكترونية،محاضرات جامعة دلمون بمملكة البحرين،يونيو 2006.

2/ الصيبعي، المهندس علي حسن ، خبير تقنية المعلومات والتصويت الالكتروني،ندوة جمعية الوفاق الإسلامية، حول التصويت الالكتروني في البحرين،يوليو 2006،(قال الصيبعي أنه كان ضمن فريق كلف من معهد المهندسين الكهربائيين والالكترونيينIEEE لتقديم دراسة عن مدى جدوى استخدام التصويت الالكتروني ومدى إمكانية الاعتماد على نتائجه برئاسة الدكتورة رابيكا ميركورى أستاذة علوم الحاسوب في كلية بايرن ماور (Bryn Mawr ) في بنسلفانيا ورئيسة شركة Notable Software الاستشارية وعضوية كل من ٍستيف بيري من صحيفة لوس أنجليوس تايمز، وقلن جونسون من بوسطن قلوب).

3/معروف،نزار، مستشار التصويت الالكتروني الذي يعمل لصالح الجهاز المركزي للمعلومات،ندوة الوفاق المشار إليها

4/أبل،د.عزيز،رئيس المؤتمر الدستوري،مداخلة في الندوة المشار إليها.

5/المرزوق،خليل،مسئول ملف التصويت الالكتروني بالوفاق،ندوة جمعية الوفاق،أغسطس 2006م.

6/خليفة،صلاح،خبير تقنية المعلومات في الجهاز المركزي للمعلومات،مملكة البحرين

7/البلوشي،وحيد،الرئيس السابق لاتحاد جمعيات المعلوماتية العربية،
الشرق،السبت:9/9/2006م دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع.

8/العبيدلي، أحمد، نقلا عن صفحة المجلس الأعلى للمرأة، مملكة البحرين،يونيو 2006م.

9/العامر، محمد، مدير إدارة خدمات الحاسب الآلي في الجهاز المركزي للإحصاء سابقا، وهو يشغل الآن منصب وكيل الجهاز المركزي للمعلومات.

10/نبذة عن الحكومة الالكترونية نقلا عن صفحة الحكومة الالكترونية في الكويت.

11/مفهوم التعاملات الالكترونية، نقلا عن صفحة الحكومة السعودية،الاثنين 17/5/1427 الموافق لـ 12/06/2006 ، تحديث الساعة 11:25.

12/بدران،عباس،الحكومة الإلكترونية من الإستراتيجية إلى التطبيق،الطبعة الأولى2004،الناشر:المؤسسة العربية للدراسات والنشر،بيروت.

13/عرب،المحامي يونس،متطلبات بناء الحكومة الالكترونية،الصفحة الالكترونية لعرب قانون.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *