في الليلة الاولى من شهر محرم الحرام 2008م/1429 هـ، ارتقى سماحة الشيخ عبد المجيد العصفور المنبر الحسيني في ماتم الهجير، وقد تحدث تحت عنوان: الخلود الحسيني أسراره وآفاقه.
افتتح المجلس بقول رسول الله (ص):\”حسين مني وانا من حسين احب الله من احب حسينا\”.
وذكر ان هناك الكثير من المظاهر التي تشهد بخلود الحسين في حياة الناس في لحظتنا التاريخية، وان من المفروغ منه التحدث عن خلود الحسين عليه السلام في الآخرة، اذ هو اصدق مصاديق قوله تعالى:\”ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون\”
‘,’
فمن هذه المظاهر:
1/قبة تعانق السماء،ومشهد يؤمه الملايين من الناس كل عام،غير مبالين لما يتعرضون له وهم في طريقهم لزيارة سيد الشهداء.
2/احياء عالمي لموسم عاشوراء،يشارك فيها ملايين الناس ومن مختلف الطبقات،ويستشعر هؤلاء المحيون لهذا الموسم بالرضى عن النفس في حالة انسجام تام مع كل ما قام به ابو عبد الله الحسين عليه السلام في نهضته.
3/كتابات عالمية وادب دولي يشيد بالحسين،وشعراء ومنشدون يترنمون بالشعر الحسيني اللاهب للعواطف والمشاعر.
4/دور وبيوت في كل مناطق العالم خاصة بالحسين،بل هي متعددة في كل عاصمة وكل مدينة وقرية،وبحق تشكل الحسينيات اليوم اكثر المؤسسات الاجتماعية والثقافية والدينية انتشارا في العالم.
5/فضائيات ومحطات واذاعات وصحف ومجلات ورسومات،متخصصة او تغطي اغلب برامجها قضية الامام الحسين عليه السلام.
6/علماء وخطباء ومنشدون متخصصون في قضية الامام الحسين عليه السلام.
ثم تساءل عن سر هذا الخلود،ذاكرا اربع نقاط:
الأولى:ان الامام الحسين عليه السلام انيط به دور سماوي صعب،وقد تقبل وتحمل هذا الدور بكل اطمئنان ورباطة جاش،فضرب مثلا منقطع النظير في الصبر والتحمل في جنب الله عزوجل،وقد قال سلام الله عليه:الهي تركت الخلق طرا في هواك وايتمت العيال لكي اراك فلو قطعتني في الحب اربا لما مال الفؤاد الى سواك.
وكما يقول الشاعر:اعطى الذي ملكت يداه الاهه حتى الجنين فداه كل جنين وبعزة قعساء خاطب نفسه يا نفس لا تهني بنصر الدين اعطيت ربي موثقا لاينقضي الا بقتلي فاصعدي وذريني ان كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي يا سيوف خذيني.
ومن دون شك ان ارتباط الامام الحسين عليه السلام بالخالق الخالد والعظيم الكبير،يجعله خالدا وعظيما.
الثانية:ان الحسين عبر في نهضته عن كل ما يختلج في ضمائر الناس من رفض للظلم والاعتداء ومقت للدكتاتورية والاستبداد،كما عبر عن تطلع كل انسان للتغيير والتطوير،والاصلاح على المستوى الشخصي والاسري والمجتمعي،لذلك يرى كل مشارك في شعيرة ترتبط بالامام الحسين عليه السلام،ان الحسين نطق باسمه وعبر عما في ضميره،فهتف باسم الحسين وشارك في شعائره،وقدم من اجل ذلك كل ما يستطيع من بذل في سبيل الاحياء الافضل لهذه الشعائر،وقد لمس المتمسكون بالحسين اثر هذا التمسك في حياتهم الشخصية من بركة تغمرهم،بفضل الارتباط بهذا الامام العظيم.
الثالثة:لا يمتلك الانسان الا الاعجاب بشخصية الامام الحسين عليه السلام لما جسده من مناقبيات في نهضته،فكلما ارتكس اعداؤه في الحيوانية تصاعد سلام الله عليه في المناقبية حتى تاثر به اعداؤه ومال بعضهم معه كما في مثال الحر بن يزيد الرياحي،قائد الجيش الذي حاصره وقاده الى كربلاء،يصبح شهيدا بين يديه،هذه المناقبية جعلت من احرار العالم ومفكريه يبدون اعجابهم بسيد شباب اهل الجنة،حتى قال عنه غاندي محرر الهند:تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوما فانتصر.
الرابعة:ان ائمة اهل البيت ومن قبلهم النبي (ص) خططوا لتبقى قضية الامام الحسين خالدة في ضمائر الناس فقد ذكر المؤرخون ،ان النبي (ص) تحدث لاصحابه عن مقتل الامام الحسين ودعاهم لنصرته،كما اكد على ذلك امير المؤمنين عليهم السلام،واقام الائمة بدءا من الامام زين العابدين ومرورا بالامام الباقر فالصادق والكاظم والرضا وبقية الائمة الماتم على الحسين وشجعوا اتباعهم على الاستمرار في ذلك ،وذكروا ان في ذلك الاجر والثواب الكبير عند الله سبحانه وتعالى.
ثم تحدث عن الافاق المفتوحة لخلود الامام الحسين عليه السلام حيث انه يجسد القضية العادلة والتطلع الانساني الحق،فجذير باتباعه ومحبيه ان ينشروا مبادئه وقيمه وسيرة حياته في العالم ليستفيد الناس كل الناس من هذه التجربة الدينية والانسانية الخالدة.سيما ونحن نعيش فضاء مفتوحا وقد تحول العالم في هذا الزمن الى قرية صغيرة.
واختتم المجلس باستعراض جانب من مصيبة الامام الحسين وابيات شعرية رثائية لسيد شباب اهل الجنة.
انا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.