النجاح في‮ ‬المرابطة


بدأ حياته المهنية حمالا في السوق، ولم يكن يجني في يومه اكثر من ريال سعودي واحد، واشتغل في بعض الاوقات طباخا، لكنه اليوم يقف على رأس مجموعة من المصارف والشركات المتعددة الاغراض، ويتملك من الثروة ما يصعب عليه عدها، ولقد سئل مرة ما سر هذا النجاح العريض، فاخرج مفتاحا من جيبه، وقال: هذا؟! ولما استغرب السائل قال له: انا رجل حريص على الوقوف على عملي اولا باول، ورغم وجود المختصين والمحاسبين الماليين عندي الا اني احرص بشكل يومي ان اعرف بنفسي ما انجزناه في كل يوم، هذا مفتاح مكتبي، كل يوم اقدم للعمل قبل الموظفين بساعة واخرج بعدهم بساعة، بعد ان اطمئن ان كل شيء يسير على ما يرام.
‘,’ملازمة العمل هو من ابرز اسرار النجاح فيه، وهو ما يسميه القرآن الكريم بالمرابطة، فلا عمل يمكن له ان يتحقق واصحابه غير ملتزمين به وملازمين له، ومع ان المرابطة عادة ما تستخدم في مواجهة العدو، وهو ما يستشعر في الاية المباركة: (يَا أَيهَا الذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتقُواْ اللهَ لَعَلكُمْ تُفْلِحُونَ) ال عمران/، الا ان الاية ترشد الى ما هو اعم من مواقف المواجهة مع العدو، وتشير الى كافة المواقف التنافسية في الحياة، وتؤسس الى اصل في النجاح والتفوق.
قال المفسرون أن الرباط هو الملازمة في سبيل الله، أصلها من ربط الخيل، ثم سمي كل ملازم لثغر من ثغور الإسلام مرابطا، فارسا كان أو راجلا، واللفظ مأخوذ من الربط.ولغة:ربط (حسب لسان العرب)
رَبَطَ الشيءَ يَرْبِطُه ويَرْبُطُه رَبْطاً، فهو مَرْبُوطٌ ورَبِيطٌ: شده.
والرباطُ: المُواظَبةُ على الأَمر.
واذا كانت المواظبة على العمل احدى عوامل النجاح فيه، فان ترك المواظبة تؤدي الى الفشل في الكثير من المشاريع والناس يتباينون بين ناجح وفاشل، فالناجح هو من يواظب على عمله اولا باول ولا يتركه اتكالا على الآخرين، على العكس من الفاشلين الذين يتركون اعمالهم اما كسلا وتهاونا او اعتمادا على الاخرين.
وربما نفهم ايضا ان المواظبة على العمل تعني الاصرار عليه، حتى الوصول الى النتائج النهائية المتوقعة، فكثير من الاعمال لا تأتي نتائجها الا بجهد جهيد.ووقت بعيد، وكم من الاعمال تركها اصحابها لانها ابطأت عنهم في النتائج، وطبيعة النفس البشرية مجبولة على العجلة »خلق الانسان من عجل«، فجاء غيرهم واكملها، وجنى ثمارها.
ولعل من ابرز قصص الاصرار على العمل الذي يقود الى النجاح، قصة توماس اديسون، الذي ذهب الى المدرسة ذات الفصل الواحد مع طفل، وبعد اربعة شهور اعلنت مدرسته انه طفل غير طبيعى متأخر..فطرد،.فعلمته امه في البيت، وعند بلوغه الثانية عشرة كان اديسون قد انتهى من قراءة مجموعة قيمة جدا من امهات الكتب من بينها قاموس العالم للعلوم والكيمياء التطبيقية.
توماس اديسون فتى في الثانية عشرة، رأسه كبير، صوته رفيع، لا يكاد يسمع ، لم يتعلم في اي مدرسة، وحدث مرة، نتيجة لخطأ غير مقصود تسبب هذا الفتى في حدوث شرارة نار احرقت احدى عربات القطار كان جزاء ذلك صفعة قوية على الرأس ادت الى صمم كامل في اذن والأخرى فقد السمع بها، مع حرمان من صعود القطارات.
في الخامسة عشرة اظلمت الدنيا في بيته الصغير فافلس والده ومرضت امه فقبل العمل في شركة ويسترن يونيون وسافر ابن عاما ليبدأ ويجرب، اشتد الألم على امه في احدى الليالي وقرر الطبيب انها تحتاج لجراحة ولكن عليها الإنتظار للصباح.
فقال اديسون للطبيب انها لا تحتمل الألم انه قد يقتلها من شدته قبل الصباح، ورد عليه الطبيب، وماذا استطيع ان افعل يا بني احتاج الى إضاءة، ومن تلك اللحظة قرر اديسون ان يضيء الليل، فاجرى الف تجربة فاشلة قبل الحصول على مصباح حقيقي وكان تعليقه في كل مرة، هذا عظيم، لقد اثبتنا ان هذه ايضا وسيلة فاشلة في الوصول للإختراع الذي نحلم به، قالها الف مرة ولم يتوقف ولم يمل، ولم يحبط. الى ان توصل في النهاية الى اكتشاف المصباح الذي يضيء كل بيوت العالم اليوم.
انها المرابطة والاصرار، التي تقود الى النجاح

, ,