دور شهر رمضان في‮ ‬النجاح


ينجح الناس في الحياة حين يكتشفون خاصية الاشياء، ويستثمرون هذه الخاصية لمصلحة تنميتهم الشخصية او المجتمعية او الانسانية، ولعلنا معاشر الخليجيين ندرك هذا الامر اكثر من خلال التحول الكبير الذي حدث في انماط حياتنا بعد اكتشاف النفط، فقبل ذلك كنا نعيش حياة متواضعة جدا، وكانت مواردنا المالية شحيحة، ولم تكن المنطقة محل انظار العالم، ومع اكتشاف النفط الذي كنا ننام عليه مئات السنين، تغيرت حياتنا وبدا العالم يعطي منطقتنا اهتماما غير مسبوق، واصبحت الموارد المالية تتدفق على هذه المنطقة بارقام فلكية. والامثلة في ذلك كثيرة على قيمة اكتشاف خاصية الاشياء في تطوير الانسان.
‘,’وما يجدر بنا ونحن في بداية شهر الله الفضيل »شهر رمضان« ان نكتشف خاصية هذا الشهر، ودره في تنمية النجاح الشخصي والاسري والمجتمعي، واستثمار هذه الخاصية بأقصى ما يمكن لصالح البلاد والعباد، ويكفي ما لهذا الشهر من خاصية ان تكون الفترة الزمنية التي خصها الله سبحانه وتعالى بنزول الوحي متمثلا في الكتب المقدسة على الانسان، فقد ورد في الاحاديث النبوية الشريفة، ان التورات والانجيل والزبور والصحف، وذلك القرآن الكريم نزلت في هذا الشهر المبارك، اضف الى ان في هذا الشهر الكريم ليلة عظيمة تتكرر سنويا عدها القرآن الكريم انها خير من العمر كله »الف شهر« وفي هذه الليلة يحدث تغير كوني عظيم، قد لاندركه بحواسنا، ولكن القرآن الكريم عبر عنه »تنزل الملائكة والروح فيها »ولاشك ان الملائكة لايتنزلون لامر عادي، اما الروح فعلى ماذكر في الروايات عن أئمة اهل ابيت عليهم السلام انه اعظم من الملائكة.
ولاكتشاف خاصية هذا الشهر الكريم، لابد من الرجوع لبدايات تكوين الانسان، فهو ليس بجسد ترابي فقط، بل ان القيمة الحقيقية التي استحق بها التقدير، هي الروح الذي نفخه الله سبحانه وتعالى فيه، بعد اكتمال بناء هذا الجسد »فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين« وهذا السجود من قبل الملائكة القائمين على ادارة الكون باذن الله تعالى، يرمز للخضوع لهذا الكائن البشري.
لذلك فإن خاصية هذه الفترة الزمنية تتصل بالروح، وتنمية الروح تؤثر على نجاح الانسان في الحياة بشكل كبير، بل تؤثر على تجاوب الكون بكل مقدراته معه، وهو ما سيتبين لنا من خلال هذه المقالات والتدبر في بعض الايات، وهو الموضوع الذي يعطية القرآن الكريم اهتماما خاصا بينما لا تلتفت اليه البرامج والدراسات الحديثة التي تدعو الى النجاح، وتقيم له العديد من الورش والدورات.
ان الروح في الانسان في حالة تفاعل يومي مع الجسد، وغالبا ما يكون التفاعل لصالح الجسد، عبر تركيز الانسان على الاستجابة لمتطلباته، اما الروح فغالبا ما تهمل في اغلب الايام، فاستحق ان يخصص شهر كامل، لعله يعود لقيادة شخصية الانسان بعد ان مارس الجسد اقصاءه عن ذلك. ولعل من المناسب هنا ان انقل بعضا من فقرات الخطبة التي القاها رسول الله »ص« قبل دخول هذا الشهر الكريم مشيرا الى ما يتميز به، قائلا: »ايها الناس انه قد اقبل اليكم شهر الله بالبركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام وليالية افضل الليالي، وساعاته افضل الساعات، هو شهر دعيتم فيه الى ضيافة الله، وجعلتم فيه من اهل كرامة الله، انفاسكم فيه تسبيح، نومكم فيه عيادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة وقلوب طاهرة، ان يوفقكم لصيامه وتلاوة كتابه، فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم..«.
اللهم اجعلنا من السعداء في شهرك المبارك، وطيلة حياتنا، ولا تجعلنا من الاشقياء فيه، ولا في غيره من الليالي والايام، ووفقنا لصيام شهرك الكريم، وتلاوة كتابك العظيم

, ,