عن النجاح في القرآن


دائما يجد المتتبع للقرآن الكريم، والحريص عن استنباط ثقافته منه، ان كتاب الله تعالى يقدم مفاهيم اعمق مما هو متداول بين الناس، وتجده يشير الى جوانب لم يعطها التفكير البشري اهتماما، او قل لا يرغب اصلا في الاعتراف بها، مثل تأثير غض النظر بين الجنسين على النجاح في الحياة كما سنرى في طريق تأملنا وتدبرنا لايات النجاح على سبيل المثال. وهذا ما يجعلنا كمسلمين احرص على بناء ثقافتنا الحياتية من خلال الرجوع لكتاب الله عز وجل، وتأصيل الفكر والممارسة في حياتنا وفق منهج ديننا الحنيف.

‘,’في إلقاء نظرة عامة على الآيات التي تتحدث عن النجاح، نجد من هذه الآيات تتكلم بلغة الجمع، وهو ما يعني ان النجاح القرآني يعطي اهتماما كبيرا لنجاح المجتمع، وذلك لان النجاح الذي يسجله المجتمع ككل سينعكس على النجاح الفردي بصورة واضحة، بينما النجاح الفردي قد لا يساهم في رفع معدلات النجاح في المجتمع.
ويشير النجاح القرآني الى ان المعيار في اي نجاح هو ان تكون سمة النجاح فيه ممتدة من الدنيا الى الاخرة، »فما خير بعده النار بخير، وما شر بعده الجنة بشر »وبالتأكيد فإن هذا المعاير هو الذي يجعل مصداقية لاي نوع من التفوق والنجاح.
لذلك نجد تسع آيات في القرآن الكريم تعتبر ما يظنه الناس نجاحا، ليس هو اكثر من فشل ذريع كما يتحدث عن مثال قارون، تركز هذه الآيات على خمس صفات اذا ما تلبست باي عمل من الاعمال فلا يعد نجاحا مطلقا مهما افاض عليها اصحابها من الدعاية والاعلام، وهي الكذب والسحر والظلم والكفر والاجرام.
كذلك يعتبر القرآن الكريم، ان النجاح بحاجة الى بذل جهد وعادات ومهارات صارمة والتزامات وسلوكيات، فهو ليس ضربة حظ كما قد يتصور البعض. وهذا ما نجده في الايات التي تنتهي بقوله تعالى: »لعلكم تفلحون«.
اما الذين يتصاعدون في النجاح يوما بعد يوم، فقد فرضوا على انفسهم برنامجا حياتيا يوميا ودوريا واعتقدوا اعتقادات ايجابية بالله والنفس والاخرين والبيئة من حولهم، واشادوا علاقات تواصلية ايجابية مستمرة.
ونجد القرآن الكريم، يقطع بنجاح مجموعة بشرية، لما تميزت به من ضبط شديد للنفس ، قل من يستطيع الوصول اليه من الناس، وهو ما نجده في هذا الآيات المباركات.
يقول تعالى:
»قد افلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون، …« ، .. المؤمنون
قد افلح من تزكي وذكر اسم ربه فصلى« الاعلى.
»قد افلح من زكاها« الشمس.
ولكي تكون رؤيتنا واضحة وبصيرتنا في فهم آيات القرآن ناضجة، يجب علينا ان نقرأ الآيات في سياقها الذي جاء فيه في القرآن الكريم، لا ان نتعامل معها معزولة عنه. وانا وانت علينا ان نفتش عن المجموعة التي ننظوي تحتها من خلال مراجعتنا لانفسنا، والنظر في اي موقع نكون نحن اليوم.

, ,