فوبيا الحجاب


ماذا سيقول الفرنسيون لو أن برلمانات الدول العربية والإسلامية، أصدرت قانونا يحضر على الفرنسيات المقيمات أو الزائرات لبلدانهم، الدخول للدوائر الرسمية والمرافق العامة دون حجاب. بالتأكيد سيقولون إنه اعتداء على الحرية الشخصية للفرنسيات. لكن ماذا سيكون جواب الفرنسيين لو أن هذه البرلمانات اعتبرت سفور المرأة الفرنسية في بلدانهم وحسب فهمهم الخاص \”شيئا ما عدوانيا\” كما ينظر الرئيس الفرنسي شيراك للحجاب، هل سيطالبون حكومتهم بشن حرب على هذه الدول لعمل غسيل دماغ لهذه الشعوب لتعيش كما الفرنسيين تماما.
وأنى لفرنسا ذلك!!
‘,’يعيش في فرنسا مالا يقل عن أربعة ملايين مسلم، وبعضهم لا يتكلم إلا اللغة الفرنسية ولم يزر دولة إسلامية في حياته قط، هؤلاء المسلمون التزموا الإسلام بفطرتهم، وتمسكت نساؤهم وبناتهم بالحجاب كتعبير عن هذا الالتزام، ومن ثم فإنهن يرين الانسجام مع أنفسهن متحجبات لا متبرجات، ولربما لم يخطر ببال إحداهن أن حجابها يشكل تهديدا لأحد، كما يتصور الرئيس الفرنسي.
في وعي المرأة المسلمة أن فرض التبرج عليها يشكل تهديدا لشخصيتها، ويخلق لها صراعا نفسيا حادا، قد تفضل معه البقاء في المنزل على أن تخرج للدراسة أو للعمل أو للتسوق، وهذا بالفعل ما حدث في بعض المجتمعات الإسلامية التي اقترن فيها التعليم بالتبرج إذا فضلت الكثير من المسلمات البقاء في المنزل بحجابهن على التعليم.
ويفترض في العلمانية التي تريد للعلم أن يقود الحياة لا الدين، أو للعالمية أن تكون سائدة لا المحلية والإقليمية في فهم أخر للعلمانية، أن لا تكون هذه العلمانية عامل تأجيج للصراع النفسي والاجتماعي، وان تكون محفزا للحرية الشخصية المنضبطة، لا أن تنظر للحرية بمنظارين، يسمح للبعض بممارسة ما يرغبون وتمنع آخرين من اختيار ما يتصل بوضعهم الشخصي، سيما إذا كان وراء هذا الاختيار خلفية عقيدية ولا تخرج عن كونها مسألة شخصية بحتة.
إلا أن يتحول الحجاب لدى المسلمات الفرنسيات إلى فوبيا تصيب الرئيس الفرنسي أو بعض طبقات المجتمع هناك، وهذا وحسب وجهة نظر علمية نفسية حالة مرضية تحتاج إلى معالجة المصاب وإعادة بنائه النفسي من جديد على أسس سوية لا أن نطلب من السوي أن يصبح مريضا.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *