مستقبل التمويل العقاري في مملكة البحرين


تعرضت في مطلع هذا البحث لماهية التمويل العقاري،ثم مررت على حجم السوق العقاري الخليجي بالارقام،وقد تعمدت ذكر حجم السوق العقاري السعودي باعتباره اكبر الاسواق العقارية الخليجة ومن ثم انطلقت الى السوق العقاري في مملكة البحرين،ثم ذكرت التمويل او القرض حسب القوانين الفقهية الاسلامية والمحاذير بهذا الصدد،ثم اشرت الى كيفية اسلمة التمويل العقاري،وجئت بالتمويل العقاري في الغرب كاثراء للموضوع واستفادة من اقتناص احد البنوك الغربية لفكرة التمويل الاسلامي،وختمت البحث بخاتمة سجلت فيها اهم النتائج بالنسبة لمستقبل التمويل العقاري في مملكة البحرين.

‘,’
المحتويات:
مقدمة
ماهية التمويل العقاري
السوق العقاري الخليجي
السوق العقاري السعودي
السوق العقاري البحريني
التمويل في الفقه الاسلامي
اسلمة التمويل العقاري
التمويل العقاري لمسلمي الغرب
استجابة من هولندا
الخاتمة
المصادر

المقدمة

يعتبر موضوع التمويل العقاري من المواضيع الهامة على الصعيد الشخصي والاسري والمجتمعي، ذلك ان اي انسان يحتاج الى تامين سكنه لان السكن بالنسبة للانسان يمثل المكان الذي يستقر فيه ويأوي اليه،ونظرا لازدياد تكاليف تشييد البيوت اصبح من الصعب على الانسان،ان يوفر المبالغ التي تمكنه لذلك، فكان لابد من وجود وسيلة اخرى تسهل لهذا الانسان بناء البيت المستقبلي فتجعله ساكنا بعيدا عن التوتر حين يتقدم به العمر، كذلك الامر بالنسبة للاسرة، فحين يكون للاسرة سكنها المستقل الذي تملكه فان ذلك يخفف من التوتر بداخل هذه الاسرة ويشعرها بالامان والاستقرار على العكس حين لاتجد هذه الاسرة سكنا ملكا فانها تكون عرضة للتوتر وقد يسبب لها ذلك قلقا مستمرا، لكن التمويل لبناء بيت يحتاج الى مبالغ كبيرة، ومن غير المعقول ان يدفع احد مبلغا كبيرا للاخرين من دون ان يحصل على عائد من وراء هذا المبلغ فيما كان يستطيع استثماره في اي مشروع اخر،لذلك برزت فكرة التمويل العقاري،غير ان ترك مسالة التمويل العقاري من دون ضوابط وتقنين قد تخلق حالة من الاستغلال من طرف المقرضين لاصحاب طلب التمويل فكان لابد للدول من التدخل لوضع قوانين تحفظ حقوق الاطراف المختلفة في عقود التمويل العقاري.
لقد دفعني للبحث في هذا الموضوع كونه حاجة شخصية بالدرجة الاولى،واردت ان اعرف الرأي الشرعي في مسالة التمويل العقاري،اضافة الى حجم سوق التمويل العقاري خليجيا وعلى صعيد مملكة البحرين بشكل خاص ،واردت استشراف مستقبل هذا السوق في ظل معطيات تنبئ بطفرات خيالية في اسعار العقار في البحرين،فقد شهدت الشهور الخمسة الأولى من هذا العام ارتفاعا قياسيا في أسعار الأراضي في منطقة السيف (منطقة استثمارية في البحرين)، مسجلة ارتفاعا شهريا بواقع 10% إلى 12%، حيث قفز سعر القدم المربع من 150 دينارا إلى 200 دينار في مواقع ومقار المؤسسات والشركات والبنوك الكبيرة، فيما ارتفع في الشوارع الداخلية والمناطق غير الاستراتيجية من 100 إلى 150 دينارا.
وقد حذرت جهات اقتصادية من استمرار وتيرة ارتفاع الأسعار غير المبرر بهذه المعدلات غير المسبوقة على مستوى دول المنطقة وقد ذكرت أن السبب الأساسي لهذا الانفلات السعري راجع إلى التخطيط العشوائي غير المدروس الذي لم يوزع المنطقة توزيعا عادلا،وهذا يكشف ان السوق الاستثماري في الخليج بشكل عام والبحرين بشكل خاص سوق غير كفوء ما يعني توقع الطفرات الغير مبررة وتضخم لعوائد عند فئة على حساب اخرين.
تعرضت في مطلع هذا البحث لماهية التمويل العقاري،ثم مررت على حجم السوق العقاري الخليجي بالارقام،وقد تعمدت ذكر حجم السوق العقاري السعودي باعتباره اكبر الاسواق العقارية الخليجة ومن ثم انطلقت الى السوق العقاري في مملكة البحرين،ثم ذكرت التمويل او القرض حسب القوانين الفقهية الاسلامية والمحاذير بهذا الصدد،ثم اشرت الى كيفية اسلمة التمويل العقاري،وجئت بالتمويل العقاري في الغرب كاثراء للموضوع واستفادة من اقتناص احد البنوك الغربية لفكرة التمويل الاسلامي،وختمت البحث بخاتمة سجلت فيها اهم النتائج بالنسبة لمستقبل التمويل العقاري في مملكة البحرين.
واود ان اشكر هنا الدكتور خالد مصطفى قاسم لاشرافه على هذا البحث،وللفرصة الطيبة التي منحنا اياها في محاضراته القيمة في الاستثمار.

ماهية التمويل العقاري

يقال موله أي قدم له ما يحتاج اليه من مال،يقال مول فلان ومول العمل،وتمول نما له مال،والمال كل ما يملكه الفرد او الجماعة من متاع او عروض تجارة،او عقار او نقود او حيوان وقد اطلق في الجاهلية على الابل.
والممول من ينفق على عمل ما ،وقد يطلق على دافع الضرائب.
اما العقار فهو كل ملك ثابت له اصل،كالارض والدار.
والمقصود بالتمويل العقاري وضع ثمة اطار قانوني وعملي وواقعي لعملية اقراض الاموال لاستثمارها في شراء المساكن الخاصة بضمان رهن تلك العقارات،بما ييسر الاجراءات المتصلة بهذا النشاط،ويقيم ثمة توازن بين مصالح كافة الاطراف المشتركة،ويناط عادة بالاشراف على نشاط التمويل العقاري هيئة او مؤسسة،وفي مصر مثلا،فرض القانون الهيئة العامة لشئون التمويل العقاري وهي هيئة ملحقة بهيئة السوق،كجهة مشرفة على التمويل العقاري.
وتعمل العديد من الدول العربية والإسلامية لإصدار قانون للتمويل العقاري لإيجاد مخرج قانوني واقتصادي لمشكلة تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي لمحدودي الدخل، خاصة الشباب حديثي التخرج والراغبين في الزواج، وتهدف مشاريع قوانين التمويل العقاري عمومًا إلى تحقيق عدة أهداف، منها:
1/ تدبير التمويل لمحدودي الدخل للحصول على وحدات سكنية تجارية أو مهنية للراغبين في الحصول عليها.
2/ حل مشكلة المتجمد الكبير من الوحدات السكنية والإدارية والتجارية بالسوق العقاري.
3/ تمويل الركود الحقيقي في السوق العقاري ومحاولة تحريكه.

السوق العقاري الخليجي

اكتسبت مسألة التمويل العقاري أهمية كبيرة في منطقة الخليج خصوصاً في ظل الطفرة العمرانية الضخمة التي تشهدها المنطقة. وتوقع تقرير مستقل أن يصل حجم التمويلات العقارية خلال السنوات المقبلة إلى نحو 800 مليار دولار. وشهدت السنوات الأخيرة نشاطاً محموماً من قبل الهيئات المصرفية بمختلف اختصاصاتها من أجل الحصول على حصة في قطاع التمويل العقاري الذي يحقق مكاسب كبيرة.
وقد كشفت تقارير اقتصادية متنوعة أن سوق العقارات أسهمت بحصة 272 مليون دولار من إجمالي الناتج المحلي في دول مجلس التعاون الخليجي. واعتبر تقرير دولي أن الطفرة العقارية التي شهدتها منطقة الخليج العربي على الأخص: الإمارات، السعودية، والكويت، لا مثيل لها على الأرجح في أي مكان من العالم.
وذكر التقرير الصادر عن شركة الأبحاث العالمية Global Research ومقرها الكويت، أن العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الماضي، قد حافظت على مركزها كواحد من القطاعات الرئيسة، مدفوعة إلى حد كبير بالسيولة الهائلة في المنطقة والتي نتجت عن أسعار النفط العالية، وتزايد الطلب من مناطق مختلفة.
واستنادا إلى تقديرات مختلفة، فإن السيولة المتوافرة في القطاع الخاص في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تصل على نحو مذهل إلى 2.3 تريليون دولار أمريكي، منها نحو 1.5 تريليون دولار أمريكي في دول مجلس التعاون الخليجي فقط. علاوة على ذلك، فإن إجمالي مساهمة قطاع العقارات في الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي وفقاً للأبحاث العالمية، وصل إلى 277.4 مليون دولار أمريكي في عام 2004، أي نحو 5.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. ومن هذا الرقم، تشكل السعودية نحو 128مليون دولار أمريكي، تتبعها الإمارات العربية المتحدة بنحو 80.49 مليون دولار أمريكي.
وعلى نحو مماثل، فإن رسملة السوق لشركات العقارات المسجلة في المنطقة وصلت إلى 74889 مليون دولار أمريكي في 13 شباط (فبراير) 2006، أي نحو 6.7 في المائة من إجمالي رسملة السوق في دول مجلس التعاون الخليجي. ومن هذا المبلغ، ساهمت الإمارات بنحو 41464 مليون دولار أمريكي، والسعودية بنحو 17716 مليون دولار أمريكي. وشكل ذلك ما نسبته 2.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي. يذكر أن رأس المال السعودي يستأثر بالغالبية العظمى من هذه الاستثمارات في الإمارات، فضلا عن بلدان مجلس التعاون الخليجي المجاورة مثل البحرين.
والملمح الرئيس لسوق العقارات هو التمويل والاستثمار العقاري الإسلامي، والذي برز خلال السنوات القليلة الماضية بصفته عنصرا جديدا من عناصر قطاع العقارات الإقليمي والعالمي. وأحدث هذا الأمر ابتكارات متميزة جداً في هيكلة العقارات تمثلت في الصكوك (وهي سندات أو شهادات ائتمان إسلامية)؛ وتسنيد الأصول (تحويل الأصول إلى أوراق مالية كالسندات)، وبناء التمويل مثل الاستسانة الموازية، والإسكان الاجتماعي، القروض العقارية، وودائع الاستثمار العقارية.
ووفقا لتقرير اقتصادي حديث فإن هيكل التمويل لدى البنوك الخليجية يمر بتغيرات هائلة، مع تطور هيكلة أصول البنوك وتقديم تقنيات حديثة لإعادة التمويل، ويعتبر التقرير الصادر من (جلوبل) أن هذا الاتجاه يتلقى دفعته من الازدهار الذي تشهده عمليات التجزئة البنكية وتمويل المشاريع، والذي قد يؤدي إلى اتجاه البنوك أكثر نحو اللجوء إلى التمويل طويل الأجل، معتبرا أن هذا التنوع يعد في الإقراض تطورا ايجابيا، من شأنه مساعدة البنك في إحدى نقاط ضعفه وهي عدم تواؤم عمليات الاستحقاق، ويشير التقرير إلى أنه بإمكان البنوك في دول مجلس التعاون الاعتماد في عمليات تمويلها على القروض البنكية، القروض المشتركة، السندات المحلية، الصكوك الإسلامية، وسندات اليورو وغيرها. وتوقع التقرير أن تشهد السنوات القليلة المقبلة مزيدا من تحرك البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي نحو نموذج أكثر شمولا بينها وبين الشركات، بعيدا عن المركزية الحالية القائمة على الإقراض، حيث أصبح الإقراض الآن تابعا ثانويا للأعمال القائمة على تحصيل الرسوم، وقد حولت البنوك اتجاهها من عمليات الإقراض البسيطة إلى مثيلاتها الأقوى والأكبر، حيث جنحت أكثر نحو عمليات أكثر تعقيدا لتتوسع بعيدا عن عمليات الإقراض الثنائية المباشرة إلى تمويل الشركات، وبخاصة التمويل التجاري، خزينة الشركات، عمليات مالية استشارية، عمليات بنكية تجارية، استثمارات لحساب المؤسسات وهيكلة التمويل.

السوق العقاري السعودي

في المملكة العربية السعودية لا تزال السوق العقارية تستقطب المزيد من الاستثمارات من مختلف أنحاء العالم حيث تعتزم مجموعات عقارية ماليزية القيام بتحالفات كبرى مع شركات عقارية سعودية لضخ استثمارات هائلة في القطاع العقاري السعودي وذلك على غرار خطوة شركة إعمار الإماراتية بالدخول إلى السوق السعودية عبر إنشاء مدينة الملك عبدالله الاقتصادية.
ويبدو أن السوق العقارية السعودية ستشهد خلال الفترة المقبلة دخول عدد من الشركات الماليزية التي تنوي ضخ استثماراتها في مجالات مختلفة في السوق كتطوير البنى التحتية والفوقية وإنشاء المدن والأبراج السكنية والتجارية مستندة بذلك إلى نموذج الفكرة الماليزية في إنشاء هذه المدن في وقت تشهد فيه العاصمة السعودية الرياض زيادة في الطلب على العقارات السكنية الأمر الذي من شأنه إيجاد حلول سكنية فريدة من نوعها والدفع بالمزيد من الاحترافية إلى السوق السعودية التي تعتبر من أكبر الأسواق في منطقة الشرق الأوسط باستثمارات تتجاوز 2, 1 تريليون ريال.
وتوقعت دراسة عقارية أن تبلغ قيمة الاستثمارات في بناء العقارات الجديدة في السعودية نحو 484مليار ريال بحلول عام 2010م، من المنتظر أن تكون غالبيتها في شريحة المباني السكنية تليها المباني المكتبية ثم مراكز التسوق التجارية.
وأكدت الدراسة على ارتفاع أسعار العقار في المملكة على مدى الأعوام الخمسة الماضية لكنه ليس لدرجة الحد من نمو شركات المقاولات أو المستهلكين.
وذكرت دراسة للدكتور سليمان بن عبدالله السكران أستاذ العلوم المالية المشارك بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن تحت عنوان نظرة اقتصادية على سوق العقار في المملكة العربية السعودية أن التغير الهيكلي في التشريعات سيزيد أيضاً من حجم الطلب وبالتالي تغيراً في هيكل القطاع العقاري إجمالاً، مبينة أن المستجدات التي من المتوقع أن تحدث تغيراً نحو زيادة في حدة الطلب تتمثل أولأ في إدخال نظم وتشريعات جديدة إلى السوق مثل الرهن العقاري، وثانياً في السماح لغير السعوديين بامتلاك العقار، والعامل الثالث في ارتفاع دخل الفرد وبلوغ نسبة اكبر من السكان سن الحاجة لمساكن ووفقاً لتعداد عام 2004م فقد تنامى الإشغال السكني (نسبة الوحدات السكنية المشغولة) بنسبة 3في المائة سنوياً بين عامي 1992م و2004م. في الوقت الذي ارتفع فيه معدل نمو السكان بواقع 2.45في المائة لقد بلغ حسب التقديرات رصيد الوحدات السكنية الإجمالي في المملكة (4.39) ملايين وحدة حتى عام 2004م، ويتوقع أن يرتفع رصيد الوحدات السكنية إلى حوالي (7) ملايين وحدة حتى عام 2020م، سوف يتم بناء 2.62مليون وحدة سكنية جديدة خلال تلك الفترة، أي بمعدل 163.750وحدة في العام وبتكلفة إجمالية لهذه الزيادة تقدر ب 1.2تريليون ريال بالأسعار الجارية وذلك لاستيفاء الطلب حتى عام 2020م.
بينما يتمثل العامل الرابع في إقامة المدن الصناعية والانتعاش الاقتصادي الكبير، والعامل الخامس في ارتفاع معدلات السيولة في الاقتصاد، والسادس في الميل للاقتناع أكثر بمحدودية المخاطر في العقار في المملكة بالذات بعد تجربة انهيار أسواق الأسهم،ويعد سوق الاسهم السعودية غير كفئ،حسب التقييم الاستثماري كما يرى الدكتور خالد مصطفى قاسم، والعامل السابع في التوسع في عمليات الإقراض المصرفي، والثامن في العوائد المرتفعة المتوقعة من قطاع العقار، والعامل الأخير في استحداث آليات جديدة في الاستثمار العقاري.
وتوقعت الدراسة أن يشهد سوق العقار في السعودية شأنه شأن القطاعات الاقتصادية الأخرى نمواً مطّرداً من المتوقع له الاستمرار حتى عام 2010م. حيث لا يتوقع أن يكون هناك تغيرات جوهرية لتلك القوى الداعمة لتحريك هذا السوق ونموه. إن الحقائق السكانية مقرونة مع النمو القوي في الاقتصاد الكلي تدعم بلا شك نمو هذا القطاع لكنه من المتوقع أن يكون نقص المعروض في الوحدات السكنية تحدياً كبيراً لدى الراغبين في امتلاك الوحدات السكنية في ظل انحسار دور الإقراض وبعض العوامل الأخرى الكفيلة بضمان الاستثمار كالرهن العقاري والتي ستضيف زخماً أكبر لهذا القطاع وتنميته بشكل أكبر فيما لو أخذ بتطبيقها.
وذكرت الدراسة ان مستوى الدخل من العوامل الهامة التي تحد من حجم الطلب على المساكن وذلك نظراً لأنه عند ارتفاع الدخل يرتفع الطلب وزادت القابلية لامتلاك الوحدات السكنية، فبالبيانات الحكومية ذكرت بأنه بلغ متوسط دخل الفرد السعودي عام 2000م ما يوازي 7.043ريال شهرياً ولكنه على الرغم من ذلك ونسبة لغياب الشراء بالرهن العقاري فإن إمكانية السعوديين على شراء المساكن لا تزال محدودة.
وقالت ايضا انه رغم أن التمويل يعتبر أحد أهم العوامل التي تحد من نمو القطاع العقاري إلا أنه جدير بالذكر مساهمة المصادر التمويلية المنخفضة أو العديمة الكلفة والتي تساهم أيضاً في حفز الطلب على العقار. فصندوق التنمية العقاري واحد من تلك الجهات والتي وفرت قروضاً خالية التكاليف التمويلية.
وبينت الدراسة أن صناعة العقار والقطاعات الفرعية المرتبطة فيها وهي نشاط المقاولات والبناء والتشييد ساهمت بصورة كبيرة في النمو الاقتصادي للملكة. وحسب البيانات الحكومية فقد ساهمت الأنشطة الخدمية المرتبطة بصناعة العقار والمقاولات بأكثر من 13في المائة من الناتج الإجمالي الفعلي منذ عام 2002م. ولعل الاهتمام بسوق الأسهم منذ ذلك التاريخ قد سبب تناوباً في الانتقال بين هاتين الفئتين (العقار والأسهم) خصوصاً مع نمو سوق الأسهم في عام 2005غير أن هذا لم يستمر طويلاً مع انهيار السوق في مطلع 2006م مما يعني الانتقال مرة أخرى إلى سوق العقار ودعم استمرار نموه المتوقع بأن يكون نمواً كبيراً خلال الأعوام القادمة. وأكدت أن صناعة العقار في الاقتصاد السعودي بلا شك تشكل واحداً من القطاعات الاقتصادية الهامة في المملكة. فمن بين هذه المؤشرات الدَّالة على هذا النشاط هي تراخيص البناء الصادرة والتي تعتبر مقياساً لهذا النشاط في القطاع والتي بلغت في عام 2003حوالي 38.000رخصة كما يقدر إصدار ما يوازي 37.000رخصة كل عام حتى عام 2010م.

السوق العقاري البحريني

يشهد السوق العقاري في البحرين حاليا نشاطا محموما من قبل المستثمرين للاستفادة من الطفرة التي تعم دول الخليج قاطبة، ويتواكب هذا النشاط الملحوظ مع بحث المستثمرين عن أساليب حديثة باتجاه التمويل العقاري من قبل المؤسسات المالية والمصارف التجارية، التي تسعى بدورها للاستفادة من هذه الطفرة العقارية باعتبارها مصدرا جديدا للتمويل الاستثماري وكذلك التمويل الشخصي.
وبالرغم من أن حجم السوق العقاري أصبح أضعاف ما عليه في السنوات السابقة، إلا أن حجم هذا التمويل لا يزال اقل من المتوقع، حيث ما زالت القوانين التي تنظم الاستثمار العقاري لا تتناسب مع المتغيرات التي تطرأ باستمرار على هذا السوق، بل ان الاعتماد على القروض المصرفية لتمويل الاستثمارات العقارية ما زال هو السائد، علما أن استمرار الاعتماد على هذه القروض لم يعد ممكنا لأن حجم السوق أصبح أكبر بكثير من تغطية البنوك. ومع هذا، إلا أن عددا من المبادرات بدأت في الظهور أخيرا والتي تكشف حجم التوجه من قبل المستثمرين والمؤسسات المالية على حد سواء، نحو اعتماد أساليب حديثة لتمويل الاستثمار العقاري، ويبدو ذلك جليا من خلال اعلان عدد من الشركات العقارية الكبرى مشاريعها للاكتتاب العام، وكذلك التمويل عبر السندات والصكوك الإسلامية.
وعلى المستوى الرسمي، فإن تعليمات مؤسسة نقد البحرين (البنك المركزي) في هذا الشأن تعتبر صارمة إلى حد ما، فقد أصبحت البنوك في البحرين مطالبة بالتقيد بمستوى أكبر من الشفافية وإبداء المزيد من الاهتمام بمديونية الأفراد، وذلك بموجب تشريعات جديدة صدرت لتنظيم أعمال القروض الاستهلاكية في البحرين، ووفقا للدكتور خالد عبد الله عتيق المدير التنفيذي للرقابة المصرفية فإن هذه التشريعات تستحدث وسائل جديدة للحماية فضلا عن أنها تعزز وسائل الحماية القائمة للمقترضين في البحرين، كما أنها تضمن في ذات الوقت التزام البنوك بأصول المنافسة ومباشرة عملياتها على أسس من الإنصاف في مجال التمويل الاستهلاكي. وتهدف المؤسسة من وراء هذه التشريعات إلى تحقيق ممارسات أكثر معقولية وشفافية في عمليات الاقتراض والتمويل، ومن أبرز ملامح التشريعات الجديدة أنها تحدد مجموع الأقساط التي يدفعها الفرد سدادا للقروض الاستهلاكية بحد أقصى لا يتجاوز 50% من إجمالي دخله الشهري، كما وضعت حدا أقصى لفترة السداد عند 7 سنوات، وهو الأمر الذي يعني عدم إمكانية توافق القروض الشخصية مع التمويل العقاري المطلوب لمتوسطي الدخل، وهو ما يؤكد مطالبات العقاريين في البحرين بالبحث عن أساليب جديدة للتمويل العقاري، وتأسيس شركات عقارية تختص بهذا الشأن كما هو متوافر في الدول الخليجية الأخرى، على أن تكون هذه الشركات خاضعة لمؤسسة نقد البحرين، أو أن تكون متفرعة من المصارف التجارية بحيث يكون عملها الرئيسي هو التمويل العقاري.
يشار الى انه يعمل في البحرين وهي المركز المالي والمصرفي في المنطقة أكثر من 100 مصرف ومؤسسة مالية من ضمنها نحو 32 مصرفا إسلاميا و25 مصرفا تجارياً. وتبلغ موجودات المصارف نحو 185 مليار دولار.
يذكرأن مؤسسة نقد البحرين منحت ترخيصاً لتأسيس أول شركة تمويل للعقارات في البحرين, حيث يبلغ رأسمال الشركة الجديدة المصرح 40 مليون دينار (106 ملايين دولار أميركي) فيما يبلغ رأس المال المدفوع 20 مليون دينار بحرينـي (53 مليون دولار أميركي). ومن أبرز مؤسسي الشركة الجديدة, شركة الخليج للتطوير العقاري (تعمير) وبيت الاستثمار العالمي (غلوبال) وأوسس للعقارات، حيث يمتلك هؤلاء المؤسسون حصة نسبتها 10% من الأسهم لكل منهم، والباقي لمساهمين أفراد سيكتتبون بها عن طريق اكتتاب خاص, على أن تقوم الشركة بطرح ما لا يقل عن 30% من أسهمها في اكتتاب عام خلال ثلاث سنوات من إنشائها وإدراجها في سوق البحرين للأوراق المالية, حسب نظام مؤسسة نقد البحرين, على أن يساهم المؤسسون فيها وهم شركة تعمير كمنسق للاصدار وبيت التمويل للاستثمار العالمي (غلوبل البحرين) كمدير للإصدار, وشركة اوسس كشريك استراتيجي للمشروع يملك كل منهم 10% من رأسمال الشركة، فيما يطرح 70% من رأسمالها البالغ 20 مليون دينار الى الاكتتاب لمستثمرين من البحرين والخليج، على أن تدرج الشركة في بورصة البحرين بعد ثلاث سنوات وسوف تزيد من رأسمالها بعد ذلك، كما انه ستعمل في البحرين ومنطقة الخليج بالتعاون مع الشركاء الأساسيين للمشروع.
وتعتبرهذه الشركة المتخصصة في التمويل العقاري أول شركة من نوعها يتم الترخيص لها منذ استحداث هذه الفئة الجديدة من التراخيص في عام 2004 .
وحسب الرئيس التنفيذي لشركة الخليج للتعمير (تعمير) إن الشركة الجديدة والتي أطلق عليها شركة (ريف) العقارية للتمويل الاسكاني والاستثماري, بدأت بالاكتتاب الخاص على مجموعة من المستثمرين كأول شركة متخصصة في العقار والاستثمار وخصوصاً السكن الخاص بالإضافة إلى العقار الاستثمار وانها سوف تساهم في تمويل شراء او بناء او ترميم العمارات والبيوت والشقق مقدمة خدمات أساسية أول مرة في البحرين لمتوسطي الدخل .مؤكدا على تطبيق نظام الإيجار بالتملك, لمدد طويلة تتراوح بين 15 إلى20 عاما, بحيث يسجل البيت باسم الطرفين لمدة العقد ويدفع المستفيد اقساطا شهرية كإيجار حتى انتهاء قيمة البيت ومن ثم يمتلكه، معتبرا ان القروض سوف تكون ميسرة وتعتمد في التمويل على الشريعة الاسلامية وان سعر الفائدة يكون منافسا للأسعار المطروحة في السوق باعتبارها اقل من السوق واقل من القرض التجاري او القرض الشخصي.
ويأتي تأسيس هذه الشركة الأولى من نوعها في البحرين, وتحت إشراف مباشر من مؤسسة نقد البحرين, لتلبي مطالب عقاريين بحرينيين بضرورة الاستفادة من الطفرة العقارية التي تجتاح البلاد حاليا, وعدم الاكتفاء بالتمويل العقاري الذي تقدمه المصارف التجارية, خاصة أن حجم السوق العقاري البحريني أصبح أضعاف ما كان عليه في السنوات السابقة, وبقاء حجم هذا التمويل اقل من المتوقع, حيث ما زالت القوانين التي تنظم الاستثمار العقاري لا تتناسب مع المتغيرات التي تطرأ باستمرار على هذا السوق, ويرى عقاريون أن استمرار الاعتماد على هذه القروض لم يعد ممكنا لأن حجم السوق أصبح أكبر بكثير من تغطية البنوك.
ولا بد من الاشارة الى ان طلبات الاسكان ‮ ‬تبلغ 5700 ‬طلب سنوياً‮ ‬في‮ ‬حين لا‮ ‬يستطيع بنك الإسكان الحكومي توفير اكثر من 1500 ‬بيت سنوياً‮ ‬في‮ ‬ظل الارتفاع الكبير في‮ ‬النمو السكاني‮ ‬في‮ ‬البحرين،‮ ‬حيث تشير الدراسات بأن عدد الطلبات الاسكانية بوزارة الاسكان عام ‮2003 ‬اربعون الف طلب اسكاني .
ويدرس مجلس الوزراء البحريني زيادة سقف قروض الشراء التي يقدمها بنك الإسكان الحكومي إلى أكثر من 40 ألف دينار لكي يتماشى مستوى وقيمة القرض مع الارتفاع المضطرد الذي يشهده سوق العقارات، وبالشكل الذي يحد من تأثر المستفيدين من هذه القروض في تلبية رغباتهم في شراء المسكن المناسب على أن تربط هذه القروض بمستوى دخل الفرد وبحث إمكانية زيادة النسبة التي يتم على ضوئها تحديد نسبة الاستقطاع للقسط من الراتب من 25% إلى 35% بحد أقصى، وزيادة مدة الاقتراض من 25 إلى 30 سنة بحيث لا يتعدى عمر المقترض الافتراضي الـ 70 سنة عند تسديد قيمة القرض بالكامل.
جدير بالذكر ان عاملين في قطاع العقارات اكدوا أن السوق تشهد طلباً متزايداً على المباني المتوسطة خصوصاً التي تتكون من ثلاث طبقات في المناطق السكنية إذ تحتل هذه العمارات على نسبة كبيرة من التداولات العقارية في البحرين تتراوح بين 60 و70 في المئة.
وذكر عقاريون أن معدل تملك الشقق ينمو بنسبة 10 في المئة في البحرين بسبب النقص الشديد في المساكن المتوافرة والانتظار الطويل من قبل ذوي الدخل المحدود الذي يستمر عدة سنوات للحصول على مساكن وأدى إلى توجه لإقامة البناء العمودي في ظل طفرة عمرانية ضخمة تشهدها المملكة.

وتحدث بعض العقاريين عن إجراء صفقات بيع كبيرة تقوم بها مكاتب العقارات في البحرين تبلغ قيمتها ملايين الدنانير شهرياً مما يعكس النمو المتواصل في سوق العقارات الذي بدأ في بداية القرن الحالي. ويساهم القطاع العقاري بنحو ثمانية في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في البحرين.

التمويل في الفقه الاسلامي

حقيقة التمويل انه قرض،والقرض في معناه العام يشبه البيع،لانه تمليك مال بمال،وهو نوع من انواع السلف،قال جماعة من العلماء:القرض نفس البيع.
وينقسم البيع بالنظر الى الاخبار بالثمن وعدمه الى اربعة اقسام:
1/المساومة:وهي ان يساوم المشتري البائع على السلعة بما يتفقان عليه من الثمن من غير تعرض لذكر الثمن الذي اشترى به البائع،سواء أعلمه المشتري،او لم يعلمه.
2/التولية:وهي ان يخبر البائع المشتري براس المال،ثم يتفقان على البيع مع جميع النفقات والمؤن التي انفقها عليه من غير زيادة او نقيصة.
3/الوضيعة:وهي ان يخبر البائع المشتري براس المال،ثم يتفقان على البيع بحط مقدار معين من الثمن الذي اشترى به البائع.
4/المرابحة:وهي عكس الوضيعة،اي البيع براس المال مع ربح معين،واذا تبين كذب البائع فللمشتري الخيار.
وفي تعريف القرض لغة :القرض هو القطع،وسمي المال المدفوع للمقترض قرضا،لانه قطعة من مال المقرض،تسمية للمفعول باسم المصدر.
واصطلاحا عند الحنفية:هو ما تعطيه من مال مثلي لتتقاضاه،او بعبارة اخرى:هو عقد مخصوص يرد على دفع مال مثلي لآخر ليرد مثله.
وهو مشروع وجائز بالسنة والاجماع،اما السنة فما روى ابن مسعود أن النبي (ص) قال:\”ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين،الا كان كصدقة مرة\”.وعن انس قال:قال رسول الله (ص):\”رأيت ليلة اسري بي على باب الجنة مكتوبا:الصدقة بعشر امثالها،والقرض بثمانية عشر،فقلت يا جبرئيل،ما بال القرض افضل من الصدقة،قال:لأن السائل يسال وعنده،والمستقرض لا يستقرض الا من حاجة\”.
وأجمع المسلمون على جواز القرض.
وقال الشافعية والمالكية والحنابلة:يجوز قرض كل مال يصح في السلم،سواء اكان مكيلا ام موزونا،كالذهب والفضة والاطعمة،ام من القيميات،كعروض التجارة والحيوان ونحوها،كالمعدود.وهو يعني يصح القرض عند جمهور الفقهاء في كل عين يصح بيعها الا بني ادم،ولا يصح قرض المنافع،خلافا لابن تيمية،كأن يحصد معه يوما ليحصد الآخر معه مثله،او يسكنه داره ليسكنه الآخر داره بدلها.
وقال الشافعية والحنابلة:لايجوز قرض جر منفعة،مثل ان يقرضه الفا على ان يبيعه داره،او على ان يرد عليه اجود منه او اكثر منه،ويستدلون ان النبي (ص):\”نهى عن سلف وبيع\”.والسلف هو القرض في لغة الحجاز.

واعتبر الفقهاء المنفعة هنا الربا،وهي تعني الزيادة والاضافة،يقال ربا الشيئ يربو اذا زاد،ومنه قوله تعالى:\”وما اوتيتم من ربا ليربو في اموال الناس فلا يربو عند الله\” ومن هنا تعتبر الزيادة من حيث هي ليست حراما،والا انسد باب الربح والتجارة،اذن لابد من نص شرعي يبين ويفسر ما اجمل الله في كتابه من ذكر الربا،وبتعبير ثان ان للشارع حقيقة شرعية،واصطلاحا خاصا في معنى الربا،وقد دلت الاحاديث،النبوية والروايات عن اهل بيت الرسول الاعظم(ص) ان الربا يثبت في موردين:الاول في القرض مطلقا،ومن غير شرط سوى شرط الزيادة والمنفعة من ورائه،والثاني في غيره من المعاملات.
واعتبروا ربا القرض ان يقرض الانسان شيئا،اي شيئ كان،ويشترط على المستقرض المنفعة من وراء القرض،سواء اكانت المنفعة من جنس المال،كما اقرض عشرة دراهم بشرط ان يردها احد عشر،او من غير جنسه،كما لو اشترط ان يعمل المستقرض له عملا او يعيره شيئا.
قال النبي (ص):\”كل قرض جر نفعا فهو حرام\”.وسئل الامام الصادق (ع) عن رجل اعطى رجلا مئة درهم على ان يزيده خمسة دراهم،او اقل او اكثر،فقال الامام:هذا هو الربا المحض.
ولو تبرع المستقرض بالزيادة من تلقائه، ومن غير شرط كان له ذلك.
فقد سئل الامام الصادق (ع) عنه؟ فقال لابأس ما لم يشترط ..الربا ياتي من قبل الشرط،وانما تفسده الشروط.. ان النبي (ص) اقترض بكرا،فرده بازلا رباعيا،ان خير الناس احسنهم قضاء.
ولاجل هذا النص،وكثير غيره اتفق الفقهاء كلمة واحدة على ان الربا يثبت في الدين بشرط الزيادة والمنفعة اطلاقا،سواء اكانت العين من نوع المكيل او الموزون او المعدود او المذروع،وسواء كانت المنفعة من نوع المال،او غيره.

اسلمة التمويل العقاري

و سيكون من الاهمية بمكان ايجاد صيغ تتوافق مع الدين الاسلامي في موضوع التمويل العقاري،وقد قوبل هذا النوع من المعاملة بالرفض والتحفظ من قبل الاوساط الفقهية الاسلامية لما يشتمل عليه من فؤاد تعتبر هي عين الربا المحرم،غير ان الفقهاء ابتكروا عدة مخارج للتفاعل مع التمويل العقاري بصيغته العادية.
المخرج الاول:تمثل في قبول التعامل مع هذا التمويل بذريعة الاضطرار ،وعند الاضطرار يرخص للمسلم باخذ ما يسد حاجته،ويعتبر السكن من الضرورات الحياتية للانسان واذا لم يتاتى له التوفر على السكن الا بطريقة التمويل العقاري المشتمل على فوائد ربوية فلا باس في ذلك وتعتبر معاملته صحيحة.
ذكر احد المصادر الفقهية:
إذا تضرر بترك الإقتراض، كما في صورة عجزه – بدونه – عن تحصيل الحد الأدنى من متطلبات معاشه اللازم له ولعياله، أو وقع – بدونه – في الحرج الذي يشق تحمله في ما يرجع إلى بعض شؤونه وأعماله ولا يجوز له الإقتراض من البنك بالفائدة، ولا دفعُها له إلا أن يقصد – طالب التمويل في نفسه – حين التعاقد عدم الإلتزام بشرط الزيادة، بحيث لو تمكن من عدم الدفع لما دفع، ولكنه حين الإستحقاق ومطالبته بها يدفعها بضغط القانون.
المخرج الثاني:وهي حيلة فقهية وجدتها لدى بعض المصادر،وهي اعتبار الفوائد التي يعطيها المدين للدائن كهدية من قبل الاول للثاني.
سئل احد الفقهاء:
ما هو رأي سماحتكم حول شراء بيت بهذه الطريقة: بعد الإتفاق بين المشتري والبائع يقوم المشتري بطلب المبلغ من البنك، ويقوم البنك بدوره بدفع المبلغ كاملاً إلى البائع، ثم يعقد البنك اتفاقاً لمدة ثلاثين عاماً مع المشتري لإرجاع المبلغ مع الأرباح المترتبة على المبلغ، ليصبح البيت بعد ذلك ملكاً للمشتري، فهل يجوز اقتراض المال من البنوك لغرض شراء البيت؟
فاجاب نعم ويعطي الأرباح بنية الهدية
المخرج الثالث:التمويل بعنوان المرابحة،وهي الطريقة التي تتعامل بها عدة مؤسسات مالية ،وتقوم على اساس ان تشتري المؤسسة البيت الذي يرغب فيه طالب التمويل ثم تبيعه عليه بسعر اعلى محتسبة في ذلك الفوائد كارباح للمؤسسة مع اعتبار البيت رهنا لضمان تسديد القرض.
واي كان فاننا نجد عدة مخارج للتعامل مع التمويل العقاري،الامر الذي ينبئ بمستقبل كبير لسوق العقار في المنطقة الخليجية بشكل خاص والعربية والاسلامية عامة.
والحقيقة ان عملية التمويل العقاري تشتمل على ثلاث معاملات متصلة ببعضها، وهي: شراء العقار، وإقراض الممول للمشتري، ثم رهن العقار محل البيع لصالح الممول، وبالتالي فهي اتفاقية تحتوي على ثلاثة عقود هي: البيع، والقرض، والرهن. وهي ما يطلق عليها فقهًا \”العقد المركب\”.
توجد ضوابط لصحة هذه العقود شرعًا، منها ضرورة توافر أركان وشروط كل عقد من العقود الداخلة في الاتفاقية، وألا يكون التركيب حيلة للتعامل المحرم مثل الربا.
وبالنظر إلى قوانين التمويل العقاري وفكرتها الرئيسية يرى الفقهاء أن:

  • شرط اجتماع الرهن مع القرض جائز شرعًا؛ حيث يقول الفقهاء في ذلك \”وله (أي للمقرض) شرط رهن وكفيل وإقرار به عند حاكم (أي التسجيل في الشهر العقاري)؛ لأن ذلك توثقة للعقد لا زيادة فيه\”.
    شرط اجتماع بيع العقار مع حصول المشتري على قرض من طرف ثالث يدفع للبائع ثمنًا للعقار أمر جائز شرعًا، ولا يندرج ذلك في النهي الوارد من حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في النهي عن: بيعتين في بيعة، وصفقتين في صفقة، وبيع وسلف، وبيع وشرط.. أخرجه أبو داود والترمذي؛ وذلك لأن النهي عن اجتماع البيع والسلف بين البائع والمشتري.. لأنه إذا اشترك القرض أو السلف مع البيع كان ذلك ذريعة للربا بحصول المقرض على أكثر من حقه مندمجًا في ثمن البيع، أما اشتراط أن يكون المقرض شخصًا ثالثًا فإن التهمة تنتفي، وقد قال الفقهاء: \”لو قال بعتك هذه الدار بألف على أن يقرضني فلان الأجنبي عشرة دارهم ففعل المشتري ذلك صح البيع\”، مع مراعاة أن ذلك في القرض الحسن.
  • الزيادة على القرض هي الربا الواضح الجلي والمحرم شرعًا بإجماع الفقهاء قديمًا وحديثًا.
    وقد أصدر مجمع البحوث الإسلامية في مؤتمره الثاني عام 1965 فتوى بحرمة الفوائد على أنواع القروض كلها، ولا فرق في ذلك بين القرض الاستهلاكي أو القرض الإنتاجي، وأن الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة.
    كما صدر قرار عن مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في مؤتمره السادس عام 1410هـ نصه: \”إن المسكن من الحاجات الأساسية للإنسان، وينبغي أن يوفر بالطرق الشرعية بمال حلال، وأن الطريقة التي تسلكها البنوك العقارية والإسكانية ونحوها من الإقراض بفائدة – قلّت أو كثرت – هي طريقة محرمة شرعًا لما فيها من التعامل بالربا\”.
    ويرى د. محمد سيد طنطاوي أن الاقتراض للسكن يتخلص في أن الأصل في الزيادة على القرض هي ربا، أما في حالة الضرورة فإنه يجوز ذلك استنادًا لقوله تعالى: \”فَمَنِ اضْطُرّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْه…\”، وفسّر فضيلته حالة الضرورة هذه بقوله: \”والضرورات معناها شرعًا أن الإنسان إذا لم يأخذ مالاً من غيره من أجل سد هذه الضرورات فإنه يتعرض للموت أو حياته تتعرض للخطر والاضطراب\”.
    وبالنظر في هذا الاتجاه الذي يبيح الاقتراض بفائدة لشراء مسكن نجد أنه ربط بين الجواز الشرعي وحالة الضرورة، ومن المعروف، كما تقول القاعدة الأصولية: إن \”الضرورة تكون بقدرها\”، الأمر الذي لا يمكن معه الاستناد إلى هذه الفتاوى لإصدار قانون للتمويل العقاري؛ لأن ذلك يؤدي إلى تضييق نطاق تطبيقه في مجالات الضرورة فقط، بما يتطلب ذلك النص على عدم منح التمويل أو القرض العقاري إلا للشخص المضطر الذي لو لم يتوافر له المسكن بهذه الطريقة لأدى ذلك إلى هلاكه أو تعرضت حياته للخطر، هذا مع ضرورة الإشارة إلى أنه إذا وجد أسلوب شرعي للتمويل خلاف القرض الربوي- هو موجود بالفعل- فلا تكون هناك ضرورة للقرض الربوي.
    وفي ضوء ذلك امكن القول ان هناك من الفقهاء من يجيز التمويل العقاري العادي في حالة الاضطرار وعدم وجود تمويل اسلامي،بينما هناك من لم يجز ذلك مطلقا.وهناك حاجة لدراسة التكلفة الحقيقة للعقار في حالة شرائه عبر التمويل الاسلامي والتمويل العادي والمقارنة بينها لمعرفة القيمة التي يدفعها طالب التمويل وفي حالة التساوي فان الفرق بين التمويلين يسقط،ويحول التمويل بالمرابحة الى عملية لفظية لا اكثر بالنسبة لطالب القرض الامر الذي يعني الحاجة لاعادة النظر في التمويل بالمرابحة،اذ ان هدف الشريعة ليس تغيير الاسم والعنوان،بل رفع االاجحاف الذي يقع على عاتق المحتاج للقرض.

التمويل العقاري لمسلمي الغرب

من المناسب في هذا البحث ان اورد ماأصدره مجلس الإفتاء الأوربي ـ الذي يرأسه الدكتور يوسف القرضاوي ـبشان القرض العقاري للمسلمين في الغرب باعتباره بيئة غير اسلامية، في بيانه الختامي لدورته العادية الرابعة، المنعقدة في الفترة 18-22رجب 1420هـ الموافق 31أكتوبر1999م وهذا نص البيان:
نظر المجلس في القضية التي عمت بها البلوى في أوربا وفي بلاد الغرب كلها، وهي قضية المنازل التي تشترى بقرض ربوي بواسطة البنوك التقليدية.
وقد قدمت إلى المجلس عدة أوراق في الموضوع ما بين مؤيد ومعارض، قرئت على المجلس، ثم ناقشها جميع الأعضاء مناقشة مستفيضة، انتهى بعدها المجلس بأغلبية أعضائه إلى ما يلي:
1ـ يؤكد المجلس على ما أجمعت عليه الأمة من حرمة الربا، وأنه من السبع الموبقات، ومن الكبائر التي تؤذن بحرب من الله ورسوله، ويؤكد ما قررته المجامع الفقهية الإسلامية من أن فوائد البنوك هي الربا الحرام.
2ـ يناشد المجلس أبناء المسلمين في الغرب أن يجتهدوا في إيجاد البدائل الشرعية، التي لا شبهة فيها، ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، مثل (بيع المرابحة) الذي تستخدمه البنوك الإسلامية، ومثل تأسيس شركات إسلامية تنشئ مثل هذه البيوت بشروط ميسرة مقدورة لجمهور المسلمين، وغير ذلك.
3ـ كما يدعو التجمعات الإسلامية في أوربا أن تفاوض البنوك الأوربية التقليدية، لتحويل هذه المعاملة إلى صيغة مقبولة شرعا، مثل (بيع التقسيط) الذي يزاد فيه الثمن مقابل الزيادة في الأجل، فإن هذا سيجلب لهم عددا من المسلمين يتعامل معهم على أساس هذه الطريقة، وهو ما يجري به العمل في بعض الأقطار الأوربية، وقد رأينا عددا من البنوك الغربية الكبرى تفتح فروعا لها في بلادنا العربية تتعامل وفق الشريعة الإسلامية، كما في البحرين وغيرها.
ويمكن للمجلس أن يساعد في ذلك بإرسال نداء إلى هذه البنوك، لتعديل سلوكها مع المسلمين.
4ـ وإذا لم يكن هذا ولا ذاك ميسرا في الوقت الحاضر، فإن المجلس في ضوء الأدلة والقواعد والاعتبارت الشرعية، لا يرى بأسا من اللجوء إلى هذه الوسيلة، وهي القرض الربوي لشراء بيت يحتاج إليه المسلم لسكناه هو وأسرته، بشرط ألا يكون لديه بيت آخر يغنيه، وأن يكون هو مسكنه الأساسي، وألا يكون عنده من فائض المال ما يمكنه من شرائه بغير هذه الوسيلة، وقد اعتمد المجلس في فتواه على مرتكزين أساسيين:

المرتكز الأول: قاعدة \”الضرورات تبيح المحظورات\”
وهي قاعدة متفق عليها، مأخوذة من نصوص القرآن في خمسة مواضع، منها قوله تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) الآية:119 سورة الأنعام، ومنها قوله تعالى في نفس السورة بعد ذكر محرمات الأطعمة: (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم) الآية:145، ومما قرره الفقهاء هنا أن الحاجة قد تنزل منزلة الضرورة، خاصة كانت أو عامة.
والحاجة هي التي إذا لم تتحقق يكون المسلم في حرج وإن كان يستطيع أن يعيش، بخلاف الضرورة التي لا يستطيع أن يعيش بدونها، والله تعالى رفع الحرج عن هذه الأمة بنصوص القرآن كما في قوله تعالى في سورة الحج: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) الآية:78، وفي سورة المائدة: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) الآية:6.
والمسكن هو الذي يدفع عن المسلم الحرج هو المسكن المناسب له في موقعه وفي مرافقه، بحيث يكون سكنا حقا.

وإذا كان المجلس قد اعتمد على قاعدة الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة، فإنه لم ينس القاعدة الأخرى الضابطة والمكملة لها، وهي أن \”ما يباح للضرورة يُقَدَّر بَقَدْرِها\”، فلم يجز تملك البيوت للتجارة ونحوها.
والمسكن ولا شك ضرورة للفرد المسلم وللأسرة المسلمة، وقد امتن الله بذلك على عباده حين قال: (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا) النحل:80، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم السكن الواسع عنصرا من عناصر السعادة الأربعة أو الثلاثة، والمسكن المستأجر لا يلبي كل حاجة المسلم، ولا يشعره بالأمان، وإن كان يكلف المسلم كثيرا بما يدفعه لغير المسلم، ويظل سنوات وسنوات يدفع أجرته ولا يملك منه حجرا واحدا، ومع هذا يظل المسلم عرضة للطرد من هذا المسكن إذا كثر عياله أو كثر ضيوفه، كما أنه إذا كبرت سنه أو قل دخله أو انقطع يصبح عرضة لأن يرمى به في الطريق.

وتملك المسكن يكفي المسلم هذا الهم، كما أنه يمكنه أن يختار المسكن قريبا من المسجد والمركز الإسلامي، والمدرسة الإسلامية، ويهيئ فرصة للمجموعة المسلمة أن تتقارب في مساكنها عسى أن تنشئ لها مجتمعا إسلاميا صغيرا داخل المجتمع الكبير، فيتعارف فيه أبناؤهم، وتقوى روابطهم، ويتعاونون على العيش في ظل مفاهيم الإسلام وقيمه العليا.
كما أن هذا يمكن المسلم من إعداد بيته وترتيبه بما يلبي حاجته الدينية والاجتماعية، ما دام مملوكا له.

وهناك إلى جانب هذه الحاجة الفردية لكل مسلم، الحاجة العامة لجماعة المسلمين الذين يعيشون أقلية خارج دار الإسلام، وهي تتمثل في تحسين أحوالهم المعيشية، حتى يرتفع مستواهم، ويكونوا أهلا للانتماء إلى خير أمة أخرجت للناس، ويغدوا صورة مشرقة للإسلام أمام غير المسلمين، كما تتمثل في أن يتحرروا من الضغوط الاقتصادية عليهم، ليقوموا بواجب الدعوة ويساهموا في بناء المجتمع العام، وهذا يقتضي ألا يظل المسلم يكد طول عمره من أجل دفع قيمة إيجار بيته ونفقات عيشه، ولا يجد فرصة لخدمة مجتمعه، أو نشر دعوته.

المرتكز الثاني: (وهو مكمل للمرتكز الأول الأساسي) هو ما ذهب إليه أبو حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن الشيباني ـ وهو المفتى به في المذهب الحنفي ـ وكذلك سفيان الثوري وإبراهيم النخعي، وهو رواية عن أحمد بن حنبل، ورجحها ابن تيمية ـ فيما ذكره بعض الحنابلة ـ من جواز التعامل بالربا ـ وغيره من العقود الفاسدة ـ بين المسلمين وغيرهم في غير دار الإسلام.

ويرجح الأخذ بهذا المذهب هنا عدة اعتبارات، منها:
1ـ أن المسلم غير مكلف شرعا أن يقيم أحكام الشرع المدنية والمالية والسياسية ونحوها مما يتعلق بالنظام العام في مجتمع لا يؤمن بالإسلام، لأن هذا ليس في وسعه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وتحريم الربا هو من هذه الأحكام التي تتعلق بهوية المجتمع، وفلسفة الدولة، واتجاهها الاجتماعي والاقتصادي.
وإنما يطالب المسلم بإقامة الأحكام التي تخصه فردا، مثل أحكام العبادات، وأحكام المطعومات والمشروبات والملبوسات وما يتعلق بالزواج والطلاق والرجعة والعدة والميراث وغيرها من الأحوال الشخصية، بحيث لو ضيق عليه في هذه الأمور، ولم يستطع بحال إقامة دينه فيها لوجب عليه أن يهاجر إلى أرض الله الواسعة ما وجد إلى ذلك سبيلا.

2ـ أن المسلم إذا لم يتعامل بهذه العقود الفاسدة ـ ومنها عقد الربا ـ في دار القوم، سيؤدي ذلك بالمسلم إلى أن يكون التزامه بالإسلام سببا لضعفه اقتصاديا، وخسارته ماليا، والمفروض أن الإسلام يقوي المسلم ولا يضعفه، ويزيده ولا ينقصه، وينفعه ولا يضره، وقد احتج بعض علماء السلف على جواز توريث المسلم من غير المسلم بحديث: \” الإسلام يزيد ولا ينقص \” أي يزيد المسلم ولا ينقصه، ومثله \” حديث \” الإسلام يعلو ولا يعلى \”، وهو إذا لم يتعامل بهذه العقود التي يتراضونها بينهم، سيضطر إلى أن يعطي ما يطلب منه، ولا يأخذ مقابله، فهو ينفذ هذه القوانين والعقود فيما يكون عليه من مغارم، ولا ينفذها فيما يكون له من مغانم، فعليه الغرم دائما وليس له الغنم، وبهذا يظل المسلم أبدا مظلوما ماليا، بسبب التزامه بالإسلام، والإسلام لا يقصد أبدا إلى أن يظلم المسلم بالتزامه به، وأن يتركه ـ في غير دار الإسلام ـ لغير المسلم، يمتصه ويستفيد منه، في حين يحرم على المسلم أن ينتفع من معاملة غير المسلم في المقابل في ضوء العقود السائدة، والمعترف بها عندهم.

وما يقال من أن مذهب الحنفية إنما يجيز التعامل بالربا في حالة الأخذ لا الإعطاء، لأنه لا فائدة للمسلم في الإعطاء، وهم لا يجيزون التعامل بالعقود الفاسدة إلا بشرطين: الأول: أن يكون فيها منفعة للمسلم، والثاني: ألا يكون فيها غدر ولا خيانة لغير المسلم، وهنا لم تتحقق المنفعة للمسلم.
فالجواب: أن هذا غير مسلَّم، كما يدل عليه قول محمد بن الحسن الشيباني في السير الكبير، وإطلاق المتقدمين من علماء المذهب، كما أن المسلم وإن كان يعطي الفائدة هنا فهو المستفيد، إذ به يتملك المنزل في النهاية.

وقد أكد المسلمون الذين يعيشون في هذه الديار بالسماع المباشر منهم وبالمراسلة: أن الأقساط التي يدفعونها للبنك بقدر الأجرة التي يدفعونها للمالك، بل أحيانا تكون أقل، ومعنى هذا أننا إذا حرمنا التعامل هنا بالفائدة مع البنك حرمنا المسلم من امتلاك مسكن له ولأسرته، وهو من الحاجات الأصلية للإنسان كما يعبر الفقهاء، وربما يظل عشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر، يدفع إيجارا شهريا أو سنويا، ولا يملك شيئا، علـى حين كان يمكنه في خلال عشـرين سـنة ـ وربما أقل ـ أن يملك البيت.
فلو لم يكن هذا التعامل جائزا على مذهب أبي حنيفة ومن وافقه، لكان جائزا عند الجميع للحاجة التي تنزل أحيانا منزلة الضرورة، في إباحة المحظور بها.
ولا سيما أن المسلم هنا، إنما يؤكل الربا ولا يأكله، أي هو يعطي الفائدة ولا يأخذها، والأصل في التحريم منصب على (أكل الربا) كما نطقت به آيات القرآن. وإنما حرم الإيكال سدا للذريعة، كما حرمت الكتابة له والشهادة عليه، فهو من باب تحريم الوسائل لا تحريم المقاصد.

ومن المعلوم أن أكل الربا المحرم لا يجوز بحال، أما إيكاله ـ بمعنى إعطاء الفائدة ـ فيجوز للحاجة، وقد نص على ذلك الفقهاء، وأجازوا الاستقراض بالربا للحاجة إذا سدت في وجهه أبواب الحلال.

ومن القواعد الشهيرة هنا: أن ما حرم لذاته لا يباح إلا للضرورة، وما حرم لسد الذريعة يباح للحاجة، والله الموفق.

استجابة من هولندا

يخطط المصرف الهولندي المعروف (رابو بنك) للبدء بمشروع القرض العقاري الإسلامي، أي القرض بدون فوائد، وفقاً للأحكام الإسلامية. وتشجع بعض الأحزاب السياسية هذه الخطة، كما تدرس مصلحة الضرائب إمكانية تطبيق تسهيلات ضريبية على هذه القروض. ويعتقد مؤيدو الفكرة أنها ستشجع المسلمين في هولندا على شراء المنازل.

ويعيش في هولندا حوالي مليون مسلم، يسكن معظمهم في منازل مستأجرة. ولا يشتري عدد كبير من المسلمين عقارات؛ لأن التعاليم الإسلامية تحرم الربا؛ مما يمنعهم من استخدام القروض العقارية وفق النظام السائد.

ويرى مصرف (رابو بنك) في هذه الظاهرة فرصة لاستقطاب زبائن جدد من خلال مشروعه الذي يسميه (القرض العقاري الحلال). ويقول أصحاب الفكرة:إن دراسة أثبتت أن حوالي مائتي ألف مسلم يسكنون حاليّا في منازل مستأجرة سيفكرون في شراء منازل وفقاً للنظام الإسلامي في حال تطبيقه. إحدى الأساليب التي سيعتمدها (رابو بنك) هي أن يقوم البنك بشراء المنزل ثم يبيعه للزبون بسعر أعلى، ويمكن للزبون تسديد قيمة المنزل بالتقسيط. وهكذا سيحقق البنك أرباحاً من خلال فارق السعر.

مبادرة (رابو بنك) هذه سبقتها نقاشات سياسية حول هذا الموضوع. فقد قدمت كتلتا الحزب الليبرالي، والديمقراطيون المسلمون (كتلة صغيرة في مجلس بلدية العاصمة لاهاي) طلباً إلى وزير المالية \”خيرت زالم\” لتعديل قانون الضريبة بحيث يحصل الشخص الذي يشتري عقاراً وفق النظام الإسلامي على التسهيلات الضريبية ذاتها الخاصة بالقروض العقارية العادية.

ويأمل الحزبان في أن تزيد هذه الإجراءات من نسبة مالكي البيوت بين المهاجرين. وقال الوزير \”زالم\”: إنه ليس في نيته تعديل قانون الضريبة، لكنه كلف مصلحة الضرائب بدراسة مدى انسجام الصيغة المقترحة للقروض العقارية مع القانون الحالي.

ولم تبد البنوك الأخرى ـ حتى الآن ـ اهتماماً بمشروع (القروض الحلال(.لكن المؤسسة المالية المعروفة باسم (بلا ربا) قررت دخول هذا السوق. وتزعم هذه المنظمة أن لديها آلاف الزبائن المحتملين، وأن من حقّ المسلمين الحصول على التسهيلات الضريبية ذاتها، التي يحصل عليها غير المسلمين. ويقول \”محمد ديني\” ـ مدير مؤسسة بلا ربا\”:إنهم (المسلمين) يضطرون الآن لدفع إيجارات باهظة\”.
ويبدو أن المسلمين المهاجرين إلى البلدان الغربية يشعرون بحاجة أكثر لمثل هذه المصارف الإسلامية، مقارنة بالمسلمين المقيمين في بلدانهم الأصلية. ويرى \”البعض\” في ذلك \”محاولة من المسلمين المهاجرين لتأكيد هويتهم الإسلامية في مواجهة الرأسمالية الغربية.

الخاتمة

يمكن القول في ضوء ما سبق ان مستقبل السوق العقاري في منطقة الخليج بشكل عام والبحرين على وجه الخصوص مرشح للطفرات ايضا وهي سمات الاسواق الغير كفوءة،ومن المتوقع ان يزداد التمويل العقاري للمشاريع الاستثمارية على حساب التمويل العقاري الشخصي،وذلك راجع الى هذه الطفرات التي تجعل من الصعب على البنوك تغطية تكلفة التمويل لشراء بيوت لمتوسطي الدخل،رغم ما تحاوله حكومة البحرين من اعطاء قروض عبر بنك الاسكان تزيد على 40 الف دينار وان تكون الاستقطاعات الشهرية لا تزيد على 35% من الراتب وان تصل فترة السداد الى 30 عاما،ورغم ارتفاع عدد البنوك التي تتعامل بالتمويل الاسلامي اذا يزيد عددها على خمسة وعشرين،وعمل مؤسسات اخرى على تبني التمويل بطريقة المرابحة،وهذاذلك راجع الى الارتفاع الغير مبرر لاسعار الاراضي،وكذلك اسعار الارتفاع المبالغ فيه للعقار،مقارنة بالرواتب المتدنية لاصحاب الدخل المحدود ومن يعدون من الطبقة المتوسطة،والتي تشير بعض التقارير الى قرب انقراضها والتحاقها بالطبقة الفقيرة نتيجة الارتفاع المريع في الاسعار الاستهلاكية العامة.
وهذا ما يدعو الى الجدية في بناء سوق كفئ،تعم فيه الشفافية وتداول المعلومات لكافة المتعاملين في السوق،بما يضمن ارباحا معقولة للجميع،على غير ما نجده اليوم من ارتفاع كبير في الاباح لدى بعض الشركات،وبالمقابل اعلان شركات اخرى عن افلاسها.
اصبح اليوم من غير الممكن شراء عقار باربعين الف دينار اذ ارتفعت اسعار العقارات الى ما يزيد على مئة الف،وهو ما يعني ان بنك الاسكان الحكومي مضطر لرفع القروض العقارية الى ما يقرب من هذا الرقم،وهو ما يحتاج الى اكثر من خمسين عاما للتسديد.الامر الذي يعني عدم القدرة على التغطية من البنك وطالب القرض.
لذلك فان بناء استراتيجية جديدة للحصول على سكن مقبول اصبح مسالة ملحة في مملكة البحرين.

المصادر

1/قاسم،د.خالد،محاضرات في الاستثمار،جامعة دلمون،ابريل 2007م،مملكة البحرين.
2/ مغنية،محمد جواد،فقه الامام جعفر الصادق،ج3،دار الجواد ودار التيار،الطبعة السادسة،1992م.بيروت.
3/الزحيلي،د.وهبة، الفقه الاسلامي وادلته،الجزء الرابع،اصدار دار الفكر،الطبعة الثالثة،1989م.
4/الشهاوي،د.قدري عبد الفتاح،موسوعة التمويل العقاري،توزيع منشاة المعارف،الاسكندية،2005م.
5/ محمد فتحي – باحث اقتصادي،صفحة اسلام او لاين. http://www.islamonline.net/arabic/economics/2001/04/article13.shtml
6/http://www.alriyadh.com/2007/05/18/article250190.html
7/البيان: ضخامة المشروعات تشجع التنافس بين المصارف
8/http://www.menafn.com/arabic/qn_news_story_s.asp?type=all&storyid=1093152443
9/http://www.argaam.com/frontend/CompanyNewsDetail.aspx?id=7812
10/http://arabic.bayynat.org.lb/books/fatawa/f3k1m2b1f1.htm
11/ http://alshirazi.com/rflo/ajowbeh/arshif/almoamlat.htm
12/http://www.arabihelp.com/vb/showthread.php?t=847
13/ جريدة الشرق الاوسط:
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=47&article=301864&issue=9678
14/جريدةالشرق الاوسط العدد:9708،27/مايو /2005م
http://www.aawsat.com/details.asp?section=6&issue=9708&article=308194
15/جريدةالوسط:العدد،1718،الاثنين،21/5/2007م
16/http://www.al-watan.com/printit.asp?news=ecs5&tdate=20070117
17/منتديات مملكة البحرين:
http://bahrainforums.com/showthread.php?t052
18/http://www.islamonline.net
19/http://www.shiaparlement.com/modules.php?name=News&file=article&sid=1668
20/http://www.akhbar-alkhaleej.com/Articles.asp?Article=186407&Sn=BNEW


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *