تبوك:كانت القلعة القوية ، الرفيعة الجدران المقامة عند عين ماء على الشريط الحدودي السوري في طريق حجر والشام.وكانت سوريا آنذاك تابعة لامبراطورية الرومانية،وكان جميع سكان المناطق الحدودية للشام نصارى على دين المسيح عيسى عليه السلام وأكثر زعمائها ولاة منصوبين من قبل حاكم الشام الذي كان يمثل هو بدوره امبراطور الروم ، ويمتثل اوامره.(1)
‘,’لقد كانت هذه الغزوة في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة وكان في مايذكر المؤلفون في سيرة الرسول قد اتصل به نبأ من بلاد الروم أن ملك الروم قد هيأ جيشا كبيرا لغزو العرب في شبه الجزيرة العربية وأعد العدة للقضاء على محمد وأتباعه الذين أصبحوا يهددون المناطق المتاخمة لحدود الحجاز.
وجاء في تاريخ الخميس ، ان جماعة الانباط قدموا المدينة وأخبروا النبي بذلك. حينها لم يتردد في مواجهة تلك الحشود التي اعدتها الروم بنفسه على رأس جيش قوي يستطيع القضاء على كل أمل يراود الغزاة . (2)
كما بلغه(ص) نبأ استقرار فريق من جنود الروم على الشريط الحدودي للشام عن طريق القوافل التجارية التي تعمل على طريق الحجازـالشام فلم ير رسول الله (ص) بدا من أن يرد على هولاء المعتدين بجيش عظيم .. ولقد بلغ هذا الخبر المقلق أهل المدينة وأمر رسول الله (ص) أصحابه بالتهيؤ لمجابهة غزو الروم ، والناس في زمان عسرة، وشدة من الحر ، وجذب من البلاد، وقد طابت الثمار ، والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ، ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم عليه .(3)
وأرسل النبي الى القبائل العربية من مختلف المناطق يعلمهم بما عزم عليه ويدعوهم للتهيؤ لاعداد أكبر جيش يمكن اعداده ، وقد خالف في هذه الغزوة وحدها الطريقة التي كان يتبعها من قبل حيث كان لايخبر في الغالب الا خواص اصحابه بما يريد، واحيانا لايخبر احدا بل يرسل فرقة من الجيش لتتحرك في غير الاتجاه الذي صمم عليه ، تضليلا لاعدائه وللمنافقين مخافة ان يتصلوا بالعدو فيستعد للمقابلة او الفرار .
واهتم النبي (ص) بتجهيز ذلك الجيش وصمم على ان يكون في المستوىالمناسب لانه سيقابل به أكبر دولة يومذاك ، ولما لم يكن بامكانه ان يوفر لذلك الجيش كل ما يحتاجه من المؤن والعتاد رأى أن المصلحة تحتم عليه ان يكلف اغنياء المسلمين ويستعين بهم على تجهيزه بما يحتاج اليه من المؤن والعتاد ، فأرسل الى جماعة منهم رغب اليهم ان يتعاونوا معه بما آتاهم الله من فضله ، فأسرع جماعة منهم الى البذل بسخاء في هذاالسبيل بالرغم من الفاقة التي أصابت الحجاز في ذلك العام وأصبحت ضرورات الحياة في حكم المتعذرة على الطبقات الضعيفة من آثار القحط والجفاف .(4)
وأخيرا اعلن ثلاثون ألفا من المسلمين استعدادهم للمشاركة في هذه الغزوة واجتمعوا في معسكر عند \” ثنية الوداع \” وتهيأ قدر كبير من نفقات القتال عن طريق الزكاة وعطاء اهل اليسار من المؤمنيين، وكان الجيش الإسلامي يتألف من عشرة آلاف فارس وعشرين ألف راجل . وقد أمر رسول الله (ص) ان تتخذ كل قبيلة راية لنفسها.(5)
حل جيش المسلمين في مطلع شهر شعبان سنة تسع من الهجرة في أرض تبوك ، ولكن دون أن يرى أثرا لجيش الروم ، وكأن جنود الروم لما علموا بكثرة جنود الإسلام ، وبشهامتهم وتضحيتهم النادرة التي شهدوا نموذجا منها عن كثب في معركة \”مؤتة\”رأوا من الصالح ان ينسحبوا الى داخل بلادهم ولايواجهوا المسلمين ، ويثبتوا بذلك عمليا نبأ اجتماعهم ضد المسلمين، ويتظاهروا بأنهم لم تراودهم فكرة الهجوم على المسلمين قط ، وأن هذا النبأ لم يكن الا شائعة لا أكثر فيثبتوا من هذا الطريق حيادهم بالنسبة للحوادث والوقائع التي تحدث في الجزيرة العربية . في هذه اللحظة جمع رسول الإسلام (ص) قادة جيشه الكبار وتبعا للاصل الإسلامي \” وشاورهم في الامر \” تحادث معهم حول التقدم في أرض العدو أو الرجوع الى المدينة وشاورهم في ذلك فكانت نتيجة التشاور هي ان على الجيش الإسلامي أن يعود الى المدينة.(6)
على هامش غزوة تبوك
اراد النبي(ص) ان يستثمر هذه الغزوة في سبيل ترتيب علاقة جوار طيبة مع الولاة المنتشرين في المناطق الحدودية السورية الحجازية، لذلك: اتصل رسول الله صلى الله عليه وآله شخصيا بزعماء \” أيلة \” و\” أذرح \” والجرباء \” ، وتم عقد معاهدة عدم تعرض واعتداء بين الجانبين . و\” أيلة \” مدينة ساحلية تقع على ساحل البحر الاحمر ، ولاتبعد عن الشام كثيرا ، وكان زعيم تلك المنطقة هو \” يوحنا بن رؤبة \” ، فهو يوم أتى الى النبي (ص) وعليه صليب من ذهب على عادة النصارى ، قدم لرسول الله صلى عليه وآله فرسا أبيضا ، وأعلن عن طاعته لرسول الله (ص) فاحترمه النبي واكرمه ، وصالحة ، وكساه بردا يمنيا. وقد قبل \” يوحنا \” هذا أن يبقى على نصرانيته شريطة أن يدفع للنبي جزية قدرها ثلاثمائة دينار سنويا وعلى أن يحسن الى من يمر على أيلة من المسلمين وكتب له رسول الله (ص) كتاب أمان وقعه الطرفان ، جاء فيه :
\” بسم الله الرحمن الرحيم ،هذا أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليوحنا بن رؤبة وأهل أيلة لسفنهم وسياراتهم في البر والبحر ، لهم ذمة الله وذمة محمد رسول الله ولمن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر ، ومن أحدث حدثا ، فانه لا يحول ماله دون نفسه ، وأنه طيبة لمن أخذه من الناس وانه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقا يريدونه من بر وبحر.\”(7)
هذا الكتاب يكشف عن قاعدة مهمة في السياسة الإسلامية وهي أن أي شعب أراد أن يسالم المسلمين وفر الإسلام له كل أمن وسلام .
ثم ان رسول الله (ص) صالح بقية الحكام الحدوديين مثل سادة أقوام \”أذرح\” و \”جرباء\” التي كانت تتمتع باهمية استراتيجية، وبذلك ضمن أمن المنطقة الإسلامية من ناحية الشمال .
وكانت تقع على طريق تبوك منطقة عامرة خضراء ذات أشجار وزروع ومياه جارية تضم حصنا منيعا ، وتبعد عن الشام بما يقرب من خمسين فرسخا ، تسمى \” دومة الجندل \” وكان يحكمها يومذاك رجل مسيحي يدعى \” اكيدر بن عبد الملك \” .
وحيث أن رسول الله (ص) كان يخشى هجوما آخر من الروم ، والاستعانة بحاكم دومة المسيحي وبهذا يعرضون أمن الحجاز للخطر ، لذلك رأى (ص) أن يستفيد من قوته الحاضرة أكبر قدر ممكن فبعث مجموعة من المقاتلين بقيادة خالد بن الوليد الى المنطقة المذكورة لتطويعها وتطويع حاكمها .
فتوجه خالد مع فرسانه الى دومة الجندل حتى اقتربوا الى حصنها ، وكمنوا قريبا منه . وتمكن خالد بن الوليد من اكيدرفصالحه على أن يطلب له ولقومه الامان من رسول الله (ص) لقاء أن يفتح أبواب الحصن في وجوه المسلمين ويلقي أهلها الاسلحة .
فأمر اكيدر الذي كان يثق بصدق المسلمين واحترامهم لوعودهم وعهودهم ، أمر قومه أن يفتحوا أبواب الحصن ويسلموا للمسلمين ، ويلقوا اسلحتهم ويتركوا القتال ، وكانت الاسلحة تبلغ أربعمائة درع ، وأربعمائه رمح وخمسمائه سيف ثم توجه خالد باكيدر وقومه وما حصل عليه من الغنائم الى رسول الله(ص)ورغم ان \”اكيدر\”امتنع عن قبول الإسلام الا أنه رضي بأن يعطي الجزية للمسلمين ، وصالحه النبي (ص)على ذلك وكتب له كتابا ، ثم أهدى له صلى الله عليه وآله وسلم هدية واستعمل على حرسته \”عباد بن بشر\” ليوصله الى دومة الجندل سالما.(8)
البعد الاستراتيجي لغزوة تبوك في العلاقة بين الاسلام والغرب
رغم ان غزوة تبوك انتهت بطريقة سلمية لم يصطدم فيها جيش النبي(ص) بالجيش الروماني،الا انها تمثل مفصلا هاما في العلاقة بين الغرب والإسلام،اذ شعرالمسلمون انهم غير مأموني الجانب من قبل الامبراطورية الرومانية و الامارات العربية المتعددة على حدود هذه الامبراطورية والمدعومة سياسيا وعسكريا من قبلها.
ومن خلال الرجوع للاسباب والدواعي التي دفعت النبي(ص) لقيادة اكبر قوة عسكرية في حياته وفي ظرف غاية في الحراجة باتجاه الحدود الرومانية،نجد ان امارة عربيةـ دومة الجندل ـ قد حالفت قوى سياسية داخل الدولة الإسلامية وتواطأت معها للقضاء على هذه الدولة الفتية واستبدال الزعامة القائمة والانظمة المستمدة من الدين الإسلامي بزعامة وانظمة متحالفة مع الامبراطورية الرومانية.
ذكرت بعض المصادر رواية عن الامام الكاظم(ع):\”ان المنافقين ـ في المدينة ـ اتفقوا وبايعوا أبا عامر الراهب ـ الذي سماه ـ الرسول \”ص\” بالفاسق ـ وجعلوه اميرا عليهم وبخعوا له بالطاعة فقال لهم الرأي أن أغيب عن المدينة .. وكاتبوا اكيدر في دومة الجندل ليقصد المدينة ليكونوا هم عليها وهو يقصدهم فيصطلموه فاوحى الله الى محمد \”ص\” وعرفه مااجتمعوا عليه من امرهم وامره بالمسير الى تبوك.\” (9)
ووردعن قصة ابي عامر الراهب: أنه بعد فتح مكة هرب الى الطائف فلما أسلم أهلها لحق بالشام وخرج الى الروم وتنصر، وقد أرسل الى المنافقين أن استعدوا وابنوا مسجدا فاني اذهب الى قيصر وآتي من عنده بجنود وأخرج محمد من المدينة فكان هؤلاء يتوقعون أن يجيئهم ابو عامر فمات قبل أن يبلغ ملك الروم \”(10)
وتضيف الرواية السابقة عن الامام الكاظم(ع):
\”أن اكيدر كان يهدد رسول الله \”ص\” بانه يقصده ويقتل اصحابه ويبيد خضراءهم …وأكثر المنافقون الاراجيف والاكاذيب وجعلوا يتخللون اصحاب محمد \”ص\” ويقولون أن اكيدر قد اعد من الرجال كذا ومن الكراع كذا ومن المال كذا وقد نادى فيما يليه من ولايته الا قد ابحتكم النهب والغارة في المدينة ثم يوسوسون ضعفاء المسلمين يقولون لهم فاين يقع اصحاب محمد من اصحاب اكيدر ، يوشك أن يقصد المدينة فيقتل رجالها ويسبى ذراريها ونساءها حتى آذى ذلك قلوب المؤمنين.\” (11)
ضمن هذا السياق ـ ايضا ـ يمكن فهم دواعي استخلاف النبي \”ص\” لعلي (ع)بالمدينة في هذه الغزوة،رغم أن عليا (ع) كان قائد غزوات النبي (ص) والمدخر للحظات الحرجة في سير المعارك .فقد: اتفق المؤرخون بأنه امر عليا (ع) بأن يبقى في هذه الغزوة بالمدينة وهي الغزوة الوحيدة التي لم يشترك بها علي (ع) وقد تركه في المدينة خوفا ان ينقض عليها المنافقون والاعراب، والنبي \”ص\” يعلم بأنه لا يصلح لهذه المهمة الا رجل خبير بادارة الصراع.
ومما يؤكد ذلك ان الذين تخلفوا عنه من المنافقين والاعراب لم يكونوا بالعدد القليل كما يبدو ذلك مما جاء في كتب السير من ان الذين تخلفوا مع عبد الله بن ابي ليسوا بأقل العسكرين على حد تعبيرهم .وهب ان هذا العدد مبالغ فيه كما هو ليس ببعيد ، ولكن من المتيقن انهم كانوا عددا لا يستهان به ، وبامكانهم ان يعبثوا بالمدينة وخارجها،فكان لابد من تخليف رجل بارع في القدرة العسكرية كالامام علي بن الي طالب (ع) لما خبروه عنه من مواقف مشهودة في المعارك والغزوات.ولما سار النبي بالجيش ثقل على المنافقين بقاء علي في المدينة فقالوا ان محمدا لم يستخلفه في المدينة الا استثقالا له وكرها به ، لانهم كما يبدو قد صمموا على ان يعبثوا في المدينة خلال غيبة الرسول عنها ، ووجود علي فيها سيحول بينهم وبين ما عزموا عليه وخططوا له وظنوا انهم اذا أثاروه بمثل هذه الشائعات سيلحق بالرسول ويستعمل غيره ممن هو اضعف منه ولا يستطيع ان يحول بينهم وبين مايضمرون .ولما شاعت مقالتهم في المدينة وبلغت عليا (ع) اخذ سلاحه ولحق بالنبي وهو نازل بالجرف فقال يا نبي الله لقد زعم المنافقون بانك انما خلفتني لانك استثقلتني وتخففت مني ، فقال له النبي \”ص\” كما جاء في رواية الطبري وابن هشام في سيرته وتاريخ ابي الفداء وغيره انما خلفتك لما ورائي ، وأضاف الى ذلك المفيد ان المدينة لاتصلح الا بي او بك فأنت خليفتي في أهل بيتي ودار هجرتي وقومي ، اما ترضى ياعلي ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي .فرجع علي الى المدينة بناء لامر النبي \”ص\”.(12)
وضمن السياق نفسه تأتي توصية النبي (ص) للمسلمين بضرورة التصدي لما ابدته بعض الامارات المحسوبة على الامبراطورية الرومانية للدولة الإسلامية الفتية.وتهيأته مجددا لجيش يتجه صوب الحدود الرومانية وامر ان يشارك فيه كل من هاجر الى المدينة خاصة.ثم انه(ص) لتحريك مشاعر المجاهدين عقد بيده لواء لاسامة بن زيد الذي امره على ذلك الجيش. وقال له:\” سر الى موضع قتل ابيك فاوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش ، فاغز صباحا وشن الغارة على أهل أبنى \”.(13)
وبعد يوم من عقد رسول الله صلى الله عليه وآله اللواء لاسامة تمرض(ص) بشدة واصابه صداع شديد تركه طريح الفراش،وقد علم في مرضه ان هناك من تخلف عن جيش اسامة … فجعل يقول لمن يعوده من اصحابه:\”انفذوا بعث اسامة\”.
وقد تسببت هذه التأكيدات في أن يحضر جماعة من المها جرين والانصار عند رسول الله \”ص\” للتوديع والخروج عن المدينة تلقائيا والالتحاق بجيش أسامة في معسكره بالجرف . وفيما كان أسامة يتهيأ للتوجه الى حيث أمر الرسول الكريم صلى الله عليه وآله بلغ بعض الصحابة الحاضرين في الجيش أنباء عن تدهور صحتة(ص) فتسببت في عدولهم عن الحركة و حضر أسامة عند رسول الله (ص) ليودعه فرأى آثار التحسن بادية على ملامح النبي (ص).فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله حاثا اياه على المبادرة والمسارعة في الخروج : \” أغد على بركة الله\” .
فعاد أسامة الى المعسكر وأمر بالتحرك فورا ، ولكن الجيش لم يكن قد غادر الجرف بعد ، حتى جاء نبأ من المدينة بأن رسول الله صلى وآله التحق بالرفيق الأعلى .(14)
وهكذا توفي النبي \”ص\” وهو يلح على توجيه جيش نحو الحدود الرومانية ، مع علمه بخروج مجموعة من الكذابين ، مدعي النبوة في الجزيرة العربية ،وهذا يعني أن النبي \”ص\” كان واثقا من امكانية القضاء على مدعي النبوة بكل سهولة ويسر ، ولكن الخطر الاكبرالذي كان يتهدد الدولة الاسلامية آنئذ يتمثل في الامارات العربية الخاضعة للامبراطورية الرومانية نفسها التي كانت تسيطر على اكبر مساحة في العالم آنذاك.
المصادر
(1) السبحاني،الشيخ جعفر، سيد المرسلين ،ج2ص552،مؤسسة النشر الإسلامي،قم
(2) الحسني،هاشم معروف، سيرة المصطفى ص623،دار التعارف،بيروت 1986م.
(3) المصدر ص624
(4) المصدر نفس الصفحة.
(5) سيد المرسلين ص 554.
(6) المصدر ص568.
(7) المصدر ص572.
(8) المصدرص573.
(9) المجلسي،العلامة الشيخ محمدباقر، بحار الانوار ج 21ص258،النسخة الكمبيوترية،الصادرة عن مؤسسة نور،قم1994م.
(10) المصدر ج21ص253
(11) المصدر ج21ص258.
(12) سيرة المصطفى ص 628.
(13) سيد المرسلين ص 660.
(14) المصدر ص663 ـ 664.