عيد المسلمون في هذا العام ثلاثة أيام، الاثنين والثلاثاء والأربعاء، وإذا كان تعدد أيام العيد معقولا ومبررا من الناحية الواقعية والفقهية لتعدد زاويا الرؤية البصرية والمنهجية الفقهية، فان هذه التعددية في بلد واحد تكشف عن عجز واضح لدى المرجعيات الدينية عن تحقيق الوحدة التي أراد الله سبحانه وتعالى للأمة أن تلتزمها في تقواه وعبادته، حين أكد القرآن الكريم:
\”أن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاتقون\”
\”إن هذه أمتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون\”‘,’
ومن دون شك أن المرجعيات الدينية كشخصيات أو مؤسسات تنأ بنفسها عن إشغال ذمتها أمام الله فتلازم الاحتياط في إثبات الهلال ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، فتكون بذلك قد أحرزت إبراء الذمة من إفطار المسلمين في يوم قد يحتمل أن يكون من شهر رمضان، أو تصومهم كصوم واجب في يوم يحتمل أن يكون من شعبان.
غير أن هذه الحماسة في الاحتياط أضرت بشرط العبادة والتقوى المتمثل في قيام المسلمين في عبادتهم وتقواهم كوحدة واحدة، وإذا لم يكونوا كذلك في شتى أرجاء المعمورة لتعدد المشارق والمغارب ووحدة الرب الخالق جل وعلى، فان قيامهم لله في بلد واحد أو بلدان متحدة الأفق أمر لابد منه، لتكون عبادتهم العبادة المطلوبة وتقواهم التقوى المحرض عليها في جميع الدعوات الدينية، من لدن أبينا آدم وحتى خاتم الأنبياء محمد(ص).
وهذا يعني أن الحماسة لوحدة هذه الأمة في قيامها لله لاتقل أهمية من الحماسة لإبراء الذمة.الأمر الذي يستدعي من مرجعيات الأمة و المرجعيات الدينية في كل بلد على اقل تقدير أن تبذل من الجهد العلمي والعملي لوحدة الصف في القيام لله أضعاف ما تبذله من جهد علمي في استنباط القواعد الفقهية بشأن إثبات الرؤية أو عدمها.
والحق أن التفاوت في شخوص المرجعية أو مؤسساتها بين حماسة إبراء الذمة وحماسة وحدة الأمة يضعنا اليوم بين طريقين.
الأول يقودنا إلى مزيد من التجزئة والتشرذم إن طغى الحماس لإبراء الذمة على النهوض بوحدة الأمة.
والثاني استعادة الدور الحضاري للمسلمين كما في بداية نشوء أمتهم إن بذلت المرجعيات الدينية جهدا مضاعفا لوحدة الأمة مضافا إلى ما عندها من حماسة دينية وعلمية لإبراء ذمتها.
وبالتالي فان المطلوب من أبناء الأمة دفع المرجعيات الدينية نحو مزيد من الفعل لرص الصفوف للقيام كوحدة واحدة بين يدي الله سبحانه وتعالى، وتعطيل التبريرات التي تعوق هذا القيام تحت أي اسم من المسميات.