وهكذا انقضت ايام شهر الله الفضيل، ومن دون شك ان الله عز وجل وهب للصائمين القائمين، الذين صاموا كما امر سبحانه وارشد رسوله، وهبهم التقوى التي وعد بها\”لعلكم تتقون\”، وهذه التقوى طاقة روحية خلاقة، تغير من شخصية الفرد والمجتمع، وتدفعهم نحو مزيد من الانطلاق والبحث عن افاق جديدة للتطوير.
‘,’اننا بعد هذا الشهر الكريم الذي يعد دورة روحية بصدق، يحق لنا ان نفرح بهذا العيد ونعتبره يوما سعيدا في حياتنا، فهو مكافئة لنا لانجاز كبير لايمكن الاستهانة به، وبداية انطلاق لتحقيق انجازات جديدة في حياتنا، بعد ان تزودنا بالطاقة اللازمة لها.
اذا تحصلنا على التقوى بعد صيام هذا الشهر الفضيل، فذلك يعني ان ايماننا بالغيب المرتبط بالله عز وجل قد تعمق اكثر، وعلاقتنا بالوحي الذي انزله الله على خيرة البشرية المتضمن للكنوز المعرفية قد توسعت اكثر، ويقيننا بالجزاء الاخروي قد تركز بشكل اشد، وصلاتنا اليومية وانفاقنا بوعي وبصورة دائمة اصبح الزم، واصبحنا قادرين على ضبط انفعالاتنا، والصبر والصدق في مختلف المواقف، وأصبح العفو والوفاء استراتيجية حياتية عندنا، وصرنا من المحسنين، كما اننا اصبحنا قادرين على تصحيح اخطائنا اولا باول، وكل ذلك يجعلنا فرحين باكمالنا هذه الدورة الربانية، وان نعيد ونفرح بكل فخر واعتزاز.
غير ان الخوف على هذه الطاقة الروحية ان تتلاشى، بعد ايام من هذا العيد المبارك، تتلاشى تحت تأثير ضغوطات الحياة، وتحريك الإغراءات لشهواتنا الغير مشروعة، وبراعة الشيطان في الدخول علينا من نقاط ضعفنا الإنسانية، وهذا سيؤثر من دون شك على مواصلتنا لتسجيل النجاحات هنا وهناك.
لقد بشر النبي محمد (ص) الصائمين في هذا الشهر الكريم إيمانا واحتسابا بالجنة، وفي بعض المرويات أن الذي يقدر له أن يموت بعد نهاية هذا الشهر الكريم فقد ضمن الجنة، وهذا يدل على أن الحالة التي يخرج بها المؤمن من هذا الشهر تجعله مؤهلا للفوز في الآخرة بارقى المواقع، وهو يعني بالمقابل انه أصبح في هذه الدنيا مؤهلا أيضا لجني النجاحات، الأمر الذي يجعلنا نفكر بجدية في اقتناص الفرص القائدة لنجاحات استراتيجية إن على المستوى الفردي أو الجماعي، وهذا ما يجعل عيدنا عيدا سعيدا مباركا لا تضاهيه أية مناسبة أخرى.
سيكون عيدنا أن شاء الله مباركا حين نحتفظ بطاقة التقوى طيلة عامنا، وهي خير زاد يمكننا التزود به في هذه الرحلة،إلى أن يحل علينا الشهر الكريم ضيفا من جديد.
يقول تعالى:”…وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ\”البقرة/197
أعاد الله علينا وعليكم هذه الأيام المباركات، وجعل أيامنا وأيامكم سعيدة، مليئة بالخيرات والكرامات، ووفقنا وإياكم في هذه الدنيا إلى النجاحات، وفي الآخرة الفوز بالجنة في رفيع الدرجات، انه قاضي الحاجات مجيب الدعوات، منزل البركات.