المستقبل افضل مع التقوى


سبق وان ذكرت في مقالة ماضية ان في القرآن الكريم اربع آيات تشير بشكل واضح ان المستقبل للمتقين،وهذه الايات الاربع تختصر تجارب واقعية لمجتمعات،اخذت بعوامل التقوى فجاءها المستقبل متواضعا بين يديها،وتشير في ذات الوقت لمجتمعات تنكرت لعوامل التقوى فكان نصيبها الدمار في الدنيا والخزي في الأخرة.
‘,’في هذه المقالة اود ان اشير للعناصر العامة التي تشير اليها الآيات المباركات،سواء السلبية منها التي تسبب انهيارا ودمارا للمجتمعات التي لا تقلع عنها،والايجابية التي ينبغي لمجتمع المؤمنين الأخذ بها ليمتلكوا زمام المستقبل،وهنا تذكير بالآيات المباركات:
قوله تعالى:(تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)القصص/83
قوله تعالى:(وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى)طه/132
قوله تعالى:(قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)الاعراف/128
قوله تعالى:(تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)هود/49
نستطيع ان نسجل من قراءة الايات المباركة في السياقات التي جاءت فيها(يمكن مراجعتها في سورها للالمام بذلك)ان هنالك ممارسة اجتماعية خاطئة ستقود اي مجتمع من المجتمعات الى نتائج كارثية وهي:
1/الاستعلاء والاستكبار
2/الفساد
3/الظلم والطغيان
4/الاستهزاء والازدراء
5/العناد والمكابرة
وقد يصاب مجتمع من المجتمعات باحدى هذه الممارسات او ان تجتمع هذه الممارسات في هذا المجتمع،وهو ما يعجل في دماره وانقراضه،ولعل التقارير والدراسات تشير اليوم الى ان هذه الممارسات او بعضها هي المسئولة بشكل مباشر عن تخلف الكثير من المجتمعات،الامر الذي يستدعي منا معاشر المسلمين بشكل خاص ان نراجع كتاب الله العزيز،لنأخذ منه العضة والعبرة لتجنب عوامل الفشل والدمار المجتمعي،ولعل الفساد المالي والاداري والاخلاقي والسياسي والاقتصادي والحقوقي،هو ما ينال الكثير من الاهتمام في واقعنا المعاصر من قبل المؤسسات المعنية بذلك،ولا تعير الكثير من المؤسسات والتقارير اهتماما يذكر بحالات الاستكبار التي تعيشها بعض المجتمعات لما تتسم به من تقدم علمي واقتصادي وعسكري،فتستخدم كل ذلك لقهر الشعوب الأخرى،لكن القرآن الكريم يشير وهو الصادق المصدق،الى ان هذه الحالة الاستعلائية والاستكبارية،هي احدى المؤشرات القوية لانهيار هذه المجتمعات،وما شهدناه من انهيار بعض المجتمعات الكبرى هو احدى مصاديق الرؤية القرآنية.
كذلك فان الاستهزاء بالقيم الالهية والانسانية التي دعت اليها الديانات السماوية،سيما الاسلام كخاتم للرسالات السماوية،ان هذا الاستهزاء والعناد والمكابرة،بل العمل المضاد لها في بعض المجتمعات المعاصرة،هي مؤشرات ايضا لانهيارها،مهما كانت القوة الاقتصادية او السياسية او العلمية والعسكرية لدى هذه المجتمعات،ذلك لان العناد والاستهزاء والمكابرة،للحقائق الدينية التي هي من مصلحة البشرية عامة،لن تثمر الا انتكاسا لممارسين لها،لانها كالجدار الصلب الذي يصطدم به المصر على مناطحته،ولن يكون الناس دائما على استعداد للسير خلف من يناطح الجدران ويخالف الحقائق التي يقبل بها كل الناس،وتناغم وجدانهم وفطرتهم.
وفي ذات اللحظة نجد ان المجتمعات التي تستعين بالله عز وجل في انطلاقتها،وتنفتح عليه من خلال اقامتها الدائمة المتواصلة للصلاة،والصبر على قيمها ومبادئها واعتقاداتها وممارستها الدينية الحقة،ومن ثم تعميق التقوى في القلوب والنفوس،والتي منها التخطيط السليم للمستقبل وهي احدى سمات المتقين،فان هذه المجتمعات يكون المستقبل من نصيبها.
والقرآن الكريم حين يقدم لنا النماذج المذكورة، من حياة نوح وموسى ونبينا محمد(ص) وهو اقرب الامثلة الينا،انما يضع بين ايدينا الخبرات السابقة التي يمكننا الاخذ من تفاصيلها لتفاصيل حياتنا اليوم.وكفى غنى بتجربة نبينا محمد (ص) المليئة بالتفاصيل التي لا تترك لنا مجالا للبحث عن غيرها.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *