استغلال الاخرين فشل


حين يطلب منا القرآن الكريم ان يكون نجاحنا بجهدنا الذاتي،فان ذلك سيؤكد على المردود النفسي للنجاح قبل ان يكون مردوده الانجاز على ارض الواقع،ذلك ان الذي ينجز من خلال ابداعه وابتكاره وبذل جهده الخاص،تتدعم ثقته في نفسه،وينطلق في فضاءات ارحب لتسجيل انجازات جديدة،اما الذي ينجح على اكتاف الاخرين،وسرقة لجهودهم،واستغلالا لحاجاتهم الانسانية،فانه لا يشعر ابدا بقيمته الذاتية،بل ربما بينه وبين نفسه يشعر بالحقارة والدونية،ومن ثم تعتمل بداخله حالة صراعية،تدمر اكثر مما تبني وتهدم اكثر مما تشيد.لذلك حذرنا الله سبحانه وتعالى من الربا،يقول تعالى:\”يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون\”130/آل عمران.
‘,’وصور استغلال الآخرين كثيرة،وانما قدم القرآن الكريم الربا كنوع من صور استغلال الاخرين،لانه مثال حسي صارخ،ومشكلة اجتماعية ضخمة،وقد وعدت في نهاية المقال السابق ان انقل صورة اخرى للاستغلال،من خلال نقل قصة في حياة نبي الله دانيال حين كان صغيرا،في الرواية علي \”عليه السلام\”:كان دانيال النبي يتيم الابوين،احتضنته امرأة من بني اسرائيل فربّته،وان ملكاً من ملوك بني اسرائيل كان له قاضيان وكان لهما صديق وكان رجلاً صالحاً وله زوجة صالحة على جانب كبيرمن الجمال،فبعثه الملك في بعض أموره ؛ فقال الرجل للقاضيين : اوصيكما بامرأتي خيراً ؛ وخرج الرجل ، وكان القاضيان يأتيان باب الصديق ، فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها ، فأبت . فقالا لها ان لم تفعلي لنشهدن عليك عند الملك بالزنى ثم لنرجمنك.فقالت : افعلا ما احببتما،فأتيا الملك فشهدا عنده انها بغت ، وكان لها ذكر جميل فاعترى الملك من ذلك أمر عظيم واشتد غمّه،فقال لهما : ان قولكما مقبول فأجلوها ثلاثة أيام ثم ارجموها.
ونادى المنادي في تلك المدينة أن احضروا رجم فلانة العابدة فقد بغت ،وقد شهد عليها القاضيان.فاكبر الناس هذا العمل ودهشوا له،وقال الملك لوزيره ما عندك في ذلك ؟ هل من حيلة ؟ فقال الوزير ما عندي في ذلك شيء،فخرج الوزير في اليوم الثالث فاذا بغلمان يلعبون وفيهم دانيال ، فقال دانيال لأصحابه : تعالوا نلعب فاكون أنا الملك وتكون انت يا فلان العابدة،وفلان وفلان القاضيان، وقال وهذا سيفي يشير الى عصاة بيده، ثم قال : خذوا بيد هذا الشاهد(القاضي) فاجعلوه في مكان كذا ثم دعا بالاخر وقال : ان لم تقل حقاً قتلتك .. بم تشهد على هذه المرأة فقال : اشهد انها زنت،ثم سأله في أي مكان ؟واي ساعة،ومع من،وماشابه من الاسئلة التحقيقية،حتى انتهى من الشاهد الاول.قال :ردوه إلى مكانه.وجاء بالأخر.فقال :علام تشهد ؟ قال:أنها زنت. قال : في أي يوم ومتى ؟قال : يوم كذا وكذا . قال : مع من ؟قال مع فلان بن فلان .قال : في أي موضع ؟ قال في موضع كذا وكذا، فخالف صاحبه في الشهادة .فقال دانيال : الله اكبر ! شهدا بزور … ناد في الناس ان القاضيين شهدا على فلانة بالزور فاحضروا قتلهما.
فذهب الوزير إلى الملك مبادراً فاخبره بما رأى فبعث الملك إلى القاضيين ، ففرق بينهما ، وفعل بهما كما فعل دانيال فاختلفا في القول كما اختلف الغلمان ، فنادى في الناس وامر بقتلهما،وبرأ ساحة زوجة صاحبهما.
ولنا عبر من ذلك،ان لانسمح للاخرين باستغلالنا،وان لا نستغل نحن الاخرين مهما كانت حاجتنا ووضعهم،ولابد من وجود قوة رادعة في المجتمع تقف بحزم بوجه المستغلين.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *