الأمن ليس مسئولية أجهزة مختصة فقط بل هو مسئولية عامة يشترك فيها الجميع، واختلال هذا الأمن لن تكون نتائجه محصورة بفئة معينة بل ان الجميع سيتضرر ،وسيكون لهذا الضرر تأثيرات بالغة علي علاقة الناس بخالقهم جل وعلي.
‘,’
من هنا تصبح المهمة الأمنية جزء من رسالة الدعاة الدينيين، الذين يهمهم بالدرجة الأولي دعوة الناس إلي عبادة الله الواحد القهار،وتبيين غايات الرسالات السماوية التي تطهرهم وتزكيهم فتنميهم في كافة الأبعاد الإنسانية.
لكن هنالك شرطين لابد من توفرهما لتحقيق هذه الرسالة التنموية والعبادية، وهما توفير الحاجات الحياتية وتوفير البيئة الآمنة، ومن دونهما ،فلا عبادة ولا تنمية. هذا ما تشير إليه الآية المباركة \”فاليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف\”.
ولعل اللقاءات التي تتم بين فترة وأخري بين معالي وزير الداخلية وبعض الدعاة الدينيين تريد التأكيد علي الدور الكبير الذي يمكن لهؤلاء الدعاة القيام به للمساهمة في تشييد الأمن في المجتمع، في ظل تصاعد توترات أمنية هنا وهناك،سيما مع التوظيف الديني لبعض الأحداث كفعل أو كرد فعل،علي تجاذبات سياسية واجتماعية.
ويمكن لنا التأكيد علي حجم الدور الأمني للدعاة الدينيين من خلال اتساع رقعة الخارطة السياسية التي يسيطر عليها متدينون في واقعنا السياسي، فمجلس النواب الذي جاء بناء علي انتخابات قال الناس كلمتهم فيها، جاء بوجوه دينية من مختلف المناطق، وضع الناس ثقتهم بهم، كما أن الخطاب المسموع اليوم في المساجد والمآتم والجرائد والفضائيات هو صوت الدعاة الدينيين بمختلف مشاربهم ومآربهم.
ورب كلمة في جريدة أو خطبة في مسجد أو طلة فضائية تحرك الشارع إلي هيجان عارم، أو تلجم تفجر توتر يكاد يقع في منطقة ما، ويمتلك هؤلاء الدعاة القدرة علي إقناع الإنسان بالتخلي عن حياته فيئ سبيل أهداف أخروية، بغض النظر عن مطابقة هذه الدعوات للواقع الفعلي الذي تريده الرسالات السماوية. أما مخالفا له بشكل كلي.
من هنا فان الاستراتيجية الأمنية الناجحة هي ما تأخذ هذه القدرة للدعاة الدينيين بعين الاعتبار،وتنظر الهم باعتبارهم شركاء في تشييد الأمن في المجتمع، لا مجرد مؤيدين لاستراتيجيات أمنية تتخذ من قبل الجهات المختصة بين فينة وأخري.
والفرق بين الحالتين هو تماما كالفرق بين من يصطاد السمك وبين من يأكله، فالأول مبادر فاعل والآخر منتظر منفعل. وان من مصلحة البلاد والعباد أن يكون الجميع في المسألة الأمنية مبادرين، لا منتظرين. وحين تكون الرؤية بهذا الحجم سيكون حملة الرسالة الأمنية اكبر عددا وأوسع نطاقا.
إن استراتيجية الشراكة الأمنية،ستحرك بداخل هذا العدد الكبير من الدعاة الدينيين في مملكتنا الغالية هم المسئولية الأمنية، وفي ذات اللحظة ستدفعهم للجهر للجهات الأمنية المختصة بما يرونه من أسباب أخري تؤدي للتوتر لدي بعض الفئات من المجتمع، لها علاقة بالمستلزمات الحياتية المكملة للحالة الآمنة، لكي يعبد الناس رب البيت الحرام.