الحياة زوجية سعيدة


تعرف على شريك حياتك

وأنت في مطلع حياتك الزوجية (أو بعد أن تتزوج) تحتاج إلى حفظ ثلاث آيات من القرآن الكريم، وذلك لما لهذه الآيات من تأثير يستمر معك طيلة حياتك الزوجية، وستكون بحاجة إلى الرجوع إليها كلما وجدت أن هناك بعض التعقيد في العلاقة مع شريك الحياة.
‘,’

الآية الأولى
قوله تعالى:
\”يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير\”الحجرات/13
والتأمل في سر الخلق يكشف عن حاجة ملحة للتعارف على الجنس الأخر والتعرف عليه، ولا شك أن التعارف سواء بين الرجل والمراة أو الشعوب والقابل، إنما هو بهدف استكشاف ما يمتلكه الأخر لإثراء التجربة الإنسانية، الزوجية أو الاجتماعية، المحلية والحضارية.
وأنت كزوج وأنت كزوجة تحتاجان إلى بذل جهد للتعارف على بعضكما، فكل يوم جديد في حياتكما الزوجية ستكتشفان جديدا عن بعضكما. وهذا ما يجعل الحياة الزوجية تنطلق في أفاق متجددة مع مرور الليالي والأيام.

الآية الثانية
قوله تعالى:
\”..وليس الذكر كالأثنى..\”
وهي مقطع من الآية المباركة السادسة والثلاثين من سورة آل عمران، وبحسب العلامة الطباطبائي، فان هذا القول لله عز وجل وليس لأم مريم ابنة عمران عليها السلام، ويمكن لنا أن نفهم منها ما هو اعم من الفرق بين مريم وعيسى عليهما السلام، إذ الآية تشير اليهما، بل إلى ما هو فرق عام بين الذكر والأنثى، أو الزوج والزوجة، وهذا يعني أننا معنيون بأخذ الفوارق بين الرجل والمرأة بعين الاعتبار، فالرجل كائن يختلف في طبعه وميوله وطريقة تفكيره وسلوكه عن المرأة وكذلك العكس صحيح.

الآية الثالثة:
قوله تعالى:
\”ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون\”
يتضح من الآية المباركة أن أصل الزوجين واحد، وكلمة الزوجين تدل على أن كل واحد منهما مكمل للآخر والحياة لا تكتمل باستقلال احدهما عن الأخر، أو اخذ دوره، وتشعرنا الآية المباركة بان عدم الوصول إلى حالة التكامل بين الرجل والمرأة من خلال الزواج بينهما سيترك كل واحد منها متوترا، فلا بد له من السكن بالزواج مع الجنس الآخر.
ولأجل هذه الغاية جعل الله في تكوين كل واحد منهما نقاط جذب تحتوي على عنصري الضعف والقوة، فعنصر القوة لدى الرجل تستقطب تطلع المرأة ومن ثم حبه ووده وعشقه، ونقاط القوة لدى المرأة تستقطب تطلع الرجل ومن ثم حبها وودها وعشقها، وكذلك نقاط الضعف لدي المرأة تحنن قلب الرجل فتكسب رحمته وشفقته، وكذلك الحال عندما ترى المراة الرجل ضعيفا أمامها تحنو عليه بعاطفتها وشفقتها.
فكل منهما يمتلك ما يجعل الآخر يميل إليه ويكتمل به.

ونخلص من هذه الآيات المباركات، أن الغاية من الزواج ليس عدم الوقوع في الحرام فقط كما يتصوره البعض، بل البحث عن النصف المكمل، وتتم عملية التكامل من خلال التعرف على نقاط القوة والضعف لدى كل زوج، والعمل من أجل سد الضعف بقوة الزوج الأخر، والعكس.

خلفية الفوارق بين الرجل والمرأة

يتم التعرف على نقاط الجذب لدى كل زوج من خلال التعرف على خصائصه المميزة عن زوجه، ولاشك أن لهذه الفوارق خلفية في طبيعة خلقة كل واحد منهما، وهذا ما يؤكد عليه العلم الحديث، وهو بذلك يمد النظرة القرآنية بتفصيل، لم يتعرف عليها الناس من قبل.
\”لقد جاءت الدراسات العلمية في العقدين الأخيرين لتثبت أنّ الفروق البيولوجية بين الذكر والأنثى تنعكس بوضوح على طريقة التفكير، وعلى الميول، وعلى السلوك. وقد انعكست هذه البحوث العلمية في عالم التربية؛ حيث تتبنى الغالبية العظمى من علماء التربية سياسات تربويّة تقوم على أساس الفروق بين الجنسين، وضرورة مراعاة هذه الفروق في العملية التربويّة. أي أنّ البحوث العلميّة ومعطيات علم التربية جاءت منسجمة مع الإجماع البشري، الذي يقوم موقفه على أساس علمي، وهو التجربة والملاحظة عَبر آلاف السنين.\”
وقد تبيّن للعلماء أنّ هناك دماغاً ذكوريّاً ودماغاً أنثويّاً، وأنّ طريقة التفكير والسلوك والميول يحددها نوع الدماغ. وقد اكتشف العلماء أن حصول خلل في إفرازات الهرمونات أثناء الحمل، أي أثناء نمو وتطور الدماغ البشري، يؤدي إلى ميلاد ذكور بأدمغة أنثويّة وإناث بأدمغة ذكوريّة، ويلحظ ذلك في قلّة من الرجال والنساء.

بعض آثار الهرمونات

  1. العدوانية: الهرمونات الذكريّة تزيد في العدوانيّة، والهرمونات الأنثويّة تقلل منها.
  2. المنافسة: الهرمونات الذكريّة تزيد من حب المنافسة، والهرمونات الأنثوية تقلل من ذلك.
  3. الثقة بالنفس، والاعتماد على الذات: الهرمونات الذكريّة تزيد من الثقة بالنفس والرغبة في الاعتماد على الذات.
  4. التنوع الجنسي: الهرمونات الذكريّة تخلق الرغبة في التنوع الجنسي، على نقيض الهرمونات الأنثويّة.
  5. القوة والعنفوان: الهرمون الذكري هو هرمون القوة والعنفوان، وتبلغ نسبته عند الرجل أكثر من عشرة أضعاف نسبته عند المرأة.

وقد لوحظ ان لهذه الهرمونات تأثيرات تترك مميزات بن الرجال والنساء، منها:

  1. الرجل أكثر اهتماماً بعالم الأشياء، في حين أنّ النساء أشد اهتماماً ونجاحاً في عالم الأشخاص.
  2. المرأة تطلب التواصل وتحب العلاقات الشخصية، وهي تميل أكثر إلى الكلام في العواطف، لذا فهي ترى نفسها تحقق نجاحاً عندما تفلح في إقامة علاقات شخصية حميمة. في حين يعتبر الرجل نفسه ناجحاً عندما يفلح في عالم الأشياء، (الصناعات مثلاً).
  3. يُظهر الرجل رغبة في المنافسة، في حين تظهر المرأة رغبة في المشاركة. ويظهر ذلك واضحاً في ألعاب الذكور والإناث. من هنا نجد أنّ الارتقاء الوظيفي هو دليل نجاح في نظر الرجل، في حين ترى المرأة أنّ نجاحها يقاس بقدرتها على العطاء والتواصل.
  4. المرأة أقدر على قراءة الشخصية، ولديها حدس قوي، في حين نجد أنّ الرجل أقدر على الإحساس بالمكان والاتجاهات وقراءة الخرائط.

الطريق إلى التكامل

بعد استعراض بعض الفروقات بين الرجل والمرأة، ولكي لا تكون سببا للاختلاف بينهما، بل مدعاة للتكامل وخلق حياة سعيدة، تستثمر فيها الفوارق لصالح التنوع والتجديد في نمط الحياة المشتركة، فان ما هو المطلوب من الزوجين، ما يلي:
1/ الاحترام المتبادل: إذ لكل واحد منهما رصيده الإنساني الذي يجعله محترما، باعتباره إنسانا وباعتباره شريك حياة، ومن دون شك أن إعطاء الاحترام للشريك سيمنح الأسرة، حياة راقية، يتعلمها الأطفال في بداية تفتحهم على الحياة.
2/التقدير المتبادل: ويقصد به عدم استهانة أي من الزوجين بالآخر، فكل إنسان منحه الله سبحانه وتعالى ما يستطيع أن يثري به التجربة الإنسانية، وكما أن الزوج قادر على إدخال السعادة في الأسرة من خلال إنفاقه عليها، كذلك الزوجة قادرة على إدخال السعادة في أجواء الزوجية من خلال ممارسة دور المراة الودود.
3/التصريح من قبل الزوجين لبعضهما بالحب والاستعداد لمواجهة كافة صعوبات الحياة، والصبر على مرها، مثل الاستمتاع سوية بخيراتها، ومساندة أي طرف يصبح محل ابتلاء من قبل الطرف الآخر، وان التعاهد على ذلك في مطلع الحياة الزوجية يمنح الزوجين تفانيا في إسعاد بعضهما البعض.
4/الاحتفاظ بالحدود الشخصية: إذ أن بعد الزواج تتشكل ثلاث شخصيات، شخصية الزوج وشخصية الزوجة وشخصية الكيان الزوجي، وان من مصلحة الزوجين أن يحافظ كل واحد منهما على شخصيته المستقلة، في ذات اللحظة التي يبنيان فيها كيانهما الزوجي، والمقصود بالحفاظ على الشخصية المستقلة، أن لا يعمل أي طرف لإذابة الطرف الآخر في شخصيته، فيحوله إلى تابع له، فهذا مما يضعف الكيان الزوجي، على العكس من ذلك إذا كانت هنالك شخصيات ثلاث ولكل شخصية هويتها المستقلة، مع الانسجام بين الشخصيات الثلاث.
ولعل ما يوضح ذلك رغبة كل شخص في الاحتفاظ بعلاقاته وصداقاته قبل الزواج، وكذلك استقلال كل واحد من الزوجين بمشاعره اتجاه أقاربه ومعارفه، فلا ينبغي لأحدهما أن يجر الآخر لكي تتطابق مشاعره مع مشاعره.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *