الطائفة الرشيدة


تدرك اغلب الطوائف والفئات في مجتمعاتنا أن هناك عملا جادا من قبل أعداء هذه الأمة لتجزيء الموحد وتفتيت المجزئ، وأعداؤنا أيضا لا يتورعون عن الكشف عن خططهم في هذا السبيل، بل إنهم يتنافسون داخليا على مدى ما أنجزوه من إضعاف لنا لتحقيق العظيم من المصالح واستنزاف المزيد من طاقاتنا وثرواتنا، لتغذية شعوبهم ومناطقهم.
‘,’
وانه لمن الجهل والخبل أن يثق الإنسان في نياتهم مع ما يظهر على ألسنتهم تصريحا وتلميحا وتخطيطا من عداء سافر لامتنا واعتبارنا العدو الأول لهم.لكن البعض مصر على اتخاذ عدو غير عدوه، بل التعاون مع عدوه ضد شركائه في الوطن، مثل ما نسي قول الله عز وجل \”إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا\”.

من هنا تبرز الحاجة إلى الرشد في كل طائفة لكي لا تقع فريسة أعدائها وهي تحسب أنها تحسن صنعا، ولكي لاتقع تحت تأثير فئة متطرفة أو سياسية فيها تختصر مصلحة الوطن في طائفتها أو فئتها المحدودة، حين لا تجد الطائفة تتقبل أجندتها المشبوهة.

الطائفة الرشيدة هي التي تمسك على أيدي المتطرفين فيها، وتمنعهم من التعبير عنها بمناسبة وغير مناسبة، وتسدد السياسيين فيها لرسم برامج سياسية قائمة على أساس الخدمة العامة للمواطنين وليس لطائفتهم فقط، ولا تتوانى عن التعبير عن رفضها ومقتها لمن يريد أن يزج بها في أتون حرب الكراهية والتطرف ضد الشركاء في الوطن، وتمد يد التعاون والمحبة للآخرين على أساس العيش المشترك والمصير الواحد لهذا الوطن.
قد يظن البعض من هذه الطائفة أو تلك، أنها بمزيد من السيطرة والهيمنة على الكثير من مواقع القوى والنفوذ، ومنع الآخرين من ذلك، سيضمن لها ولأجيالها القادمة مستقبلا أفضل، لكنها قد تغفل أن هذه الحالة تؤسس لقاعدة صراعية، لا تستطيع هي بالذات أن تسيطر عليها، والأيام دول بين الناس، لكن الخاسر الأكبر بين هؤلاء وهؤلاء سيكون الوطن وقدرة أبنائه على العيش المشترك وبناء حضارة تقف على قدمين لأطول فترة ممكنة.
وقد سقطت طوائف بالفعل في عدد من البلدان حين جروا الحكم فيها إلى تضخيم مصالحهم على حساب الآخرين في قبال إسناد للحكم، وسقطت حكومات أيضا في عدد من البلدان حين استقوت بطائفة على حساب المكون المشترك في الوطن،فلم تربح الطائفة ولا الحكم ولا الوطن.

الطائفة الرشيدة ليست الطائفة التي تلغي الآخرين، لان الإلغاء أمر غير ممكن على الإطلاق، فقد جاءت مشيئة الله عز وجل أن يخلق الناس شعوبا وقبائل، إنما هي الطائفة التي تتعرف على إمكانياتها وقدراتها وإمكانيات الآخرين وقدراتهم وتسعى لاستثمار كل ذلك لصالح الوطن، إنسانا وأرضا وحضارة.

وتميز أي طائفة ليس بالشعار والصراخ بأنها السواد الأعظم والكثرة الغالبة، إنما بتقديمها طرازا حياتيا شفافا يسمح للآخرين بالأخذ عنه والتعلم منه والإشادة به، بل والدخول فيه.
ترى الم يستوعب رسول الله(ص) حتى أعداءه ويحولهم إلى شركاء له في النجاح واعمار البلاد وتزكية العباد.؟!


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *