مع اللحظات الاولى التي يشق فيها هلال شهر رمضان الكريم سماء المنطقة يعلن عن فرصة جديدة للتغيير، ومن ثم للنجاح، وهذه الفرصة تأتي مع زمن خاص مبارك منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الزمن، وممارسة عبادية خاصة تشعل حماسة النجاح بداخل الانسان الفرد والمجموعة، وتؤكد على ثقته بقدراته على الابداع من خلال تغيير نمط حياته اليومي الرتيب، عبر التزام الدقيق بهذه العبادة (الصيام) التي يستمر فيها منذ شروق الفجر إلى ما بعد غروب الشمس، متحديا رغباته الانسانية الدائمة المهيمنة عليه في الزمن العادي.
‘,’وفي هذا الزمن وهذه الممارسة العبادية يقوم المسلم بقراءة يومية لكتاب الله عز وجل، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تجاوبا مع الاحاديث النبوية الشريفة الكثيرة التي تحث على القراءة المتأنية لهذا الكتاب المقدس في هذا الشهر الكريم، وتؤكد ان اجر وثواب تلاوة آية منه تعدل ثواب قراءة القرآن الكريم كله في سواه من الشهور، فيقوده ذلك لاستلهام البصائر والرؤى التي تنير الحياة، فينطلق في رحاب نجاحات متجددة.
نحن اذن نعيش مناخا متميزا للتغيير، وفرصة ثمينة للنجاح، نعيش زمنا مباركا، وعبادة محرضة على امتلاك ناصية الامور، وقراءة لكتاب خالد هو خاتم الكتب السماوية التي انزلها الله عز وجل على البشرية، ليبدع في عمارة الارض، وينجح في استثمار موارده، لبناء حياة سعيدة، وينقلب في الاخرة إلى جنة عرضها السماوات والارض، اعدت للمتقين.
غير ان البعض من الناس لا يثمن قيمة الزمن الخاص ولا يعرف قيمة الصيام كعبادة ولا يدرك اهمية القراءة المتأنية لكتاب الله عز وجل، فيضيع على نفسه اعز الفرص للنجاح والتطور، غير مدرك ان كل ذلك محسوب من عمره الثمين، فان ذهاب الفرصة حسرة، بل قد تكون هي آخر فرص النجاح في حياته.
الامر الذي شك فيه، ان الفرق بين الناجحين في الحياة وغيرهم، هو ان الناجحين يقتنصون الفرص، وقد يخلقونها احيانا اخرى، بينما الفاشلون يضيعون اكبر الفرص في حياتهم.
وهذا الشهر الكريم فرصة مباركة، فرصة للفرد للتأمل في مسار حياته، هل هو ناجح ام فاشل، ناجح في كافة ميادين حياته ام في بعضها، وهل يقوده هذا النجاح للفوز بالآخرة ام سيكون وبالاً عليه هناك؟!
وهو كذلك فرصة متكررة للاسر والعوائل للتأمل في مسارها، هل هي تسير باتجاه التماسك والبناء السليم لشحذ همم ابنائها للتفوق والنجاح، وتسجيل مواقع متقدمة في المجتمع، ام انها اسر مفككة، غير قادرة على التوافق مع بعضها، وان ريحها في طريقها للزوال؟!
وكذلك هو فرصة متجددة سنويا للامة، لتراجع موقعها الاستراتيجي بين الامم، لتقدر بتواضع جم عناصر القوة والضعف عندها، وتضع نصب عينيها التهديدات والفرص التي تلوح في الافق، في ظل عالم سريع التطور، مشحون بالعدوانية مفتوح الآفاق لبناء علاقات جديدة، تقود للتغيير باتجاه عالم افضل، منفتح على ديننا الحنيف.
ولان هذا الشهر الكريم فرصة، اطل عليكم اعزائي القراء في كل يوم من خلال جريدتنا »الأيام« لأقدم تأملات قرانية تفتح لنا آفاقا جديدة.