لن تقع على لفظة النجاح او مشتقاتها في القرآن الكريم لكنك ستجد لفظة آكد دلالة واعمق مضمونا منها، وفي لفظة الفلاح التي تستبطن بداخلها معنى النجاح الذي نتداوله ونقصده حين نريد التعبير عن نجاحنا في امر ما، وستجد ان مشتقات لفظة الفلاح تتكرر اربعين مرة، وهذا يعني اننا بصدد التأمل في هذه الآيات، واكتشاف العلاقة التراتيبية بينها، وما تنيره لنا من بصائر في درب النجاح الذي ننشده.
‘,’حين نراجع اقوال المفسرين في لفظة الفلاح، تراهم يشيرون الى انه هو النجاح في الدنيا والفوز في الاخرة، كما تراهم ايضا يشيرون الى انه النجاح الذي يتحقق في كافة الابعاد.
وبذلك فان النجاح الذي يريده القرآن الكريم، هو ما ينادى به اليوم ويعد مقياسا لرقي وتقدم اي مجتمع من المجتمعات وهو التنمية الشاملة والمستدامة، شاملة اي نجاح في كل الابعاد الحياتية، ومستدامة اي متواصلة غير متوقفة، لكنها مستمرة مع الانسان حتى الى ما بعد الموت، إذ هي نجاح في الدنيا وفوز في الاخرة.
يقول الراغب الاصفهاني في غريب مفردات القرآن:
»الفلاح الظفر وادراك بغية، وذلك ضربان: دنيوي واخروي، فالدنيوي الظفر بالسعادات التي تطيب بها حياة الدنيا وهو البقاء والغنى والعز، وفلاح اخروي وذلك اربعة اشياء: بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعز بلا ذل، وعلم بلا جهل« وبهذا المعنى يكون الفلاح في الدنيا هو النجاح الذي ننشده، والفلاح في الآخرة هو الفوز الذي نطمح إليه.
يقول الطبري في قوله تعالى »اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون« / البقرة، قال: »اولئك هم المنجحون المدركون ما طلبوا عند الله تعالى ذكره باعمالهم وايمانهم بالله وكتبه ورسله، من الفوز بالثواب، والخلود في الجنان.. ثم نقل عن ابن عباس رضي الله عنه: اي الذين ادركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا«.
وفي تفسير ابن كثير »اولئك هم المفلحون« اي المنجحون.
ويقول الطبري في تفسير الآية من سورة آل عمران »واتقوا الله لعلكم تفلحون« قال: »لتنجحوا فتنجوا من عقابه وتدركوا ما رغبتم فيه من ثوابه، والخلود في جنانه.
وبناء على ذلك فان اي لفظة في القرآن الكريم تتحدث عن الفلاح فانها تعني النجاح في هذه الحياة التي نعيشها، وعليه يمكن لنا ان نؤسس ثقافة للنجاح من خلال متابعتنا للاية القرآنية التي جاءت فيها مشتقات لفظة الفلاح.