إضاءات قرآنية في طريق النجاح (11) – لا ينجح الكذاب


النجاح بحاجة إلى ثقة كبيرة بالنفس، والثقة بالنفس هي ما تجعل الإنسان صادقا مع نفسه وصادقا مع الآخرين، ومن ابرز علامات الصدق مع النفس أن لا يقدم المرء على عمل غير واثق من كفاءته فيه وان كان هذا العمل سيدر عليه ربحا كبيرا، على العكس من ذلك الكاذب فانه مستعد للدخول في أي عمل يحقق له نجاحا وان لم يكن مؤهلا تأهيلا أوليا لذلك العمل، المهم بالنسبة إليه أن يحصل على الربح بغض النظر عن كفاءة العمل الذي سيقوم به.

ولطالما سمعنا عن أناس وصلوا إلى مناصب متقدمة بناء على ما يحملونه من شهادات ثم تبين أنها لم تكن حقيقية، بل مزيفة، فتحطم عرش نجاحهم في لحظات.

الكاذب لا ينجح، هذا ما يؤكده القرآن الكريم في أكثر من أية منه، ويركز على الذين يتجرؤن في الكذب على الله سبحانه وتعالى، وما ذلك إلا لان من يكذب على الله سبحانه وتعالى فهو مستعد للكذب على أي احد وفي أي مجال.

يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم:\”قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون\” 69/يونس.

ويقول تعالى أيضا:\”ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون\” 116/النحل.

والمتابع لآيات القرآن الكريم التي تتحدث عن الكذب، يجد أن القرآن يكشف عن كثير من المساوئ يعتبر الكذب جذرا لها، فالظلم والإجرام الذين سبق وان ذكرنا أنهما في الطرف السلبي من سلم النجاح يرى القرآن الكريم أن اصلهما الكذب.

يقول تعالى:\”ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته انه لا يفلح الظالمون\” 21/الأنعام.

ويقول أيضا:\”فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون\” 17/يونس.

وحين يتحدث القرآن الكريم عن المنافقين، الذين يعيشون التذبذب الداخلي والازدواجية الخارجية، يقرر أن جذر النفاق الذي يعتبره مرضا خطيرا هو الكذب.

يقول تعالى في وصف المنافقين:\”في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون\” 10/البقرة.

أكثر من ذلك فليس الكذب جذر الظلم والنفاق والإجرام فقط بل هو جذر الكفر أيضا، حيث يقول تعالى:\”ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين\” 67/العنكبوت.

والملاحظة الجديرة بالانتباه هنا أن القرآن الكريم يتحدث عن فشل الناشطين في مجال الدعوة الدينية حين يحرمون أو يحللون دون وجود مسند واضح من الله سبحانه وتعالى فيما يحللون ويحرمون، وهذا يعني أن فشل هؤلاء لن يكون فشلا شخصيا بل فشل على صعيد المجتمع كله وتدمير لحياة الناس في الدنيا، إضافة إلى التضليل عن الوصول إلى ذروة التفاعل بين العقل والوحي.

يؤكد القرآن الكريم أن السبب الرئيسي للكذب هو عدم الإيمان بآيات الله سبحانه وتعالى:\”إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون\” 105/النحل.

وعليه فان تعميق الإيمان بآيات الله سبحانه وتعالى، سيكون له الأثر الكبير في تنمية الصدق عند الإنسان ومن ثم تنمية الثقة بالنفس، التي تنعكس بشكل كبير على النجاح في الدنيا وألأخرة.

إن التوسل بالكذب للصعود في سلم النجاح قد يحصل مرة، لكنه لن يتكرر في مرات أخرى، وسيبقي صاحبه محاصرا بشرنقة كذبته خائفا من الافتضاح في كل لحظة.وعليه نقول للذين يريدون النجاح إياكم والكذب فانه فشل في الدنيا، وجحيم في الآخرة.

قيل أن شابا كان يرافق أباه الذي يستدعيه الناس لعلاج مرضاهم، وقد رأى الشاب أن أباه وقبل أن يدخل الي بيت المريض كان ينظر مكان القمامة الذي يكون في احد أطراف البيت، ثم يقول للمريض انه أكل شيئا مما توجد آثاره في القمامة، لذلك هو مصاب الآن بهذا المرض، ثم يصف له العلاج بناء على خبرته، وقد كان حاذقا في ذلك، ومحل إعجاب الناس. وحصل أن سافر أباه، فأراد الشاب أن يكسب شهرة أبيه، فخرج مع أناس طلبوه لعلاج مريضهم، وحين جاء إلى الدار، نظر إلى مكان القمامة، فوجد حمارا ميتا فيها، فظن انه اكتشف علة مريضهم، فلما اقبل على المريض، ولكي يري الناس خبرته في العلاج، قال لمريضهم:لعلك أكلت حمارا.

,

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *