إضاءات قرآنية في طريق النجاح (2) – النجاح الحقيقي


ينقسم الناس بالنسبة للنجاح و الفشل والربح والخسارة إلى أربعة أقسام:

1- قسم يربح في الدنيا، لكنه يخسر في الآخرة.

2- قسم يخسر في الدنيا، لكنه يربح في الآخرة.

3- قسم يخسر في الدنيا ويخسر في الآخرة.

4- وقسم يربح في الدنيا ويربح في الآخرة.

واختيار الإنسان للموقع الذي يكون فيه بين هذه الأصناف الأربعة، يعتمد على فهمه للنجاح الحقيقي، وتمييزه عن النجاح المزيف. فكم من الناس من كان يعتقد الآخرون أنه يعيش السعادة والنجاح لكنه في داخله يعيش فشلا ذريعا.

وأنا وأنت نريد النجاح ونسعى له، لكننا بالطبع لا نريد نجاحا مزيفا، بل نجاحا حقيقيا يجلب لنا السعادة والسرور من دون تنغيص ولو بعد حين.

أنظر إلى القسم الأول أعلاه ستجد أنهم يربحون، لكن هذا الربح لا يتجاوز حدود الدنيا، ومن ثم لا يمكن أن نطلق على هذا الربح نجاحا، وإن اعتقد البعض أنه نجاح فهو محدود ومزيف، إذ لا يمكن اعتباره نجاحا حقيقيا إلا إذا حذفنا حقيقة وجود حياة أخرى بعد الموت يؤمن بها كل أتباع الرسالات السماوية. من هنا نجد أن القرآن الكريم يعتبر الذين يعملون من اجل الربح في الدنيا فقط فاشلين لا نصيب لهم من النجاح. ومن أمثلة هؤلاء السحرة الذين يتلاعبون بحواس الناس من أجل الربح على حسابهم، لذلك يقول عنهم القرآن الكريم: \”ولا يفلح الساحرون\”،

والمثال الآخر لهذا القسم الظالمون حيث يقول تعالى عنهم: \”إنه لا يفلح الظالمون\”.
والملاحظ في أمثلة هذا القسم من الناس أنهم يربحون على حساب الآخرين وليس لما يتمتعون به من قدرات وكفاءات، فهؤلاء نجاحهم نجاح مزيف.

أما القسم الثاني الذين يخسرون في الدنيا لكنهم يربحون في الآخرة فهم الذين يبذلون قصارى جهدهم من اجل النجاح، لكنهم يجدون في بعض الضر وف من يريد استثمار نجاحهم لصالحه وتثميره في طريق يضر بآخرتهم فيؤثرون الربح الدائم في الآخرة على الخسارة المؤقتة في الدنيا، ومن أروع الأمثلة بهذا الصدد آسية بنت مزاحم التي آثرت الآخرة على نعيم فرعون في الدنيا فقالت، كما جاء في القرآن الكريم: \”رب ابني لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين\”.

يقول المفسرون عن قصتها:
على العكس من ذلك نجد في القسم الثالث الذين جعلوا حياتهم في خدمة أصحاب القسم الأول الذين أرادوا الربح في الدنيا فقط، هذا القسم الثالث ضيع دنياه وأخرته حين لم يضع هدفا واضحا له في الحياة، وسمح للآخرين باستغلال جهده وطاقته.

هؤلاء هم الذين يعتبرهم القرآن الكريم أصحاب الأهواء الذين يسيرون خلف المصالح الآنية وإن كانت على حساب معتقداتهم في الحياة. عن مثل هؤلاء الناس يقول القرآن الكريم:\”قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا\”،

وهم الذين خسروا الدنيا والآخرة، \”ومن الناس من يعبد الله على حرف فان أصابه خير اطمئن به وان أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين\” 11/الحج.
هذا القسم من الناس هو الذي يخسر أعظم خسارة في الحياة.

ومن أمثلة هؤلاء الذين شاركوا في قتل سيد شباب أهل الجنة أبي عبد الله الحسين من أجل الدفاع عن حكم يزيد ابن معاوية.
وربنا جل وعلى يريد لنا أن نكون من القسم الرابع الذين يربحون للدنيا والآخرة، وهو النجاح الحقيقي في الحياة.
\”ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار\”.

,

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *