إضاءات قرآنية في طريق النجاح (22) – عينك دليلك إلى النجاح


هل هنالك علاقة بين ثياب الإنسان ونظرته للجنس الآخر من ناحية والنجاح في الحياة من ناحية أخرى؟!

الباحثون عن إجابة هذا السؤال قد لا يعثرون على إجابة شافية لدى مدارس النجاح الحديثة، سيما ما يتصل بتبادل النظرات بين الجنسين، بينما نجد بصيرة قرآنية واضحة تجزم أن النجاح سيكون من نصيب الذين يغضون أبصارهم عن مناطق الإثارة في الجنس الأخر تجنبا للانجذاب الجنسي إليه، وكذلك سيكون من نصيب الذين يتقصدون ستر مناطق الإثارة في أجسادهم عن الآخرين، بل يؤكد القرآن الكريم أن للمرأة دورا كبيرا في تنمية النجاح في المجتمع حين تلتزم بالحدود الشرعية في ملابسها خارج بيتها وإمام الأجانب الشرعيين عليها.

هذه البصيرة نجدها في الآية الثلاثين والحادية والثلاثين من سورة النور، حيث تؤكد في نتيجة نهائية أن التزام المؤمنين، رجالا ونساء بالحدود الشرعية في اللباس، وتصحيح النظرة الشهوانية للجنس الآخر، هو ما سيقود إلى النجاح.

يقول تعالى:\”قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون*وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آبائهن أو أباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون\” 30ـ31/النور.

قال الألو سي المقصود غض البصر عما يحرم والاقتصار به على ما يحل، ثم إن غض البصر عما يحرم النظر إليه واجب ونظرة الفجأة التي لا تعمد فيها معفو عنها، ونقل هذا الحديث عن النبي(ص):\”لا تتبع النظرة النظرة فان لك الأولى وليست لك الآخرة\”، واصل الغض حسب تقريب القرآن النقصان، يقال غض من صوته ومن بصره، أي قلل منهما ونقص، والمعنى غمض العين عما لا يحل النظر إليه. وقال السيد فضل الله روي عن ابن زيد ـ فيما نقله عن الكشاف ـ قال \”كل ما في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هنا فانه أراد به الاستتار، وهو أمر قريب، وهي الرواية التي نقلها تفسير الصافي عن الإمام الصادق(ع):\”كل شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية فإنها من النظر\”.

ونقل تفسير البرهان رواية عن الإمام الباقر(ع) حول سبب النزول، تكررت في عدة تفاسير، منها الميزان وقد ذكرها الألو سي نقلا عن الإمام علي بن أبي طالب(ع) قال:استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة، وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن فنظر إليها وهي مقبلة، فلما جازت نظر إليها (فدخل في قلبه شيء)ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان، فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه(وهو لم يشعر به)، فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على صدره وثوبه، فقال والله لآتين رسول الله فأخبره فهبط جبرائيل بهذه الآية \”قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم إن الله خبير بما يصنعون\”.

وقال القرطبي في تفسيره، البصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ثم نقل هذا الحديث عن النبي(ص):\”قال:إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا يا رسول الله ما لنا بد نتحدث فيها.فقال\”فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه\”قالوا:وما حق الطريق يا رسول الله؟قال:\”غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر\”.

اختم بعض أقوال المفسرين اختصارا، بما قاله مغية في تفسير الكاشف، قال:هاتان الآيتان من آيات الأحكام، وقد تضمنتا وجوب غض النظر على النساء والرجال، وحفظ الفروج من الزنا، والحجاب..وقد اتفق أكثر الفقهاء على أن الرجل لا يجوز له النظر إلى شيء من بدن الأجنبية إلا إلى وجهها وكفيها شريطة أن يكون النظر من غير تلذذ،وان لا يخشى معه الوقوع في الحرام.

وبعد كل ذلك نعود لنتساءل عن علاقة، غض النظر والاحتشام في اللباس بالنجاح؟!

لابد أن نعرف أن الإنسان له طاقة محدودة، وهذه الطاقة اليومية إما أن يوجهها باتجاه أهدافه للنجاح في الحياة أو يتركها لمعاول التشتيت الذي يأتي من الإثارات اليومية التي يتعرض إليها، وابرز الاثارات، إثارة الجنس الأخر، التي يقول عنها علم النفس الفسيولوجي إنها تسبب توترا لمدة أربع وعشرين ساعة إذا لم يشبع الجوع الجنسي عند الإنسان، وهذا لعمري ما يجل المرء يشتت طاقته الحيوية، فيما لا دخل له بمسار النجاح في حياته، وهكذا تصبح يوميات الطالب مشتتة في الإثارة فيضعف تركيزه في المدرسة أو الجامعة، وكذلك الموظف، والأستاذ، وإذا بطاقات المجتمع التي ينبغي أن تصب في طرق النجاح، تهدر تحت تأثير النظرات هنا وهناك.

,

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *