استشر لحياتك الزوجية


جلس النبي(ص) مع علي (ع) حين أراد تزويجه ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء(ع) وأوصاه وصايا تفصيلية حول كيفية ادارة حياته الزوجية، حتى لأنك تجد في هذه الوصايا ما له علاقة بالممارسة الخاصة بين الزوجين.
كون العروس ابنته، وكون الزوج ابن عمه وأشد المقربين منه، لم يمنعانه من تقديم هذه الوصايا الخالدة لكل زوجين مقبلين على نوع جديد من الحياة.
وانت اليوم أيضا كزوج، وأنت أيضا كزوجة، تحتاجان الى أخذ هذه الوصايا بعين الاعتبار فهي ليست لعلي وفاطمة فحسب بل للناس جميعا.

‘,’
ولعل الحاجة اليوم اشد الحاحا من الماضي في ضرورة اخذ الاستشارة والارشاد للحياة الزوجية، فمن ناحية نجد ان المسوحات الاحصائية تشير الى ارتفاع معدلات عدم التوافق بين الازواج الجدد،والذي انعكس على ارتفاع معدلات الطلاق لتتجاوز في بعض الدول الخليجية نسبة ال 50%،وهي لاشك نسب مقلقة،وترجع هذه الحالة في احد اهم اسبابها لانماط الحياة المستجدة على المجتمعات الخليجية والعربية بشكل عام،وعدم قدرة هذه المجتمعات على توفير غطاء يحمي الاجيال من التداعيات السلبية للعولمة.

ومن ناحية اخرى تكشف الدراسات عن تفاصيل الفوارق بين الجنسين،والذي يرجع الى مكونات بيولوجية،وعلائق فسيولوجية،تختلف حسب نوع الجنس،الامر الذي يعني ان اخذ هذه الفوارق بعين الاعتبار في التعامل بين الزوجين هو ما سيجعلهما يستمتعان بعلاقتهما الزوجية بطريقة افضل وعلى العكس من ذلك فانهما سيواجهان توترات دائمة في حالة التنكر لمكون بيولوجي او علاقة فسيولوجية لايمتلك امامها الانسان الا الاستجابة السلوكية التي تصل لحد القهر عليها.

من هنا ومن خلال تعاليم الدين الحنيف،ادعوك ايها الزوج العزيز،وادعوك ايتها الزوجة العزيزة،الى اعطاء مسالة الاستشارة اهمية خاصة في حياتكما الزوجية،تواضعا واعترفا انكما مقبلان على حياة لاخبرة لكما بها،وليعمل كل واحد منكما للتعرف على الاخر بشكل علمي،فهذه المراة التي امامك ايها الزوج لها تكوين نفسي سيكيولوجي يختلف عنك،ومن ثم فان ادراكها وميولها واستجابتها وطريقة تعبيرها عن رغباتها وانفعالاتها تختلف عنك.

انت تعبر عن نفسك بشكل مباشر وبطريقة واضحة جدا،لكنها ليست كذلك.فقد تكون جائعة لكنها تمتنع عن الأكل،لانها ترغب ان تاكل وانت معها من دون ان تقول لك ذلك،اذ ان احساسها بالانجذاب العاطفي اليك اشد الحاحا عليها من احساسها بالجوع.

وانت ايتها الزوجة ستتعاملين مع شخصية تختلف عنك في نظرتها للامور،فهو يعبر عن حبه من خلال سعيه الدؤوب لتوفير الرزق الكريم لك،وهو يعبر عن حاجته بشكل مباشر وعن غضبه بشكل مباشر،وقد تشعرين بانه فج وجاف في التعامل معك،لكنه لا يرى نفسه كذلك،وهو بالتاكيد ليس كذلك،انت تعتقدين ان الحب يتمثل في ان يحتضنك،ويستمع اليك في كل صغيرة وكبيرة،لكنه يرى الحب في ان تشبعي رغبته الغريزية العنفوانية.

انت كزوج تنظر للعالم بلون،وهي تنظر للعالم بلون اخر،لكن تأكدا ان اللون الحقيقي للعالم،يتمثل في تكامل النظرتين،وهو ما تحتاجان فيه الى الاستفادة من اهل الخبرة في المجتمع،فانتما بحاجة الى الاستشارة،فلا تترددا في اغترافها،لتذوقا معين الحياة الزوجية العذب.
واخيرا ضعا نصبا عينيكما هذه الكلمة الرائعة لسيد البلغاء والمتكلمين امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام:
\”ما خاب من استشار\”


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *