اضاءات قرآنية في طريق النجاح (5) – سلم الناجحين


المتابع لآيات القرآن الكريم التي تتحدث عن النجاح، يجد أنها ترسم سلما واضحا للنجاح في حياة الناس، وقبل التعرف على هذا السلم لابد من التأكيد مجددا،أن لفظة النجاح أو مشتقاتها لا توجد في كتاب الله سبحانه وتعالى، لكن هنالك لفظتين تعطيان ذات المعنى من لفظة النجاح وتذهبان إلى ما هو أبعد من المعنى المحدود الذي تفيده كلمة النجاح. واللفظتان هما الفلاح والفوز، ولأن أغلب الآيات التي تتحدث عن الفوز تتحدث عن النتيجة النهائية، وفي الآخرة بوجه خاص، لذلك فان سلم الناجحين في القرآن الكريم سنجده في تتبع مشتقات لفظة الفلاح. وسيكون الفائزون حسب آيات القرآن الكريم، المتربعين في قمة هذا السلم.

أربعون كلمة مشتقة من لفظة فلح وردت في القرآن الكريم، وهذه الآيات الأربعون ترسم سلما من أربع مجموعات، واحدة في القاع، وثانية في بداية السلم، وثالثة لا تزال على السلم تتحرك باتجاه الصعود، ورابعة قد استقرت في القمة.

المجموعة الأولى القابعة في قاع السلم، هم الذين لا أمل ولا نصيب لهم في النجاح، وأن حسبهم البعض ناجحين بمنطق الدنيا والغلبة. نرى في هذه المجموعة تسع آيات تتحدث عن خمس مجموعات لايمكن لها أن تنجح طالما انتهجت منهجها القائمة عليه للوصول إلى النجاح والفلاح. وهو الظلم والكفر والكذب والسحر والإجرام.

وهذه نماذج لبعض الآيات القرآنية التي تكشف هذه المجموعة:

\”ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون\” 21/الأنعام.

\”ولا يفلح الساحرون\” 77/يونس.

\”انه لا يفلح المجرمون\” 17/يونس.

المجموعة الثانية، وهم الذين يتوقع لهم النجاح، إذ أنهم في بداية سلمه، و الأمر يعتمد بالدرجة الأولى على جدارتهم وجديتهم في مواصلة الدرب والتمسك بأصول النجاح ومقوماته، تقابلنا في القرآن الكريم اثنا عشر آية، تتحدث عنهم، وهي الآيات التي تنتهي بجملة \”لعلكم تفلحون\” أو \”عسى أن يكون من المفلحين\”. وهذان نموذجان من القرآن الكريم وهو يرسم لنا هذه العتبة من سلم الناجحين.

\”يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون\” 35/المائدة.

\”فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين\” 67/القصص.

المجموعة الثالثة، وهي التي في نجاح مستمر باتجاه القمة، فهم في حالة صعود على سلم الناجحين، وهنا تقابلنا كذلك اثنا عشر آية كريمة في كتاب الله جل وعلى. وهي الآيات التي تنتهي بقوله تعالى\”أولئك هم المفلحون\”. وهنا مثالان أيضا لهذه المجموعة:

\”ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون\” 104/آل عمران.

\”الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون، أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون\” 4 ـ 5/لقمان.

والمجموعة الرابعة هي التي وصلت إلى القمة في سلم النجاح واستقرت فيها، وهنا تقابلنا ثلاث آيات تتكلم بلغة القطع والتحقيق، وهي الآيات التي تبدأ بأداة التأكيد والتحقيق \”قد\”، وهذه هي الآيات الكريمات:

\”قد أفلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون،….\” 1، 2،../المؤمنون

\”قد أفلح من تزكي وذكر اسم ربه فصلى\” 14 ـ 15/الأعلى.

\”قد أفلح من زكاها\” 9/الشمس.

ولكي تكون رؤيتنا واضحة لسلم الناجحين، يجب علينا أن نقرأ الآيات في سياقها الذي جاءت فيه في القرآن الكريم، لا أن نتعامل معها معزولة عنه. وأنا وأنت علينا أن نفتش عن المجموعة التي ننظوي تحتها من خلال مراجعتنا لأنفسنا، والنظر في أي موقع نكون نحن اليوم.

,

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *