خطبة الجمعة ليوم 05/05/2000


الخطبة الأولى
بناء الصرح الإيماني

الخطبة الثانية
الجهل وراء استعداء المسلمين

‘,’
الخطبة الأولى: بناء الصرح الإيماني

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله..
واعلموا ان التقوى بحاجة الى صرح تعيش فيه ، وبيئة داخلية تنمو فيها.وهذا الصرح هو الإيمان..فكيف يمكن لنا ان نبني صرح الإيمان وهل ان هذا الصرح الذي يكون شخصية كل واحد منا هو صرح سليم وراسخ بحيث لا يتأثر بتقلبات الزمان ، ولا يتغير بتغير الظروف والتطورات؟!واساسا هل بني كل واحد منا صرحه الإيماني بنفسه ، ووفق تخطيط سليم ، أم ان هذا الصرح بني بطريقة عشوائية ، وضعت لبنة فوق لبنة بغض النظر عن إمكانيات التوافق بين هذه اللبنة وتلك.
تماما كما هي المباني التي تشاد من دون تخطيط مسبق ، فتأتي غير منسقة وغير منظمة وغير متوافقة في مرافقها ، مما يضطر أصحابها أحيانا لهدم غرفة هنا وغرفة هناك بغية الوصول الى تنسيق افضل .ألا ترون أيها الأحبة ..
ان المدن المخططة والتي أشيدت وفق خرائط أعدها متخصصون ، تأتي متناسقة جميلة قد حسب فيها حسابات للأجيال القادمة .بينما المدن التي لم تقم على أساس تخطيط ، يضيق بها الجيل الذي بناها فضلا عن الأجيال اللاحقة التي تفضل الاستغناء عنها ، أو تركها أطلالا للذكريات، كذلك الإيمان أيها الأحبة ، قد يأتي وفق تخطيط وتصور مسبق فيأتي بناء صلب شامخ يتحدى الزمان والمكان والظروف وقد يبني على غير تخطيط فيأتي غير منسق ومتناسق فيتعرض للتهاوي لأول ضربة توجه إليه في معركة الحياة ، والتي هي أساسا معركة الابتلاء.
ادن دعونا أيها الأحبة الكرام ، نعيد النظر في صرح الإيمان الذي بني بداخل كل واحد منا هل جاء وفق تخطيط وهل هذا التخطيط كان دقيقا أم انه بني بطريقة عشوائية وإذا كان كذلك فكيف يمكن لنا ان نعيد البناء الإيماني بداخلنا .ألا ترون ان القرآن يدعونا الى ذلك \” يا أيها الذين أمنوا ،آمنوا بالله..\”
لكن قبل ذلك دعونا نتساءل .. ماهي حقيقة الإيمان ؟.
لمعرفة ذلك ،بين ايدنيا مجموعة من الأحاديث والروايات التي تلقي الضوء على حقيقة الإيمان .
1/الإيمان هو التوافق مع الحق.
والحق هو ما تكشف عنه فطرة الإنسان من وجود خالق عظيم مهيمن على هذا الكون خلق الإنسان والكون وفق نظام واحد يشهد بواحدية وتوحيد الخالق.
قال النبي \”ص\” الإيمان ألا قرار بالحق\”وعن الصادق \”ع\” ان من حقيقة الإيمان ان تؤثر الحق وان ضرك ، على الباطل وان نفعك ،وان لا يجوز منطقك علمك\”
وعن النبي \”ص\” أما علامة الإيمان فأربعة:الإقرار بالتوحيد والإيمان به والإيمان بكتبه والإيمان برسله\”
2/الإيمان معرفة قبل كل شيء.
وكما يقول الإمام علي\”ع\”الإيمان معرفة بالقلب\”
ومن المهم جدا ان نركز مع الإمام في تحديده لهذه المعرفة ، إنها بالقلب ، وليست بالعقل، ذلك لان للمعرفة مستويين 1/معرفة عقلية. 2/ معرفة قلبية.
والمعرفة العقلية هي مجموعة المعارف والمعلومات التي تتكون في عقل الإنسان ، لكنها لا تتحول الى معلومات مؤثرة في الإنسان ، مغيرة لسلوكه إلا عبر تحولها الى منطقة القلب وحسب تعبير المناطقه ان العلم حصولي وحضوري.ولوضوح الفرق بين مستوى العلمين ، يضربون مثالا بالمرض والطبيب.
وهو الفرق بين الاسلام والإيمان :\”قالت الأعراب آمنا ، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم\”
3/نستطيع معرفة الإيمان من خلال مقابلته بالكفر.
فالإيمان ضده الكفر كما ورد عن المعصوم عليه السلام.
والكفر يعني التغطية لشي ، لذلك يقال للمزارع كافر ، الزرع يغطي الأرض . والليل كافر .وحقيقة الكفر انه يغطي حقيقة فطرية تشهد بالربوبية.
ان كل الشعوب اكتشفت حاجاتها الفطرية للإيمان ، فالإنسان كائن متدين لكن أجواء التحريف واستغلال المستأثرين في المجتمعات هي التي حرفت هذا الإيمان فاصبح في بعض المجتمعات غاية في الانحراف والتخلف ، كالإيمان بالأصنام.
4/لان الإيمان معرفة قلبية ، لابد له من انعكاس على نفسية الإنسان وجوارحه وكما ذكرت في اكثر من مرة ان القلب هو مركز الهيمنة على الجسم والنفس ، بل هو محل جماع شخصية الإنسان.
يقول النبي(ص):\”الإيمان إقرار باللسان وعقد بالقلب وعمل بالأركان\”وقال أيضا:\”يا علي ثلاث حقائق من الإيمان.الإنفاق من الإقتار ، وإنصاف الناس من نفسك، وبذل العلم للمتعلم\”ويقول (ص):\”الإيمان عقد بالقلب ، ونطق باللسان ، وعمل بالأركان\”
وعن الصادق (ع)عن النبي(ص):\”الإيمان قول وعمل ، أخوان شريكان\”
وعن الرضا\”ع\”عن آبائه، عن علي \”ع\”عن الرسول \”ص\”الإيمان قول مقول ، وعمل معمول، وعرفان بالعقول\”
وهكذا نجد ان الإيمان يتحول بشكل تلقائي الى طاقة اجتماعية فاعلة للخير ومحرضة عليه .
\”والعصر ان الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات…\”
من هنا تجد ان القرآن الكريم لا يذكر الإيمان ، إلا ويثني عليه بالعمل الصالح . ذلك لن الإيمان يؤدي الى العمل الصالح بصورة تلقائية.
خلاصة القول : ان صرح الإيمان بحاجة الى تخطيط وسعي.
يقدم لنا الإمام علي\”ع\”هذه الخطة فيقول:\”الإيمان على أربع دعائم ، على الصبر واليقين والعدل والجهاد\”
فكيف نبني هذا الصرح ، هذا ما سنتعرض له في الجمع القادمة ان شاء الله..

الخطبة الثانية: الجهل وراء استعداء المسلمين

قالت بي كاسكو زعيمة حزب الشعب الدنمركي في رسالتها الأسبوعية
\”ان من واجب المسلمين وحسب القرآن \” الكذب والاحتيال والغش والنصب ، هذا كله عليهم القيام به بشرط ألا يكون المسلمون الآخرون هم المتضررين\”
وبعد ان رفعت بلاغات ضدها باعتبارها وجهت اغتيابا لمجموعة بأكملها من الناس ، أخذت هذه المرأة البلاغات المقدمة ضدها بهدوء ، قائلة \” لا اعتقد أني اخترقت القانون وبالتالي ليس هنالك شيء يمكن ان ينغص علي نومي ليلا\” حسب ما نشرته جريدة بوليتكن في 27/إبريل الماضي .
هنا لابد من التأكيد على حقائق :
1/لاشيء يضر البشرية وادي الى تخلف الناس اكثر من الجهل وحسب تعبير الإمام علي \”ع\” الناس أعداء ما جهلوا\”
والحق ان الجهل ليس مسئولا عن اتخاذ هذه المرأة موقفا عدائيا للإسلام والمسلمين بل انه المسؤول عن العداء والاستعداء بين المسلمين أنفسهم.
هنالك عالم كبير في تاريخ المسلمين ولا زالت آثاره تعد مرجعا لطائفة من المسلمين وعلى ضوئها تأسست حالة عدائية بين طوائف المسلمين.بالذات بين الطائفة التي تأخذ بأقوال هذا العالم والشيعة في كافة أصقاع العالم.
يقول هذا الرجل عن الشيعة:\” انهم كاذبون لذلك لم تنقل عنهم الصحاح ولم تروي عنهم حتى حديثا واحدا.\” وقد تعرض له علماء الشيعة واستخرجوا من الصحاح أسماء واحد وتسعين راويا شيعيا.كذلك يقول : انهم لا يذكرون أي حديث فيه عشرة لانهم يكرهون العشرة المبشرين بالجنة ماعدا علي ، وقد اخرج له الشيخ الأميني عدة أحاديث في المصادر الشيعة تذكر هذا الرقم.وكذلك يقول:\”ان الشيعة يأخذون نعجة ويطعنونها ويقولون هذه عائشة.\” أليس هذا جهلا بالآخرين.أدى لتمدد حالة عداء بين المسلمين أنفسهم،وهم الذين تشتد حاجتهم للوحدة والاتفاق كلما توغلت البشرية في أعماق الزمان.
كذلك الحال مع هذه المرأة التي بجهلها بالقران الاسلام ستخلق حالة عدائية بين فئات الشعب الدنمرك،الذي يشكل المسلمون فيه شريحة لا يستهان بها.فهل انتم كمسلمين تجدون آية واحدة تحث على الكذب والاحتيال .
ان من التخلف ان نجعل الجهل ونتوسل به في علاقتنا ببعضنا البعض في زمن الرقي والتحضر ، اغتناما لأجواء التنافس ، واليوم يعيش 160 ألف إنسان مسلم في الدنمرك وهذه الروح العدائية لا تودي للتعايش الإيجابي بل التناقض الأمر الذي يؤدي لاضعاف المجتمع ككل.
ترى ما هو واجبنا حيال هذه التصريحات
1/ الرد على مثل هذه التصريحات بمختلف الوسائل الإعلامية المتاحة وإيضاح حقيقة ما يقول القرآن الكريم .
2/ رفع دعوى قضائية وقد قام البعض بذلك والمطلوب ازدياد عدد المحتجين وتنظيم ذلك.
3/العمل لبناء العزة الاجتماعي . التي تحافظ علينا ككيان اجتماعي في هذا البلد.
4/السعي لجعل الاسلام ديانة رسمية في هذا البلد حتى نقف أمام مثل هذه الادعاءات وتتضح القنوات الرسمية للمسلمين هنا.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *