الخطبة الأولى

عالم الروح

الخطبة الثانية

ما بعد الحادي عشر من سبتمبر

‘,’

الخطبة الأولى: عالم الروح

الحمد لله الأول قبل الإنشاء والإحياء وآخر بعد فناء الأشياء العليم الذي لا ينسى من ذكره، ولا ينقص من شكره، ولا يخيب من دعاه، ولا يقطع رجاء من رجاه.

اللهم إني أشهدك وكفا بك شهيدا واشهد جميع ملائكتك وسكان سماواتك وحملة عرشك ومن بعثت من أنبياءك ورسلك، أنشأت من أصناف خلقك إني اشهد انك أنت الله لا اله إلا أنت وحدك لا شريك لك ولا عديل، ولا خلف لقولك ولا تبديل، وان محمدا صلى الله عليه واله أدى ما حملته للعباد وجاهد في الله حق الجهاد، وانه بشر بما هو حق من الثواب وانذر بما هو صدق من العقاب.

اللهم ثبتني على دينك ما أحييتني، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة انك أنت الوهاب. صلى على محمد وال محمد واجعلنا من اتباعه وشيعته واحشرنا في زمرته ووفقنا لأداء فرض الجمعات وما أوجبت علينا فيها من الطاعات وقسمت لاهلها من العطاء في يوم الجزاء. انك أنت السميع العليم، وصلى الله على محمد وال بيته الطيبين الطاهرين.

عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله… ولا شك ان تقوى الله انتصار للقيم على حساب الملذات والشهوات، وانتصار للوحي السماوي على حساب الأفكار الأرضية الشهودية. وانتصار للروح على حساب طغيان الجسد. فكيف ننتظر لأرواحنا ونستنقذها من طغيان الجسد؟! لا شك ان ذلك منوط بفهمنا لماهية الروح وحقيقته. ولقد تعرفنا عباد الله في خطبة ماضية على المعنى اللغوي للروح، والمواقع التي جاءت فيها كلمة الروح وتصريفاتها في القرآن الكريم. وقد تبين لنا ان الروح في القرآن الكريم أطلق على عدة معان، فقد تعني:

1- الروح القدس الذي يساعد الأنبياء على أداء رسالتهم.

2- القوة الإلهية المعنوية التي تقوى المؤمنين وتنفخ فيهم العزيمة.

3- قد تعني مخلوقا خاصا له قدرة أعظم من الملائكة، وقد يكون هو النافخ للروح بإذن الله، فيما يشاء.

4- قد يعني: الملك المختص بإنزال الوحي.

5- قد يعني: الوحي المتمثل في القرآن الكريم.

6- قد يعني: السيد المسيح.

7- الروح الإنسانية التي يحي بها الإنسان.

ولعلكم تلاحظون ان المشترك بين هذه المعاني، أنها تهب الحياة أينما حلت. وان الروح التي أودعت بأجسادنا تنتمي الى عالم حيوي فعال. ولفهم أوضح للروح دعونا نستمع الى بعض الأحاديث والروايات التي تلقي النور على فهم موضوع الروح، لكي نقترب من مصداق الحديث الشريف: \”من عرف نفسه فقد عرف ربه\” وهنا انقل لكم ما ذكره الإمام الشيرازي في كتاب الفقه العقائد عن خلق الروح في الصفحة 22 و 23. ثم الروايات التي اتخذ منها ما أشار إليه.

قال: يظهر من بعض الروايات انه بعد تقسيم الماء الذي هو اصل الخلق الى قسمين: عذب وأجاج، خلق الله تعالى أرواح المؤمنين من عليين، أي الطبقات العالية معنويا، وأرواح الكفار من سجين، أي الطبقات السافلة معنويا، وقد خلق الأرواح من قبل الأجساد كما في الحديث بألفي عام. وما في بعض الروايات من لفظ (الاظلة) ولفظ (الأشباح) وما أشبه ذلك فالظاهر انه يراد بها الأرواح لأنها بالنسبة الى الأجسام كالظل، وكذلك الشبح وذلك لان (الروح) يناسب هذين اللفظين، فالظل هو الهواء الفاقد للضياء لا صورته المحضة الخالية من المادة، والروح قد يكون من هذا القبيل، ففي رواية أبي جعفر (ع): \”ان الروح متحرك كالريح وان الروح مجانس للريح\”.
وفي رواية الإمام الصادق (ع): \”الروح جسم رقيق قد لبس قالبا كثيفا\” الى ان قال: \”-الروح بمنزلة الريح في الزق\”.
وعن الإمام الصادق (ع) قال: \”ان الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق العباد وهم أظلة قبل الميلاد، فما تعارف من الأرواح ائتلف وما تناكر منها اختلف\”.
وفي رواية أخرى عنه (ع): \”قال الراوي ما تقول في الأرواح؟ قال: إنها جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، قال: فقلت: انا نقول ذلك، قال(ع): ان الله عز وجل أخذ من العباد ميثاقهم وهم أظلة قبل الميلاد، وهو قول سبحانه: \”وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشدهم على أنفسهم\” قال: فمن اقر له يومئذ جاءت الألفة ها هنا ومن أنكره يومئذ جاء خلافه ها هنا\”. بمعنى ان الأرواح المقرة ائتلفت والأرواح المنكرة اختلفت.
وهذه روايات توضح ما ذهب إليه حفظه الله: عن أبى عبد الله (ع) قال: \”ان الله جعلنا من عليين وجعل أرواح شيعتنا مما جعلنا منه ومن ثم تحن أرواحهم إلينا وخلق أبدانهم من دون ذلك، وخلق عدونا من سجين وخلق أرواح شيعتهم مما خلقهم منه وخلق أبدانهم من دون ذلك ومن ثم تهوى أرواحهم إليهم\”.
و كان أبو جعفر (ع) يقول: \”ان الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر يوم أخذ الميثاق على الذر بالإقرار له بالربوبية ولمحمد بالنبوة وعرض على محمد (ص) أمته في الظل وهو اظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله (ص) وعلي بن أبى طالب (ع) ونحن نعرفهم في لحن القول\”.
وأيضا عن علي ابن الحسين (ع) قال: \”ان الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين وأبدانهم وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة وخلق أبدانهم من دون ذلك وخلق الكافرين من طينة سجين وقلوبهم وأبدانهم فخلط بين الطينتين فمن هذا الذي يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ومن ها هنا يصيب المؤمن السيئة ويصيب الكافر الحسنة فقلوب المؤمنين تحن الى ما خلقوا منه وقلوب الكافرين تحن الى ما خلقوا منه\”.

ويتضح من بعض الروايات ان الروح الإنسانية تتميز على سائر الأرواح ففي الرواية: عن أبى عبد الله الصادق (ص) قال: \”فلما أراد الله ان ينفخ فيه الروح خلق الله تعالى روح آدم ليست كالأرواح وهي روح فضلها الله على جميع أرواح الخلق من الملائكة وغيرها. فلما خلق الله تعالى روح آدم أمر بغمسها في جميع الأنوار ثم أمرها ان تدخل في جسد آدم\”. وفي ميزان الحكمة ج4 ص196 عن أبى بصير، عن أحدهما عليهما السلام قال: \”سألته عن قوله تعالى: \”يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي\”. قال: التي في الدواب والناس قلت: ما هي؟ قال: هي من الملكوت، من القدرة.
وعن الصادق (ع): \”ان الأرواح لا تمازج البدن ولا تواكله، وإنما هي كلل للبدن محيطة به\” وهنا انقل لكم أيضا ما أورده ابن قيم الجوزية في كتاب الروح، عن إسحاق بن راهوية انه قال اخبرنا روح بن عبادة حدثنا عن موسى بي عبيده الزيدي قال سمعت محمد بن كعب القرظي يقول في الآية: \”وإذ اخذ ربك من بني آدم\” الآية اقروا له بالإيمان والمعرفة، والأرواح –خلقت- قبل ان يخلق أجسادها. وهذا يدل على ان في مصادر المسلمين ما يدل على ان الأرواح خلقت قبل الأجساد.
ونقل ابن قيم الجوزية حديثا آخر، يعتمد عليه القائلون بخلق الأرواح قبل الأجساد: \”… عن عمرو ابن عنبسة قال سمعت رسول الله (ص) يقول: ان الله خلق أرواح العباد قبل العباد بألفي عام فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف\”. إذن عباد الله الروح الذي يمثل مكونا رئيسيا في شخصية الإنسان ينتمي الى عالم علوي يسمو على المحددات الأرضية، وان اكتشافا لهذا الروح وتفعيلا لخواصه واستثمارا لقدراته يجعل المرء يتجاوز به حدود الزمان والمكان.وهذا يحتاج الى علم ومعرفة وإيمان خاص. اللهم وفقنا لمعرفة راسخة بأرواحنا، وأعنا على أنفسنا بما اعنت به الصالحين على أنفسهم.. انك سميع مجيب.

بسم الله الرحمن الرحيم : \”والعصر * ان الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر\” صدق الله العلي العظيم…
وصلى الله على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين. .

الخطبة الثانية: ما بعد الحادي عشر من سبتمبر

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
اللهم صلي على حبيبك ونجيبك وخيرتك من خلقك محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصلي يا ربنا على علي أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين، وصلي على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وصلي على الحسن والحسين سيدي شباب آهل الجنة وصلي على أئمة المسلمين وهداة المؤمنين علي بن الحسين زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والخلف الحجة القائم المهدي، حججك على عبادة وامنائك في بلادك صلاة كثيرة زاكية دائمة.

عباد الله… بعد أحداث 11 سبتمبر الماضي، ارتفعت وتيرة القلق عند المسلمين في شتى أرجاء العالم. المسلمون في الشرق قلقون من احتمال ضربات عسكرية ومن استمع لخطاب الرئيس المصري يوم أمس يدرك ذلك. أو ملاحقات لأنظمة وجماعات وأفراد، ومن المحتمل ان لا يسلم من ذلك حتى الداعين الى الخير العاملين على إيصال المعونة لمستحقيها في البلدان الفقيرة والمحتاجة، أو المؤسسات الإسلامية في الغرب.
الحكومات قلقة من تداعيات الانهيارات الاقتصادية، والتي ستعقبها بلا شك انهيارات اجتماعية. فالذي حدث في أمريكا لم يكن انهيار عمارتين، بل انهيار نظام اقتصادي عالمي، قد تستمر تداعياته الى عشرات السنين. ولا شك ان تسريح عامل واحد في وظيفة بسيطة يؤدي الى انهيار أسرة كاملة، فكيف بتسريح عشرات الآلاف من العمال هنا وهناك.

ولفهم افضل لاثر ما حدث في مستقبليات العالم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، دعونا نقرأ ما تتحدث عنه التقارير والدراسات الاقتصادية: يقول رودجر بور نابس أستاذ الاقتصاد الدولي بمعهد MIT الشهير في بوسطن: ان الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر في العالم، وقد كان القاطرة التي حركت الاقتصاد العالمي طيلة عقد الازدهار في التسعينات فإذا توقفت القاطرة الأمريكية فان الاقتصاد العالمي سيتوقف حتما.
أما كبير الاقتصاديين في البنك الدولي \”نيك ستيرون\”، فيقول: \”ان الهجمات \”الإرهابية\” ستعني انخفاض النمو الاقتصادي في الدول النامية بنسبة 1% على اقل تقدير، ان ترجمة ذلك على ارض الواقع تعني ان عشرات الآلاف من الأطفال سيموتون؛ بسبب سوء التغذية والأمراض السارية، وان عشرات الملايين من البشر سيعيشون على اقل من دولار في اليوم\”.
وذكرت مجلة الايكونومست ان اقتصاديات آسيا سوف تستمر في المعاناة؛ نظرا الى اعتمادها الكبير على التصدير للولايات المتحدة الأمريكية واليابان ولانخفاض معدل التدفق المحتمل لراس المال الى دولها.. ومن ثم لا ينتظر ان يزيد معدل نموها الاقتصادي على 1,3 % مجتمعة بعد ان كان 3,8% العام الماضي. وكدليل على حجم الخسائر أيضا كشفت مجلة \”فور بس\” ان الهجمات الأخيرة قضت على 18% من رصيد الأربعمائة الأكثر ثراء في العالم في أمريكا، الذين انخفظت ثرواتهم في الأسابيع الأربعة الأخيرة من 311 مليار دولار الى 266 مليار دولار.

أما الخسائر على الصعيد العالمي فهي أيضا كبيرة، فعلى سبيل المثال أظهرت دراسة اقتصادية متخصصة ان الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة ستتسبب في تراجع إجمالي النتائج المحلي العالمي بنسبة 2,2% في العام المقبل 2002، وهو ما يعني خسارته نحوا من 747 مليار دولار.
وعن تأثير ما حدث على صناعة الطيران بشكل عام ـ كمثال ـ، أفاد اتحاد صناعات الطيران الأمريكية ان مبيعات هذه الصناعة التي تزيد قيمتها على 143 مليار دولار سنويا ستنخفض بنحو 400 مليون دولار هذا العام، بينما ستتراجع العام المقبل بنحو 5,5% مليارات وأكثر من 6,5% مليارات دولار في العام2003.
وكانت الهجمات قد تسببت في وقف أعمال نحو أربعة آلاف شركة طيران من بين شركات الطيران التجارية في العالم البالغ عددها 12 ألفا.
وهنا نموذج لتداعيات الانهيار الاقتصادي في العالم، كما انعكس على حجم التسريحات للموظفين في خمسة عشر شركة طيران في كل من الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، ألمانيا وفرنسا: فقد سرحت إحدى عشر شركة طيران أمريكية 121090 موظفا، وسرحت شركتا طيران في بريطانيا 8200 موظفا، وأوقفت كل من شركة لوفتهانزا الألمانية واير فرانس الفرنسية عمليات التوظيف المقررة مسبقا، وهذه الأعداد الهائلة من التسريحات ستحول الى مشاكل اجتماعية في الطيران المشار إليها.

ولا شك ان هذه الانهيارات ستصل الى بلدان العالم الإسلامي، وهذا ما يستوجب من الحكومات في البلدان الإسلامية، وضع الخطط العاجلة ورصد الميزانيات الطارئة لاستيعاب مثل هذه الانهيارات. وإلا فان من التوقع ان تجرف الانهيارات معها الحكومات التي لم تضع حسابا لهذه الانعكاسات على حياة الناس. ولربما كشف هذا للمسلمين ضرورة ان يكون اقتصادهم اقتصادا مستقلا، ورفع من مستوى التجارة البينية في العالمين العربي والإسلامي.
أما قلقنا كمسلمين نعيش في الغرب، فهو قادم من نار العداء التي تأججت بعد حادث 11 سبتمبر، والتي هي موجودة من قبل في ثقافة الغرب عن الاسلام، وإذا ما حصلت انهيارات اجتماعية ولم تستوعب من قبل الأنظمة الاجتماعية في الغرب، فان من المتوقع ان ترتفع وتيرة العداء للمسلمين. ويدفع تطرف البعض الى صب جام غضبهم على المسلمين في الغرب باعتبارهم السبب الرئيسي لكل ما حدث لهم، حسب ما صور لهم الإعلام المضاد.

عباد الله… لا أريد هنا أيها الأحبة، ان أزيد من وتيرة القلق عندكم أو عند أي إنسان مسلم أو غير مسلم. بل أريد لكم الاطمئنان بصورة دائمة، فما من حدث يحدث على الأرض، وما من تحول تاريخي في مسار البشرية إلا ولله سبحانه وتعالى فيه حكمة وسنة. \”لله الأمر من قبل ومن بعد\”. ولكن بصف ما يجب علينا اتخاذه من تدابير لتخفيف الآثار السلبية للانهيارات، علينا أيضا ان نبحث عن بصيص النور في عتمة هذه الظلمة، وآفاق اليسر في شدة العسر. وان لا نترك للأحداث فرصة أعاقتنا عن الفاعلية والعمل، وان نجعل هدفنا ورغبتنا خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى.
هكذا نزل الوحي على النبي محمد (ص) في سورة الانشراح، فبعد ان ذكرت السورة المباركة مواطن الضعف والشدات النفسية التي تجاوزها النبي ببركة يد الرحمة الإلهية: \”ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي انقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك\” تقول له السورة المباركة، ان هنالك آفاق يسر في كل لحظات عسر،التي مر بهاصلوات الله وسلامه عليه. \”فان مع العسر يسرى\” ثم يؤكد الوحي للنبي (ص) ولكل مسلم، بل ولكل انسان يتابع سنن الله في التاريخ البشري، يؤكد على ان اليسر يتواجد صفا بصف مع لحظات العسر. \” ان مع العسر يسرى\” وما هو مطلوب من الانسان بعد ان يؤمن بهذه السنة في الحياة ان يقوم بأمرين:

1- أن لا يسمح للحظة الشدة أن تعوقه عن عمله ونشاطه اليومي. \”فإذا فرغت فانصب\” فبمجرد ان تنتهي من عمل عليك أن تلتزم بعمل آخر، ولا تكبل نفسك بضغوطات اللحظة النفسية القاسية.

2- أن يكون قصدك وهدفك وغايتك ورغبتك هو الله سبحانه وتعالى، لا كسب رضا هذا الطرف المتجبر، أو ذلك التيار المتطرف. \”والى ربك فارغب\” وتعالوا أيها الأحبة.. نبحث عن آفاق اليسر في هذه اللحظات التاريخية الحرجة، وعن بصيص النور في هذه الظلمة الدامسة.

تقول التقارير: تشهد مبيعات الكتب والمنشورات التي تتحدث عن الاسلام إقبالا كبيرا في ألمانيا وذلك على اثر الهجوم على مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك ووزارة الدفاع الأمريكية في مدينة واشنطن. وتشير المعلومات المنشورة بهذا الصدد الى ان هذه المجموعة الهامة من الكتب والمنشورات أصبحت الأكثر رواجا في الأيام الأخيرة الماضية وقد أعلن بعض تجار الكتب والمشرفين على المكتبات ان ما كان متوفرا من الكتب عن الاسلام اختفى من الرفوف.
كما نفذت بسرعة مذهلة نسخ القران الكريم باللغة الألمانية في مكتبة (تاليا) بمدينة هامبورج وقال متحدث باسم المكتبة: بعد ان ابلغنا الزبائن ان الكتب الإسلامية نفذت راح البعض يسأل عن نسخ القران باللغة العربية وقالت صاحبة المكتبة انيا لاوف ان هذه أول مرة يجري فيها الإقبال على مجموعة خاصة من الكتب بهذه السرعة مشيرة الى ان دور النشر الألمانية والسويسرية والنمساوية غير قادرة على تغطية الطلب بالسرعة الممكنة وان الزبائن مضطرون لانتظار بضعة أسابيع قبل الحصول على كتب إسلامية.
ويقوم مواطنون ألمان بمخاطبة مؤسسات إسلامية طلبا للحصول على نسخ من القران الكريم باللغة الألمانية وقالت انيا لاوف: الواضح ان الألمان يريدون هذه المرة إشغال أنفسهم بصورة مكثفة مع الاسلام.
في مدينة ميونيخ عاصمة ولاية بافاريا تنبه أصحاب المكتبات بصورة مبكرة لشدة الطلب على الكتب الإسلامية وعملت دار النشر (هاينه) الى تجهيز رفوفها بمجموعة كبيرة من القرآن الكريم بصورة كتب الجيب. كذلك زاد الطلب في ألمانيا الشرقية السابقة على كتب الاسلام ويقول متحدث باسم دار النشر (الكتاب والفن) ارتفاع مبيعات كتب الاسلام في المدن الكبيرة مثل هاله ودر يسدن وأضاف المتحدث: بما ان المرء لا يحصل من التلفزيون على المعلومات وافيه يريد الناس قراءة ما لا يعرفونه عن الاسلام.
وذكرت بعض التقارير في الدنمارك ان الطلب عن ترجمات للقران الكريم ارتفع الى ثلاثة أضعاف خلال الثلاثة أسابيع الماضية. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فخمسة أضعاف. اذا أيها الأحبة، النور في هذه الظلمة، هو رغبة هذه الشعوب للاطلاع عن قرب وبعيدا عن توجيه الإعلام المتحيز، الاطلاع على الاسلام كدين وعقيدة وثقافة.
وما علينا كحريصين على ان يتعرف الغرب على ديننا الحنيف، إلا ان نساهم في إيصال الفكرة الحق عن هذا الدين الخاتم الذي سيخسر العالم كثيرا بتخلفه عنه.

ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالأيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا… بسم الله الرحمن الرحيم : \”ألم نشرح لك صدرك * ووضعنا عنك وزرك * الذي انقض ظهرك * ورفعنا لك ذكرك * فان مع العسر يسرى * ان مع العسر يسرى * فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب\”. صدق الله العلي العظيم…
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين…