خطبة الجمعة ليوم 07/04/2000


الخطبة الاولى
الحسين محور لمجموعة شعائر

الخطبة الثانية
أثر العادات والتقاليد على السلوك

‘,’

الخطبة الاولى: الحسين محور لمجموعة شعائر

عباد الله.. أوصيكم ونفسي بتقوى الله.
وأعلموا أن من التقوى، ونحن نبحث عنها في كل صلاة جمعة إعظام وتعظيم شعائر الله سبحانه وتعالى.
وكما يقول القرآن الكريم.
\”ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب\”
والشعائر جمع شعيرة بمعنى: العلامة التي تدلك على الشيء، وشعائر الله العلامات والتعاليم الدينية التي تشهد على عظمة الرب مثل مناسك الحج وصلاة الجمعة والجماعة، وسائر مظاهر التوحيد.
ومع أن الشعيرة التي جاءت هذه الآية في سياقها – وهي الآية 32من سورة الحج – هي الأنعام التي يسوقها الحاج من منزله الى بيت الله، وقد علمها بعلامة تدل على أنها هدي، بالغ الكعبة.
مع ذلك. فان المعنى بالشعائر في الآية كل شعيرة توجد البشرية صوب الله سبحانه وتعالى، ويمثل التمسك بها تعميق التقوى بالقلوب.
والمقصود بالتعظيم إعطاء هذه الشعائر اهتماما مبالغا فيه، بقصد التقرب الى الله سبحانه وتعالى.
ولما كان أبو عبد الله الحسين، السبط الذي ادحره النبي (ص) ليواصل مسيرته الرسالية بعد نصف قرن من وفاته، والإمام الذي أراد أئمة أهل البيت (ع) له أن يكون محورا لمجموعة شعائر تربط الناس بالله سبحانه وتعالى، وتعميق التقوى بداخل قلوبهم. أعطي سيد الشهداء قداسة خاصة في القرآن الشعائري الذي لايرتقي إليه شك.
وقد وردت عدة آيات في القران الكريم والسنة النبوية المطهرة وروايات أهل البيت، ليكون المحور الكريم تشير الى هذه القداسة، منها:

1/ أية التطهير: \”إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا\”
وقد اجمع المفسرون ورواة الحديث أن أهل البيت هم الخمسة أصحاب الكساء وهم: النبي (ص) وأمير المؤمنين علي بن أبى طالب (ع\”) والصديقة الزهراء وسيد ا شباب أهل الجنة الحسن والحسين عليهما السلام.

2/أية المودة: \”قل لا أسألكم عليه أجر إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ان الله غفور شكور\” الشورى 23
وقد ذهب جمهور المسلمين الى أن المراد بالقربى هم علي وفاطمة وابناهما الحسن والحسين، وان اقترف الحسنة إنما هي في مودتهم ومحبتهم، وهنالك جملة أحاديث ينقلها الروات عن النبي (ص).
وقد جعل مفهوم هذه الآية الإمام محمد بن إدريس الشافعي، في بيتي شعر مشهورين.

يا أهل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له

وقال ابن العربي:
رأيت ولائـي آل طــه فريظـة على رغم أهل البعد يورثني القربى
فما طاب المبعوث أجرا على الهدى بتبليغـه إلا المـودة فـي القربـى

3/آية المبتهلة: \”فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين\” آل عمران آية 60
وقد اتفق المفسرون على أن لفظة \”أبناءنا\” في الآية إشارة الى الحسن والحسين عليهما السلام وأن نساءنا إشارة الى الزهراء عليها السلام، وأنفسنا إشارة الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين علي بن أبى طالب عليه السلام.

4/آية الأبرار: \”ان الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا، عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا\” الإنسان آية5الى7
والأبرار كما يقول المفسرون في هذه الآية، هم الإمام علي عليه السلام والسيدة الزهراء، والإمامين الحسن والحسين عليهما السلام. في قصة مفصلة يذكرها المفسرون.

أما في السنة المطهرة فإننا نجد اهتماما خاصا من قبل النبي (ص) بالإمامين الحسن والحسين، ليوجه أنظار الأمة الى ضرورة الاحتفاء بهما، ورفع شأنهما.
اذكر منها :

1/عن أبى سعيد اخدري قال:قال رسول الله (ص):
\”الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة\”

2/وعن سلمان الفارسي قال:سمعت رسول الله (ص) يقول:
\”الحسن والحسين ابناي من أحبهما، ومن أحبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار\”
وقال (ص) عن الحسين خاصة:
\”حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط\”
وقال:\”هذاـ يعني الحسين ـ إمام ابن إمام أخو إمام، أبو أئمة تسعة\”
أما في روايات أهل البيت، فنجد الكثير منها، التي تحث على إعطاء الإمام الحسين الدور المحوري الشعائري، عبر زيارته، أو السجود على تربته، أو قول الشعر فيه، أو إقامة مجالس العزاء عليه.
فلقد ورد عن المعصوم قوله :
\”كلنا أبواب الرحمة وباب الحسين أوسع\” و \”كلنا سفن النجاة وسفينة الحسين أسرع\”
كل ذلك من أجل أن يصبح الحسين (ع) محور لمجموعة شعائر تقربنا من الله سبحانه وتعالى، وتعميق التقوى بداخلنا.
فتعالوا أيها الأحبة، ونحن نعيش ذكريات واقعة الطف، ذكريات اللحظة التاريخية في أداء الحسين الرسالي، نستخلص من كل شعيرة حسينية ما يقربنا الى الله سبحانه وتعالى، وتعميق التقوى بداخلنا.
اللهم اجعلنا من أنصار الحسين، ومن محبي الحسين، ومن العاملين على إحياء شعائر الحسين عليه السلام.
\”قل يا أيها الكافرون…\”

الخطبة الثانية: أثر العادات والتقاليد على السلوك

عباد الله..
تمثل العادات والتقاليد في أي مجتمع، بوتقات يمرر من خلالها الأباء ثقافتهم الى الأجيال من بعدهم. كما أنها تساعد كثيرا في بلورة هوية أي مجموعة من الناس، لتريحهم من عناء الضياع وعدم قدرتهم على اكتشاف الجواب على السؤال المصيري.
من نحن؟!
ولاشك أن الشعائر الحسينية، قد تحولت في حياتنا معاشر المسلمين الشيعة، الى إبراز العادات والتقاليد، التي تميزنا عن الآخرين، وترسم لنا هوية خاصة نلتقي فيها مع بعضنا البعض وان اختلفت بلداننا أو لغاتنا أو طبقاتنا وهي في ذات اللحظة تسمح لنا بالانفتاح على الناس كافة مسلمين وغير مسلمين. فالحسين بالنسبة لنا إماما من ضمن اثني عشر إمام، مفترض الطاعة والولاء.
والحسين بالنسبة لكافة المسلمين، سبط رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة ونموذج الشخصية المثالية.
والحسين بالنسبة لغير المسلمين محورا وثائرا من أجل العدالة والحرية والمساواة. وهو شعارا للمظلومين والمستضعفين.
أو على حد تعبير غاندي:
\”تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر\”
فتعالوا أيها الأحبة: نغتنم فرصة أيام محرم الحرام، لتمرير ديننا وثقافتنا وأخلاقنا وسلوكنا المرضي من قبل الله سبحانه وتعالى الى أبنائنا، أقصد الأجيال القادمة بعدنا. سيما وأننا نلاحظ أن الأجيال الجديدة تعاني من إشكالية تحديد الهوية، وتتألم من وطيس الصراع بين ثقافتين متضاديتن في بعض وجههما.
ولن نستطيع ذلك إلا اذا على عدة أصعدة.

1/ حثهم على الظهور بمظهر المتفاعل مع هذه المناسبة، على ارتداء الثياب السوداء التي ترمن الى الحزن على قتل سيد الشهداء. وكذلك حثهم على الابتعاد عن مظاهر الزينة والفرح تأسيا بأهل البيت عليهم السلام، وتضامنا معهم في المحنة التي مرت عليهم خلال هذه الأيام.
وشرح كل ذلك لهم بالأسلوب المقنع والمشوق. ولا بأس حتى أن نضع في منازلنا أعلاما سود.

2/دفعهم للمشاركة الحضورية في مختلف أنشطة وفعاليات هذه الشعائر، وإعطاء هذه المشاركة أولويات على سواها من برامج خلال هذه الأيام العشرة.

3/تشجيعهم على أداء أدوار في هذه الشعائر، فإذا كان أحد أبنائنا أو بناتنا يستطيع أن يلقي شعرا أو يقول كلمة أو يلقي شعارا فلنفتح المجال له بذلك.

4/تحريضهم على القيام ببعض الخدمات التي تقدم للمشاركين في هذه الفعاليات عادة، كتقديم الماء، والمشروبات الساخنة، أو تقديم الطعام، ونحن بذلك نقوم بعملين في آن واحد:
1/نعلمهم خدمة الآخرين وهو مستحب.
2/نعمق ارتباطهم بالحسين (ع)
وكذلك المساهمة في إعداد الأماكن لاستقبال المعزين، واعتبار خدمتهم قربة الى الله.

5/أعانتهم على صناعة برامج يتبنونها بأنفسهم، كإقامة مجالس للشباب، وإعداد ندوات يديرونها، أو مسرحيات يؤدون أدوارها.

6/صناعة عادات وشعائر حسينية جديدة تتلاءم مع هذه البيئة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *