خطبة الجمعة ليوم 21/09/2001


الخطبة الأولى
التأمل في خلق آدم

الخطبة الثانية
لا لتشويه صورة الاسلام في الغرب

‘,’

الخطبة الأولى: التأمل في خلق آدم

الحمد لله الأول قبل الإنشاء والإحياء والآخر بعد فناء الأشياء العليم الذي لا ينسى من ذكره ولا ينقص شكره ولا يخيب من دعاه ولا يقطع رجاء من رجاه،اللهم اني أشهدك وكفى بك شهيدا واشهد جميع ملائكتك وسكان سماوات وحملت عرشك ومن بعثت من أنبيائك و رسلك و أنشأت من أصناف خلقك اني اشهد انك أنت الله لااله ألا أنت وحدك لا شريك لك ولا عديل ولا خلف لقولك ولا تبديل وان محمد\”ص\” عبدك ورسولك ،أدى ما حملته الى العباد و جاهد في الله عز وجل حق الجهاد،وانه بشر بما هو حق من الثواب وانذر بما هو صدق من العقاب،اللهم ثبتني على دينك ما أحييتني ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة انك أنت الوهاب،صلي على محمد وآل محمد واجعلنا من اتباعه وشيعته واحشرنا في زمرته ووفقنا لاداء فرض الجمعات وما أوجبت علينا فيها من الطاعات وقسمت لنا فيها من العطاء في يوم الجزاء انك أنت العزيز الحكيم.
عباد الله..أوصيكم ونفسي بتقوى الله.
واعلموا ان المزيد من التعمق في آيات كتاب الله العزيز،حول سيرة الرسل والأنبياء والصالحين ليؤكد التقوى بداخل الذات،ويدفع المرء الى المزيد من الخضوع والخشوع لله سبحانه وتعالى.
وبقدر ما يمتلك المرء من معرفة بحقائق السنن الإلهية في الكون والنفس والتاريخ والمجتمع،بمقدار ما يزداد متانة في علاقته بالله سبحانه وتعالى.
تعالوا عباد الله في هذا اليوم المبارك،وهو افضل أيام الأسبوع وابركها كما ورد في الأحاديث والروايات،ونحن نواصل تدبرنا في سيرة الأنبياء والرسل كما جاء في القرآن الكريم وأحاديث النبي \”ص\”وروايات أئمة أهل البيت \”ع\”.
تعالوا نتابع بعض الآيات التي تتحدث عن قصة الخلق الأولى،قصة خلق أبينا آدم عليه السلام،وهي قصة تدفع كل واحد منا للتأمل في خلقه واستبطان ذاته.وهو ما سيكشف لكل واحد منا عن مكوناته الأساس،وما ينطوي عليه من عوامل الضعف والقوة،ودوافع النهوض ومسببات النكوص،ودرجات التعملق ودركات التقزم،ونفحات السمو واهواء وتخلفات الانحطاط.
يقول تعالى في سورة الحجر:
\”ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من نار السموم،وإذ قال ربك للملائكة اني خالق بشرا من حمأ مسنون،فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين،فسجد الملائكة كلهم أجمعون،ألا إبليس أبى ان يكون مع الساجدين،قال لم اكن لاسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون،قال فأخرج منها فانك رجيم،وان عليك اللعنة الى يوم الدين\” الحجر/27_32.
وحسب مجمع البيان فان الصلصال هو الطين اليابس أو الطين الصلب،والحمأ هو الطين المتغير،أما المسنون فهو الطين المصبوب وقيل الرطب القابل للتشكل.
وفي سورة ص يقول تعالى:
\”وإذ قال ربك للملائكة اني خالق بشرا من طين،فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين،فسجد الملائكة كلهم أجمعون،ألا إبليس استكبر وكان من الكافرين\”ص/71_73.
هكذا إذن تم خلق الإنسان من شيئين،من مادة أرضية تتميز بالصلابة والتغير والطواعية في التشكل،ومن روح سماوي يتميز بالطهر والانتماء الى عالم الأرواح المتسامي.
وبذلك فان لكل واحد منا بعدين،وكل بعد منهما يضغط عليه باتجاه الأصل الذي ينتمي إليه،طين يضغط عليه باتجاه الأرض وكل ما تمثله من احتياجات مادية بحتة،وروح يريد ان يطير به في آفاق رحمة الله وبركاته ورضوانه.
والبعد الثاني للأسف هو ما يغفل عنه الكثير من الناس،وبذلك لا تراوح أنفسهم موقعها الأرضي.وهو الخطأ الذي وقع فيه إبليس من قبل،فقد رأينا من خلال الآيات المباركات التي تلوناها ان إبليس لم يقبل السجود لآدم بحجة انه خلق من نار وان آدم خلق من طين،وفي تقدير إبليس ان النار افضل من الطين،ولربما امتلك إبليس هذا التصور لمعرفته ان النار تؤثر في الطين اكثر من أثر الطين عليها،لكن الذي غاب عن بال إبليس هو ذلك الموجود الذي شرف الله به الإنسان،وهو الذي يمتلك خاصيات لامحدودة لا يمكن للنار ولا الطين التحلي بها.
هذا ناهيك عن ان النار ليست افضل ولا اشرف من التراب كما يذهب الى ذلك بعض المفسرين،إذ يرون ان التراب مصدر البركات كالنباتات والحيوانات والمعادن كما انه محل حفظ المياه.
وعليه فان قيمة الإنسان إنما تعظم من خلال التفاعل البناء بين الروح والجسد،فالطين المتعفن خلق منه الجانب المادي،في حين ان جانبه الروحي والمعنوي خلق بشيء سمي\”روح الله\”وبديهي ان الله سبحانه وتعالى منزه عن الجسمية وليس له روح،وانما أضيف الروح الى لفظ الجلالة لإضفاء التشريف عليها وللدلالة على إنها روح ذات شأن جليل قد أودع في بدن الإنسان.تماما كما يقال للكعبة بيت الله،ولشهر رمضان شهر الله.
عباد الله..
ان التأمل في لحظة سجود الملائكة لآدم ،ليكشف لنا ان عظمة هذا الكائن الذي تناسلنا منه إنما جاءت من خلال التفاعل بين الروح والجسد،أو على حد تعبير بعض العلماء حين وجد الروح آلة يتصرف بها.
يقول تعالى:
\”فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين\”
وهذا السجود لم يشأ الله سبحانه وتعالى له ان يتم إلا حين تكشف للملائكة،سر العظمة في هذا المخلوق الذي يجذر الخضوح له من قبل كل قوى الطبيعة التي تديرها الملائكة بإذن الله سبحانه وتعالى.
لنتابع مع القرآن الكريم لحظة سجود الملائكة ـ وهو يشير الى خضوع الطبيعةـ لآدم.
يقول تعالى:
\”وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين* قالوا سبحنك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم* قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم اقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون* وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لأدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين\” البقرة /32-34. لقد سجد الملائكة لآدم إذن حين عرفوا ان هذا الإنسان اقدر على استيعاب المعارف الإلهية منهم،وما كان للإنسان ان يصل الى هذا المستوى المرموق إلا حين تم التفاعل بين الروح والجسد. وانا معاشر البشر لنقف في كل يوم مدهشين أمام ما يتكشف لنا من معلومات عن هذا الجسد،ولازال في مركبات هذا الجسد ما هو غامض في وعي الإنسان،لكن المعلومات المحدودة التي استطاع التعرف عليها أفادته إفادة عظمى،أما الروح فان الإنسان لا يزال يجهل أولياتها. وهذه الآيات المباركات التي تتحدث عن خلق الإنسان وتركز على قضية الروح ،تحدث بداخلنا رغبة ملحة لفهم هذا الروح،وفاعليته في شخصياتنا،وكيف يمكن لنا ان نستثمر هذه الفعاليات بطرق افضل؟. آمل ان أجد الفرصة للتحدث عن الروح في خطب قادمة ان شاء الله،لنزداد علما ومعرفة بذواتنا وننجح في استثمار طاقاتنا على اكمل وجه ونعمق من علاقتنا بالله سبحانه وتعالى. وان لنا في إبليس لعبرة،حين سقط في الهاوية بعد ان نظر إلى الإنسان باعتباره جسدا فحسب ولم يلتفت الى سر عظمته وسبب رقيه وهو الروح الذي بين جنبيه. يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: \”فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد وكان قد عبد الله ستة آلاف سنه ..عن كبر ساعة واحدة فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته..\” نسأل الله سبحانه ان يوفقنا للوعي بأرواحنا التي بين جنباتنا،فنزداد إيمانا مع إيماننا ويقينا الى يقيننا. بسم الله الرحمن الرحيم \”انا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر* ليلة القدر خير من ألف شهر* تنزل الملائكة والروح فيها* بإذن ربهم من كل أمر* سلام هي حتى مطلع الفجر\”
صدق الله العلي العظيم والصلاة والسلام إلى خير خلقه محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.

الخطبة الثانية: لا لتشويه صورة الاسلام في الغرب

الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
اللهم صلي على حبيبك ونجيبك وخيرتك من خلقك محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين،وصلي يا ربنا على علي أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين،وصلي على الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين،وصلي على الحسن والحسين سيدي شباب آهل الجنة وصلي على أئمة المسلمين وهداة المؤمنين علي بن الحسين زين العابدين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد الجواد وعلي الهادي والحسن العسكري والخلف الحجة القائم المهدي،حججك على عبادة وامنائك في بلادك صلاة كثيرة زاكية دائمة.
عباد الله..
بعد الأحداث المؤسفة التي وقعت في الولايات المتحدة الأمريكية،أصدرت المرجعية الدينية عند المسلمين وجمع غفير من علمائهم ومفكر يهم وحكوماتهم والكثير من المؤسسات الدينية الإسلامية سواء في الشرق أو الغرب،أصدرت ادانات واضحة وصريحة لفاعلي هذه الهجمات الغير مبررة واعتبروها مخالفة لسماحة الدين الإسلامي الحنيف الذي يحرم قتل نفس واحدة بريئة فكيف بقتل المئات من الأبرياء.
بالرغم من ذلك إلا أننا رأينا وللوهلة الأولى لوقوع هذه الأحداث ارتفاع الدعوات في الولايات المتحدة والغرب بشكل عام التي تربط بين هذه الأحداث والإسلام،وليست هذه المرة الأولى في تاريخ الغرب المعاصر ان يربط بين أحداث عدوانية دامية والإسلام ثم يتبين لهم ان الفاعل الحقيقي لا يمت الى الاسلام بصلة كما حدث في كلاهوما في الولايات المتحدة عينها.
لكن الذي حدث في هذه المرة ان لصق التهمة بمسلمين،واعتبار الاسلام مشكلا لخلفيات عدوانية لاتباعه ضد الغرب لم يقتصر على مجرد الاتهام الإعلامي،بل امتد على طول مساحة المجال الحيوي الحضاري الغربي،متمظهرا في اعتداءات لفظية وجسدية وتخريبية ضد المسلمين وما يمت إليهم بصلة في كل رقعة يتواجد فيها مسلمون في هذا المجال.بالرغم ان التحقيقات لم تكشف بعد عن متهم حقيقي.
ففي الولايات المتحدة الأميركية،ذكر تقرير لمراسل بي بي سي مايك وولدريج:\”تعالت الصيحات المنددة بالإسلام والمسلمين منذ وقوع الهجمات على نيويورك وواشنطن،فقد حفلت برامج الحوار الإذاعية ومواقع الدردشة في الإنترنت بالتهجم على الاسلام وإدانة المسلمين،تتخللها دعوات للرد العسكري بضرب مواقع في العالم الإسلامي.فقد اخذ الغضب مكان الصدمة التي أصيب بها الأميركيون في الأيام الأولى للهجوم،وبدأ بعضهم بالتنفيس عن هذا الغضب بمهاجمة مواطنيهم من المسلمين أيا كانوا فقد وردت تقارير عديدة عن وقوع اعتداءات على المساجد ودور العبادة الإسلامية،كما هوجم العرب في الشوارع لمجرد كونهم عربا.\”ويواصل مراسل بي بي سي:\”من المحتمل ألا تكون هذه الاعتداءات المنفرة ممثلة للمزاج العام الذي يسود الشارع الأميركي،ولكنها من الخطورة بحيث حدت بالرئيس جورج بوش إلى توجيه نداء للشعب يدعوه فيه الى الامتناع عن التعرض للمسلمين،وفي حقيقة الأمر لم يكن توجيه إصبع الاتهام للمسلمين بالتسبب في الهجوم الأخير بالأمر المفاجئ،فالعداء للإسلام متأصل في المجتمعات الغربية منذ أمد بعيد …\”
أقول رغم كلمة الرئيس بوش والزيارة التاريخية التي قام بها كرئيس أميركي الى مركز إسلامي،ورغم تنديد رئيس بلدية نيويورك رودولف جولياني بالحوادث التي استهدفت أشخاصا من اصل عربي أو آسيوي في نيويورك،وغيرهما من المسؤولين الحكوميين،فقد سجلت الشرطة ـ حسب ما أفادت التقارير ـ العديد من التجاوزات ضد المسلمين،منه حوادث قتل وحادث إطلاق رصاص على المركز ألا سلامي في تكساس،وقيام مواطنين أمريكيين بالهجوم على مصالح مسلمين هناك،كما تعرضت مساجد ومراكز إسلامية ومسلمون لهجمات بربرية في كندا ونيويورك وواشنطن وشيكاغو.
وذكرت صحيفة ألتا يمز البريطانية ان عشرات الأشخاص راحوا يرددون الشعارات المعادية للإسلام وهم يحملون الأعلام الأميركية،وانهم حاولوا اقتحام أحد المساجد في الضواحي الجنوبية في شيكاغو…كما أشارت الصحيفة الى وقوع هجوم بالقنابل على مبنى جالية الأمريكيين العرب والى ان أمريكيا مخمورا حاول قتل باكستانية تعمل في إحدى المحلات التجارية الصغيرة في نيويورك،كما تعرض الطلاب العرب في الجامعات الأمريكية لهجمات واستفزازات وحشية،وتعتبر المسلمات المرتديات الحجاب من اكثر الفئات تعرضا لهذه المضايقات.
وخارج منطقة الحدث امتدت موجة الاعتداءات على المسلمين والمساجد،الى دول أخرى من ضمن المجال الحيوي للحضارة الغربية،حيث شهدت الساحة البريطانية تصعيدا جديدا ضد المساجد والمراكز الإسلامية،وقال عنايات بونغوالا الناطق الرسمي باسم المجلس الإسلامي البريطاني لصحيفة الشرق الأوسط\”جاءتنا تقارير تفيد بأن ثلاثة مساجد قد هوجمت،الأول في بلفست عاصمة إقليم ايرلندا الشمالية،أما الثاني ففي منطقة توتنغ جنوب لندن والثالث في منطقة اند في شمال شرق إنجلترا.على الصعيد ذاته تعرض مسجدان آخران لاعتداءات مشابهة في اسكتلندا\”.
وفي ألمانيا أوضح المجلس المركزي للمسلمين هناك أن\”كثيرين في بلدناألمانيا وبشكل خاص المسلمون،يخشون من تفاقم الحالة الراهنة لتتحول الى مواجهات عنيفة والى تعامل حاد مع المهاجرين والمسلمين في ألمانيا\”وذكر المجلس في الرسالة التي وجهها الى الحكومة الألمانية ان\”خوف المسلمين يتعلق بوجودهم،فبعد التطورات المتوقعة من تهديدات بالقتل والقنابل،والتحريض ضد الاسلام والمسلمين،يخشى معظمنا ان يتغير المناخ الاجتماعي في بلادنا بشكل متدهور على غير صالحنا.\”وأضاف المجلس عبر رسالته\”ان المسلمين الألمان يخشون ان يصبحوا منبوذين من المجتمع،وبهذا يتم بضربة واحدة تبديد الجهود التي بذلت عبر سنوات طويلة من اجل الاندماج والحوار البناء\”.
ومن غريب الحوادث التي تحسب على ألمانيا،ما قامت به الخطوط الجوية الألمانية\”لوفتها نزا\”إذ أجبرت ثلاث نساء أرجنتينيات مسلمات من السفر على متن إحدى طائراتها التي أقلعت مساء الخميس متجهة من سانتياجو الى فرانكفورت،وفي تصريحات أدلين بها في مطار العاصمة التشيلية،اتهمت النساء الثلاث شركة الخطوط الجوية بالتمييز.واكدت النساء الثلاث ان التمييز الذي مورس ضدهن كان بسبب زيهن الإسلامي إذ ان مسلمين آخرين كانوا يرتدون اللباس الغربي واصلوا رحلتهم على متن الطائرة نفسها باتجاه مدينة فرانكفورت الألمانية.
وغير بعيد عن غرابة هذا التمييز ما حدث لطفل مسلم ذي ثلاثة عشر ربيعا في بر وكسل،فقد قررت مدرسة بلجيكية طرد طفل مسلم من اصل مغربي بسبب تساؤله عن أسباب الوقوف دقيقة حداد عندما يكون الضحايا أمريكيين ولا يفعلون ذلك عندما يكون الضحايا فلسطينيين أو لبنانيين.
وهناك خلف المحيطات في استراليا وكما ذكرت بي بي سي في 15/9/2001مان الشرطة الأسترالية تطارد رجلا ابيض يشتبه بقيامه بهجوم ضد مسجد على خلفيات ما حصل في أمريكا،كما ذكرت ان قنبلتين من نوع مولو توف ألقيتا على بناية في بر يسبين الأسترالية،لكنهما لم تتسببا إلا بأضرار مادية طفيفة من دون حدوث إصابات بشرية.ونقلت عن جماعة إسلامية ان حافلة تنقل تلاميذ مدارس من المسلمين تعرضت لوابل من الحجارة في مدينة ميلبورن،كما تردد عن تعرض مسجد في غرب استراليا للتلطيخ بالقاذورات،ومزق بعض الأستراليين الغاضبين احجبة بعض السيدات المسلمات.
وهنا عندنا في الدنمرك قالت مصادر الشرطة ان دنمركيا أوقف ووضع قيد الاحتجاز لمدة أربعة أسابيع بعد ان حاول إحراق مسجد في كوبنهاجن،كما ذكرت بعض الصحف ان مجهولين قاموا بتحطيم مطعم للبيتزا يملكه مهاجرون أكراد في منطقة دغاويه.وقد نقل بعض المؤمنين أحداث تحرشات هنا وهناك،وليس بعيدا عن مسامعكم ما تدلي به رئيسة حزب الشعب الدنمركي\”بي كاسكو\”،من تحريض ضد المسلمين في الدنمرك،وتفسير عدائي مغلوط لآيات من القرآن الحكيم.وقد سبق لي وان تعرضت للفهم الخاطئ عند هذه المرأة لآيات الكتاب العزيز،واني أكرر استغرابي لافتقار هذا الحزب لمستشارين في شؤون الاسلام والمسلمين،سيما وهم يراهنون على تشويه الصورة عنهم لدى الرأي العام الدنمركي.
عباد الله..
بالتأكيد لا يمكننا ان ننسى المواقف الرسمية من قبل مسؤولين في الحكومات الغربية حاولت ان تؤثر على النعرة العدائية التي أثارها الإعلام ،من قبيل تصريح وزير الخارجية الدنمركي مثلا الذي ندد فيها:\”بمن يصبون الزيت على النار ويتعرضون لفئة من السكان(المسلمين) مشيرا الى حزب الشعب الدنمركي.\”.اوالتطمينات التي حاولها الرئيس الأمريكي ذاته.لكن هذه المواقف لا تكف أبدا في تخفيف هذه الغلواء والغوغاء،بل المطلوب اتخاذ خطوات إجرائية لحماية المواطنين المسلمين في هذه البلدان وكذلك المقيمين،وان اشد ما نخشاه ان يتحول الضغط المتطرف المغذى من الإعلام المتحيز الى قوانين وتشريعات تخل من ميزان المساواة بين المسلمين وسواهم،كما حدث بالنسبة لقانون الأجانب في الدنمرك.
وهنا أيها الأحبة المؤمنون أود ان الفت عنايتكم،وانظار المؤمنين في كل مكان،الى مسؤولياتنا في هذه اللحظة التاريخية الحرجة في تاريخ المسلمين في الغرب.
فقد سبق للمسلمين وان عاشوا على الرقعة الجغرافية المحسوبة على المجال الحيوي للحضارة الغربية،ولمدة تزيد على سبعة قرون،لكن الغرب بمؤسساته السياسية والدينية والشعبية نجح في طرد المسلمين،من شبه الجزيرة الايبيرية\”الأندلس\”،ولم يبق لهم اثر ألا بعض القصور والمساجد التي اعتبروها تحفا أثرية،ومع هذا الطرد رحل الاسلام أيضا.وفي تقديري ان خسارة عظيمة حاقت بالبشرية جراء فشل المسلمين في جعل أهل الغرب ينفتحون إيجابيا على الاسلام،عبر دخولهم فيه أو تعايشهم مع اتباعه.وما كان لهذه الخسارة ان تقع لوان المسلمين تجنبوا حينذاك ان يوظفوا هذا الدين العظيم لمصالحهم السياسية.
واليوم يجد الاسلام فرصة جديدة لعرض نفسه على الغرب بعيدا عن الاستثمار السياسي من قبل اتباعه الأصليين في الشرق،وبعيدا عن أجواء العلاقة الصراعية بين الشرق والغرب التي تمثلت في الحروب الصليبية أو إخراج المسلمين من أسبانيا أو الاستعمار الغربي للعالم الإسلامي.
فلأول مرة في تاريخ الغرب تصل أعداد المسلمين سواء من أهل الغرب الأصليين أو المتجنسين،الى درجة اعتبارهم اتباع الديانة الثانية من حيث العدد،وهم في حالة تكاثر كبير،ويتوقع للمسلمين في الدنمرك على سبيل المثال ان يصلوا الى 10% من عدد السكان في العام2020م.
وهذا يعني ان تحولا حضاريا يتم ببطيء وهدوء،وهذا التحول سيتم فيه اللقاء من جديد بين العلم والدين كما نرى اليوم لدى علماء الدرجة الأولى في الغرب،وهذه عين الحضارة التي ينشدها الاسلام.
كل هذا يعني أيها الأحبة،ان علينا كمسلمين ان لانكون معوقين لمستقبل الاسلام في الغرب،بل ينبغي علينا جميعا،سواء المسلمين في الشرق أو الغرب التعاون لمستقبل مشرق لهذا الدين في المجال الحيوي للحضارة الغربية،وهو من الناحية الإستراتيجية ما سيجنب الشرق والغرب حروبا وصراعات تكلف البشرية الكثير الويلات.
اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا…
بسم الله الرحمن الرحيم
\”قل هو الله أحدالله الصمدلم يلد ولم يولدولم يكن له كفوا أحد\”
صدق الله العلي العظيم والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *