مع الحسين في خطواته وكلماته – الحسين الذي نعرفه


من هو الحسين؟

الحسين:
هو الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد خاتم الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليه.

هل يكفي هذا التعريف؟

هناك من يكتفي بهذا التعريف، ومن ثم ليس الحسين في وعيه أكثر من سبط لرسول الإسلام محمد (ص) وابن لأحد الخلفاء الراشدين الأربعة في تاريخ المسلمين، ومثله مثل بقية الصحابة الذين عاشوا مرحلة بزوغ الإسلام وكان لهم شرف هذه المرحلة في تاريخ البشرية.

وعليه فمواقفه وكلماته ما هي إلا اجتهادات شخصية محدودة بالزمان والمكان الذي وقعت فيه، ولا ينبغي تحميلها أكثر من ذلك، وهي لا تستحق إعطاءها أكثر مما يعطى لكلمات ومواقف بقية المسلمين الذين عاشوا تلك الفترة التاريخية.

وهنا قد يندهش أصحاب هذه القراءة من التظاهرة السنوية الضخمة في تعظيم الإمام الحسين عليه السلام وتخليد ذكرى شهادته والاحتفاء بها وكأنها وقعت اليوم، إضافة إلى وجود عدد من الممارسات والشعائر والرموز التي تؤكد حضور الإمام الحسين الفاعل في حياة الملايين من الناس.

وقراءتنا للحسين تختلف عن هذه القراءة، إذ نرى فيه امتدادًا للرسالات السماوية، وتضحية في سبيل الله من أجل ديمومة رسالاته في حياة الناس، وبذلك يكون فهم خطوات الإمام الحسين عليه السلام وكلماته محاولة في استجلاء طريق الفلاح في الحياة والتوصل إلى أفضل السبل للتنمية البشرية وصناعة حضارة إنسانية راقية على وجه الأرض، والفوز بالجنة في الآخرة.

وفي فهمنا هذا لخطواته وكلماته عليه السلام، نكون على نفس النهج والمسير والخطوات والكلمات لخاتم الانبياء والمرسلين محمد (ص) وكافة الأنبياء والمرسلين من قبله.

ومن هنا يكون إحياء ذكرى واقعة الطف هو إحياء للرسالات السماوية وبالأخص خلاصتها وخاتمتها الدين الإسلامي الحنيف، في ضمائر الناس وقلوبهم ومشاعرهم.

وبالطبع فإن هذه القراءة لم تأت من فراغ، بل جاءت من المصادر المعتمدة عند المسلمين في استنباط شريعة حياتهم وثقافة مجتمعهم، أقصد بذلك القرآن الكريم والسنة الشريفة.

فالحسين تجد له وجودًا في القرآن الكريم، كما أنه حاضر في سنة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

من هنا تأتي قيمة هذه الوقفات مع خطوات وكلمات الإمام الحسين عليه السلام.

وللمتابع أن يقرأ تفاسير القرآن الكريم خلال هذه الأيام، ليجد أن الحسين عليه السلام حاضر في هذه الآيات وآيات غيرها.

١. سورة آل عمران, الآية 61:
*فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين*

٢. سورة الإنسان, الآية 8:
*ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا*

٣. سورة الشورى, الآية 23:
*ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور*

٤. سورة الأحزاب, الآية 33:
*وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا*

وفي أحاديث رسول الله ( ص) تجد الحسين حاضرًا في عدد ليس بالقليل منها، ومن أبرزها قوله:

(*حسين مني وانا من حسين، احب الله من أحب حسينا*)

(*الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة*)

(*حسين سبط من الأسباط*)

(*الحسن والحسين إمامان*)

وهذا الفهم للحسين عليه السلام، يجعله مقدمة ضرورية لفهم غايات الديانات السماوية، التي نعتقد أنها المقوم لسلوك الإنسان الفرد والجماعة والدول والحضارات.

ولعل أبرز ما يعزز هذه القراءة للحسين عليه السلام في خطواته وكلماته ومواقفه، الزيارة المشهورة التي يخاطب بها الزائرون لقبر الحسين عليه السلام في كربلاء منذ ما يزيد على ألف سنة، حيث علمها الإمام جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، لزائري جده عليه السلام :

*السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك ياوارث ابراهيم خليل الله، السلام عليك يا وراث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله…*

بقي أن اذكر بملاحظة وجدتها في بعض خطابات علماء ومفكرين وخطباء لدى تعرضهم لعدد من المواضيع في مواسم عاشوراء، لمحاولة معالجة الواقع برؤية دينية، أن الحسين عليه السلام قد يكون غائبًا عن هذه الخطابات، باعتباره امتدادًا للرسالات السماوية، وإذا وجد فليس أكثر من استذكار المأساة التي وقعت في يوم عاشوراء، الأمر الذي يصنع فصلًا لاشعوريًا في ذهنية المتلقي بين الخطاب المعاصر وتضحيات الإمام الحسين عليه السلام لديمومة الأديان في واقع البشرية.

ويعزز ذلك أيضًا عدم الموازنة بين البعد العاطفي في الاستعراض المأساوي لما وقع على الحسين وأهل بيته الكرام، والبعد المعرفي الإنساني والديني في إحياء الذكرى.12:27

أحاول في هذه الوقفات مع خطوات وكلمات الإمام الحسين عليه السلام في طريقه إلى يوم شهادته، أن أستلخص البصائر والدروس والعبر التي تنفعنا في حياتنا، لعلي أقدم بعض ما يمكن الاستفادة منه في هذه الأيام الحسينية المباركة.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *